قال مصدر نيابي يواكب الاستعدادات الجارية لبدء الحوار البرلماني الخميس المقبل في ساحة النجمة، ان الاطراف المشاركة فيه ليست متمسكة ببقاء رئيس الجمهورية اميل لحود في سدة الرئاسة وانه يستمر في منصبه بقوة التناقضات المترتبة على الاختلاف بين القوى السياسية حول الرئيس الجديد. وأكد المصدر النيابي لپ"الحياة"ان الاطراف السياسية المتحالفة مع سورية او المحسوبة عليها، كانت بدأت تتناغم اخيراً مع قوى 14 آذار في شأن استقالة لحود وان الاختلاف بينهما لا يعود الى معرفة شخصية الرئيس البديل فحسب وانما لإصرار الاولى على دعمها لترشح رئيس"تكتل التغيير والاصلاح"النيابي ميشال عون لرئاسة الجمهورية، باستثناء"حزب الله"وحركة"أمل"اللذين يأخذان على الاكثرية تفردها في ادارة ملف انتخابات الرئاسة من دون التشاور معها. ولفت المصدر الى ان الحزب، وان كان يعتبر بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، العماد عون مرشحاً جدياً للرئاسة، يلتقي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عدم الدخول في لعبة الترشيحات. وأضاف ان بري كان اول من فتح معركة الرئاسة الاولى وانما على طريقته عندما قال انه يقف وراء البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير وهذا ما اكده عندما التقى اخيراً وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. ورأى ان بري كان اخذ لنفسه منذ ما قبل اجراء الانتخابات النيابية مسافة عن لحود عندما صرف النظر عن اللقاء الدوري الذي كان يعقد بينهما كل يوم اربعاء، اضافة الى انه توافق مع الاكثرية على عدد من اقتراحات ومشاريع القوانين التي صدقها المجلس النيابي ولقي بعضها اعتراضاً مباشراً من لحود. واعتبر المصدر ان بري لم ينتظر كلمة السر السورية في ما يتعلق برئاسة الجمهورية، وقال انه كان السبّاق الى التناغم مع الاكثرية حول مطالبتها باستقالة لحود، لكنه يتباين معها في الرأي حيال الآلية التي يجب اتباعها انطلاقاً من شعوره بأنه يجب ان تبقى سياسية وتأتي ترجمة للتوافق بين الكتل النيابية. وإذ شدد على ان بري يخوض معركة الرئاسة بهدوء وانه يلتقي مع البطريرك صفير حول قطع الطريق امام احتمال حصول فراغ دستوري، اكد في المقابل ان"حزب الله"لم ينتظر التعليمات السورية ليحدد موقفه من بقاء لحود او استبدال رئيس آخر به، لا سيما ان لا مصلحة لفريق سياسي في الرهان على ورقة خاسرة. وتابع ان"حزب الله"وان كان يتصرف على قاعدة التحالف مع سورية، ليس في وارد التفريط بمصلحته لمصلحة أي موقف سوري من الرئاسة، موضحاً ان الحزب لم يدخل طرفاً في السجال للدفاع عن لحود بمقدار ما انه يحذر من التفرد في الموقف او اللجوء الى الضغط في الشارع مبدياً استعداده للانفتاح على الآخرين ومسجلاً مآخذه عليهم لجهة عدم التشاور معه. وأكد المصدر ان التحالف الشيعي ليس في وارد الالتحاق بركب الداعين الى استقالة لحود في حال اقتصر دوره على الوقوف الى جانب الاكثرية للإطاحة به من دون ان يحق له ابداء رأيه في الرئيس البديل"وكأن المطلوب منه التسليم على بياض للأكثرية من دون سؤالها عن المرحلة السياسية التي تلي المجيء برئيس جديد". وأشار ايضاً الى ان الجميع في المجلس النيابي بات على قناعة بأن هناك صعوبة امام لحود للاستمرار في سدة الرئاسة"لكن الاختلاف يكمن في ان الاكثرية تريد ان تأتي برئيس جديد على قياسها بدلاً من ان يكون على قياس البلد والتحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها". وأضاف ان التحالف الشيعي"يرفض التعاطي معه على انه جمعية خيرية لتوزيع المساعدات السياسية من دون اشراكه في تقرير مصير الرئاسة الاولى، خصوصاً ان"حزب الله"في حاجة الى تطمينات من اجل تبديد هواجسه، تماماً كحاجة الاكثرية الى تطمينات مماثلة بالنسبة الى مخاوفها ازاء تفاقم الأزمة السياسية في البلد". ورداً على سؤال قال المصدر ان التحالف الشيعي"يقرأ جيداً التحولات السياسية في البلد ويحاول جاهداً التكيف معها، رافضاً أي محاولة للزج به في مغامرة سياسية خاسرة سلفاً لكنه يسأل عن دوره طارحاً اكثر من علامة استفهام حول استبعاده لا سيما ان استقالة لحود لن تتم الا عبر توسيع رقعة المشاركة السياسية في ظل استبعاد المخرج الدستوري". ويعترف المصدر بأن"النظام السوري وان كان يرى في استمرار لحود عبئاً سياسياً عليه، لن يفرط بهذه الورقة تحت تأثير الضغط العربي والدولي وعلى خلفية ضمان بقاء هذا النظام وعدم تهديده من دون ان تأتي الضمانات مقرونة بمجموعة من العناوين الخاصة بمستقبل العلاقات اللبنانية - السورية شرط الاستجابة الكلية لنتائج التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". ويؤكد المصدر ان التحالف الشيعي"ليس مستعداً لربط مصيره كلياً بالنظام السوري المتحالف مع طهران وان في وسعه توفير الضمانة لبعض المصالح السورية في لبنان شرط ان لا تهدد مصلحته الوطنية"، مشيراً الى اصرار السيد حسن نصرالله على مخاطبة قوى 14 آذار"بنبرة عالية تأتي من باب الضغط لفتح الحوار السياسي المباشر حول رئاسة الجمهورية من ناحية ولإشعارهم بأن مشكلة بهذا الحجم لا تحل عبر اللجوء الى الشارع". وبكلام آخر، فإن السيد نصرالله يلوح باستخدام الشارع من باب الرد على الآخرين بغية اقامة حد ادنى من توازن الرعب قبل العودة بالحوار الى الطاولة داعماً المبادرة التي اطلقها بري على هذا الصعيد، لا سيما انه يحرص منذ مدة طويلة على التأكيد في نهاية كل خطاب ان يده ممدودة في اتجاه الجميع من دون استثناء. كما ان التحالف الشيعي ينظر الى الحوار النيابي الذي يتزامن مع اشتداد الضغوط على لحود حتى من اقرب المقربين اليه، على انه يشكل فرصة للبحث في كيفية اعادة تركيب لبنان بالمعنى السياسي للكلمة، آملاً بأن ينتهي الحوار الى التوافق على جدول اعمال سياسي يكون بمثابة البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية التي يجب ان تشكل فور بدء ولاية الرئيس العتيد.