قالت مصادر سياسية ان رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون لن يتريث في هجومه على الحكومة الى ما بعد عقد الجلسة المقبلة لمؤتمر الحوار الوطني في 28 الجاري، مؤكدة انه قرر ان يفتح النار عليها مستخدماً كل الأسلحة"المشروعة"من سياسية وإعلامية. وعزت السبب الى أن عون قطع الأمل في إمكان التوصل الى تسوية مع قوى 14 آذار يمكن ان تؤدي الى التوافق على آلية دستورية لتقصير الولاية الممددة لرئيس الجمهورية إميل لحود تتيح انتخابه خلفاً له. وأضافت المصادر أن عون قرر أن يقطع كل أشكال التواصل السياسي مع قوى 14 آذار التي باتت تفضل، من وجهة نظره، بقاء الرئيس إميل لحود في سدة الرئاسة على انتخابه خلفاً له. لذلك سيحاول الثأر منها بتشديد حملاته السياسية ضد الحكومة مستفيداً من تناغمه مع ولادة الجبهة السياسية التي تحضر لإطلاقها قوى حليفة لسورية. ولفتت الى ان عون يلتقي كلياً مع رئيس الجمهورية طالما ان الحملة لا تستهدفه وتركز على خصومه الذين لن يتوقفوا عن المطالبة باستقالته او بتنحيه عن رئاسة الجمهورية. لكن المصادر ذاتها لا تعلق أهمية على التناغم القائم بين عون والقوى الحليفة لسورية التي ليس في مقدورها الاستقواء بجبهة سياسية جديدة، ما لم يكن هذا التناغم مفتوحاً على رغبة التحالف الشيعي المؤلف من"حزب الله"وحركة"أمل"في تطيير الحكومة لمصلحة أخرى تأخذ في الاعتبار توسيع المشاركة السياسية فيها. ورأت المصادر ان الحزب والحركة لن يتعاطفا كلياً مع عون في معركة ترحيل الحكومة لمصلحة حسابات خاصة بپ"التيار الوطني الحر"، خصوصاً ان الأمر في غاية الصعوبة التي توازي صعوبة دفع لحود الى الاستقالة. واعتبرت المصادر ان هناك قواعد جديدة في اللعبة تنطلق من الإبقاء على الحكومة ما دام لحود باقياً في سدة الرئاسة، وبالتالي فإن التحالف الشيعي ليس في وارد سحب الوزراء الشيعة من الحكومة على الأقل في المدى المنظور لأن أي قرار في هذا الحجم يعني ان الحزب والحركة قررا الدخول في مواجهة مباشرة تتجاوز قوى 14 آذار الى رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري. وأضافت ان التحالف الشيعي يمكن ان يتناغم مع عون لبعض الوقت، لكنه لن يذهب معه بعيداً الى حد اتخاذ قرار بالانسحاب من الحكومة لما لهذا القرار من حسابات سياسية محلية وإقليمية تختلف بالتأكيد عن حسابات عون وتعني الحزب والحركة اللذين ليسا على استعداد للدخول في إشكال مع الدول العربية الداعمة للحوار والتي ما زالت تدرس جدوى القيام بمبادرة في اتجاه دمشق وبيروت في محاولة جادة لإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية ? السورية. وقالت انه كان في وسع التحالف الشيعي الانسحاب من الحكومة عندما علق الوزراء الشيعة حضورهم جلسات مجلس الوزراء، مشيرة الى ان المملكة العربية السعودية ومصر ضغطتا في حينه على الأكثرية في البرلمان ناصحة إياها بضرورة استيعاب المشكلة وقطع الطريق على انسحابهم من الحكومة. وتابعت ان الوزراء الشيعة عادوا عن قرارهم بناء لتدخل سعودي - مصري مباشر على قاعدة إيجاد حل للمشكلة مهما كلف الأمر وبالتالي لا يبدو ان للشيعة رغبة في تأزيم الوضع لما يترتب عليه من انزعاج عربي، على رغم ان الجهود العربية لم تثمر عن تحضير المناخ لبدء الحوار السوري - اللبناني باتجاه اعادة تطبيع العلاقات. وهنا لا بد من الاشارة الى ان للحزب والحركة حسابات غير حسابات القوى الأخرى الحليفة لسورية على رغم تحالفها معها، وهذا ما يظهر من حين الى آخر من خلال تعاطيهما مع قرار عون الترشح الى رئاسة الجمهورية. فالواضح على هذا الصعيد أن القوى الحليفة لسورية باستثناء"حزب الله"وپ"أمل"تدعم ترشح عون مع انها لا تملك قدرة على التأثير في البرلمان بعد خسارة أبرز رموزها في الانتخابات. بينما للتحالف الشيعي حضور نيابي بارز ومميز يكتفي حالياً باعتبار عون أقوى المرشحين وأكثرهم جدية. والتحالف الشيعي لن يضع منذ الآن كل أوراقه الرئاسية في سلة عون لأن له حسابات يدقق فيها لاحقاً في حال أكمل لحود ولايته الممددة. وبالتالي فإن التحالف سيتناغم مع عون في حدود معينة في هجومه على الحكومة، لجهة عدم الدفاع عنها أو التصدي للذين يطلقون النار عليها، وذلك انطلاقاً من رغبة الحزب بعدم تعريض ورقة تفاهمه المشترك مع"التيار الوطني الحر"الى انتكاسة، مقدراً أن الأخير لن يبادر الى التخلي عنها خوفاً من تأثيرها السلبي في تصنيف زعيمه وحتى إشعار آخر على انه الأقوى من بين المرشحين للرئاسة، لأن افتقاره الى تأييد الحزب سيخرجه حتماً من المنافسة. وعلى هذا الصعيد أيضاً، فإن"التيار الوطني"لا يرتاح كلياً الى موقف البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الذي كان أعلن أخيراً ان لحود ربط مصيره بسورية وأن رئاسة الجمهورية فقدت هيبتها من دون أن يصعّد في موقفه وكأنه يراهن على عامل الوقت، عله يساعد في التوصل الى توافق في موضوع رئاسة الجمهورية لا يكون لمصلحة عون. كما ان تراجع بعض الأطراف الأساسيين في قوى 14 آذار عن المطالبة باستقالة لحود لا يريح عون الذي يتصرّف على ان عامل الوقت لن يكون لمصلحته في حال استمرار لحود في سدة الرئاسة حتى انتهاء ولايته لأنه سيعوق انتخابه رئيساً في اعتبار انه ليس من المرشحين المصنفين في خانة التوافق.