يجزم خالد العلي، المتخرج حديثاً من كلية الآداب في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، بأن التحاقه بقسم التاريخ"كان أكبر غلطة ارتكبها في حياته"، ويعزو السبب إلى البطالة التي يعيشها منذ تخرجه قبل ثلاث سنوات، وعدم تحرك الجهات المعنية لاستحداث فرص وظيفية تتوافق مع شهادته، وترضي شيئاً من طموحه كخريج جامعي قضى نحو أربع سنوات على مقاعد الدراسة الجامعية. ولا تختلف الحال كثيراً مع هلال الغامدي، خريج الدراسات الإسلامية، الذي تخرج قبل خمس سنوات، ولم يجد وظيفة تتناسب مع مؤهلاته، إذ يقول:"نصحني بعض الأصدقاء بالالتحاق بدورة دبلوم الإعداد التربوي، كي أجد فرصة وظيفية في حقل التعليم، ففعلت من دون تردد". ولكن أحلام هلال بوظيفة"محترمة"تبددت مع تأخر وزارة التربية والتعليم في الإعلان عن وظائف لخريجي الدراسات الإسلامية، فاضطر إلى العمل في شركة خاصة براتب ضئيل"لا يسد الرمق". ويؤكد مراقبون وجود تخصصات جامعية يمكن وصفها بپ"المستهلكة"لكون المتخرج فيها يجد نفسه أبعد ما يكون عن تكوين مستقبل وظيفي، ويمكن القول ان جُل هذه التخصصات"نظرية"، ولكن رئيس قسم الإعلام في كلية الآداب في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور عبد الرحمن حبيب، يرى أن"إغلاق تخصصات معينة لمجرد عدم حصول المتخرج فيها على وظيفة ليس الحل الأمثل لهذه القضية"، ويعلل ذلك بأن"الدراسة الجامعية ليست للحصول على وظيفة فقط، وإنما لتأهيل الخريج لمواصلة الدراسات العليا، إلى جانب خدمتها لمجالات البحث العلمي". ويلمح الدكتور حبيب إلى"وجود تخصصات فرعية دقيقة داخل هذه التخصصات لا يزال المجتمع في حاجة إلى وجودها، وتخدم مراكز الدراسات والأبحاث العلمية في شكل كبير". وطالب الدكتور حبيب بپ"تفعيل التنسيق بين الجهات المسؤولة المتمثلة في وزارات التخطيط والخدمة المدنية والتعليم العالي، لوضع خطط مشتركة تقوم على حصر نسب القبول في عدد من الاختصاصات، وتوجيه الطلاب لاختصاصات أخرى أكثر فاعلية تضمن للخريج مستقبلاً وظيفياً ومهنياً جيداً". لكن هذا الكلام لا يقنع الخريجين خالد وهلال اللذين يشعران بالأسى، ويلعنان"الحظ"الذي أوقعهما في مثل هذه التخصصات، ولكنهما حتى اللحظة لا يعرفان على من يلقيان باللائمة، هل على النسبة أم الجامعة أم سوق العمل.