يلعب الهاتف الجوال دوراً رئيساً في التواصل بيننا، حينما أمسكنا به ظننا انه الدنيا كلها، اجتمعت بين اصابعنا، وبمجرد الضغط على عدد قليل من الأزرار نستطيع ان نتواصل مع شخص آخر في أي مكان من العالم المترامي، الذي كنا نسميه قرية صغيرة، كل هذا في ما مضى. قبل انتشار هذا الجهاز العجيب كانت المسلسلات العربية تستعرضه في الاعمال البوليسية والاستخباراتية بوصفه اختراعاً لا تستطيع اجهزة البحث الامساك بحامله بسهولة، اذ كان امراً في غاية الصعوبة نظراً الى انه"جوال". اما الآن وبعدما اصبح الجميع يحمله، من الاطفال مروراً بالنساء الى الشيوخ، الجميع يستطيع الاستغناء عن هذا الاختراع الذي تطورت امكاناته لتصبح كومبيوترية، فتستطيع ارسال عشرات الرسائل في دقيقة واحدة الى مجموعة من الاشخاص، واعتنت الفضائيات بهذا الرفيق المطيع في قبضة اليد، فخصصت له قنوات لاستقبال الرسائل من الشرق الى الغرب، ومن الغرب الى الشرق ليتواصل الناس عبر ما يسمى رسائل SMS لتحدث طفرة تطويرية في عالم"الشات"، الذي لم يعد قاصراً على استخدام الكومبيوتر، فنستطيع ان"ندردش"عبر الجوال والقنوات الفضائية ليتم تبادل الرسائل بين الاصدقاء والاقارب حتى في كثير من الاحيان يكون هؤلاء الاصدقاء في بلد واحد، أو مدينة واحدة، والتطور لا يتوقف ابداً عند حد، فالآن ايضاً صار في امكانك ان ترى من تخاطبه على الجانب الآخر، مهما بعدت المسافات بينك وبينه، ليقوم أي انسان بدور المراسل الصحافي من بلد الى بلد فقط لأنه يحمل هذا الجوال الاختراع العجيب، حتى الصحف والقنوات الاخبارية الآن تقدم خدمة ارسال الاخبار عبر"الجوال"لحظة وقوعها، وقريباً جداً سينقل الحدث مباشرة عبر شاشات"الجوال"مع الاخبار المرسلة، لتوجد طفرة اعلامية عالمية تسمى"تلفزيون الواقع"، فكما يستطيع أي انسان ان يرسل رسائل عبر هاتفه الى هذه القناة او تلك، ففي امكانه ان يصور مشاهد كاملة من الحياة التي يحياها، ويرسلها الى قنوات فضائية لتبث باعتبارها تعبيراً عما يسمى"تلفزيون الواقع"والشاهد الآن على صدق ما أقول هو مقاطع البلوتوث المنتشرة جداً ? بين الشباب، وتتناقل فيما بينهم في شكل سريع من اقصى المدينة الواحدة الى أدناها"قبل ان يرتد اليك طرفك". ويصور الشباب بعضهم في مواقف كوميدية، وأخرى تراجيدية حزينة، وقد يخترعون مشهداً عالمياً يقلدونه ويرسلونه فوراً الى آخرين، وقد يسيء البعض استعمال هذا الاختراع العجيب كغيره من الاختراعات التي يساء استخدامها. المهم ان هناك جانباً يرسل وآخر يستقبل، جانب يصنع المشهد مبدع، وآخر مشاهد متلقي، وبينهما موجات تحمل مشاهد متنوعة، قد تنمي هذا الوسيلة الابداع بين الناس، الى ان تحدث في المستقبل حالة من التوحد بين المبدع والمتلقي، فتنمحي علاقات التمايز بينهما، قد تكون اليوم متلقياً عملاً واقعياً صور على الهواء مباشرة، وقد تكون بعد ثوان مبدعاً تبث عملاً واقعياً ايضاً، في طريق البحث عن الجديد على عين المشاهد، ليكون الجميع يحيا الحياة في شكل اكثر حداثية بالتعايش مع تلفزيون الواقع. حسين ابو السباع - صحافي مصري مقيم في الرياض