(ليس من المنطقي ان نصب جام غضبنا على وسائل الاتصال الحديثة دون ان ننظر الى انفسنا بتأن، ويجب ان يحاسب المستخدم السيىء لهذه التقنية، والا يحاسب الجميع بجريرة الآخرين فالمسجات تعتبر اختراعا مذهلا لغايات سامية لكن هناك بعض الشواذ الذين يحيلون كل جميل الى اللون القاتم وهو لا يجب ان يحاسبوا دون غيرهم) هذا راي الشاب احمد الشويح الذي يعمل مدرسا بمدينة الرياض وهو يجيب عن سؤال وجهته له حول رأيه في قضية الرسائل الالكترونية. (المسجات) التي تبث عبر الفضائيات حتى اضحت تشكل تهديد مباشرا لاخلاقيات ابنائنا وبناتنا وهم داخل بيوتهم. لقد اصبح التصدي لبعض القنوات الفضائية التي تبث سمومها على مدار اليوم واجبا على الجميع بعد ان سهلت استباحة الحرمات وتجاوزت الاخلاق والتقاليد الراسخة وطاب لها ان تنخر في جسد الامة في محاولة لجر شبابها كما تفعل المخدرات تماما، الى الهاوية.. لا يمكن ان تستمر هذه القنوات التي هيأت مساحات للتراسل في المضي في غيها محولة الشاشات الى صفحات للغزل، عفيفه وبذيئه، والاقتتال بكل صوره وما كان عيبا الى امر معتاد يمر وكأنه لا احد يدري او يسمع. ما نراه اليوم من تجاوزات تبرز من خلال رسائل الفضائيات التي يتبادل الشباب من خلالها كلمات الغزل والغرام.. وما كان سابقا يندرج تحت قائمة العيب.. يشير الى ان ثمة تحولات كبيرة حدثت في عقلية الجيل الجديد. ولكن.. يبرز سؤال آخر: لماذا غاب الخجل العادي وليس المرضى عن شبابنا اليوم. ومن المسؤول عن الانفلات الذي حدث في مفهوم كلمة العيب بالنسبة لهم. الاسرة ام المدرسة. ام الفضائيات؟! يدافع ماجد السالم عن مجتمع الشات بشكل عام وخاصة التعارف والتخاطب عبر مسجات التليفزيون ويري انها قد قادت لتكوين الكثير من الصداقات بين الشباب، وقال: بالعكس هو خير وسيلة لشغل وقت الفراغ خاصة في العطلات.. فاغلب اصدقائي يسافرون الى الخارج.. ومن دون هؤلاء الذين لعبوا دور البديل.. ماذا كنت سأفعل؟! ويطرح علي عبدالله السؤال نفسه ويقول: عادة مايعترض الكبار على كل امر نقوم به. لذا فضلنا تجاهلهم فهم يعترضون على سهرنا، وعلى تجولنا في المراكز التجارية، وعلى دخولنا للانترنت، واليوم يعترضون على رسائلنا الفضائية. رغم انها بريئة وللتسلية لا غير فلم كل هذا الرفض والتذمر؟ ويتحدث علي عن تجربته قائلا: قررت ان ارسل الرسائل باسمي الصريح منذ البداية فهناك آلاف الاشخاص اسمهم علي عبدالله حتى الوالد نفسه حين اخبرته امي بالامر سألني نفيت له ان اكون انا صاحب هذه الرسالة. تستهجن امل محمد هذه السلوكيات، وتقول: تفاخرت بعض زميلاتي في المدرسة بهذه الرسائل وفي البداية اغراني الامر فما المانع من ارسال كلمات الحب والتقدير لاحدى الصديقات او المدرسات خاصة من باعدت بيننا وبينهن المسافات وتركن المملكة وعدن لبلادهن؟ ولكن سرعان ما تراجعت حين اخبرتني احدى صديقاتي بما حدث لها! هذه الصديقة ارسلت ذات يوم تهنئة لقريبة لها في بلدها بمناسبة نجاحها بتفوق. ووجدت ان الرسالة اقل تكلفة من الاتصال الهاتفي فاصبحت ترسل لها الرسائل كل فترة حتى فوجئت ذات يوم بشاب يطلق على نفسه اسم (قرصان الحب) يرسل لها رسائل الغزل بل ويسألها بلا خجل عن لون شعرها وعينيها عن كونها جميلة ام لا! عاشت صديقتي في رعب فالشاب يعرف اسمها بالكامل ورقم هاتفها وبدأ يطاردها باتصال وهي لاتدري كيف تتصرف معه حتى عرفت والدتها بالامر ولم تصدق انها بريئة وانها كانت تراسل صديقتها وحرمتها من هاتفها النقال ولم تعد تثق بها كالسابق. وتشاركها شقيقتها ايناس الراي وتقول: اصبحنا في زمن غريب لا خصوصية فيه للعلاقات النسانية ومازلت لا افهم ما حاجة الشخص لارسال تهنئة بمناسبة عبر شاشات الفضائيات بحيث يقرأها الجميع؟! في السابق كان مجرد شك الشخص في ان هناك من سيقرا رسالته يشعره بالغضب اما اليوم فالرسائل باتت على المكشوف ولا ادري ان كانت هذه احدى نتائج زمن العولمة الذي نعيشه ام لا. ويتحدث اشرف السامر عن الخصوصية في هذا الجانب متسائلا: اذا كنت ارغب في تهنئة صديق بنجاحه او زواده فهل من الضروري ان يقرأ العالم باسره رسالتي له؟! اين الخصوصية وجمالية العلاقة بيننا؟! ويرى السامر ان الصداقات التي تنشأ من خلال هذه الرسائل فاشلة بعيدة عن الواقع تشبه هذه الصداقات الى حد بعيد تلك التي تقوم عبر برامج الدردشة عبر الانترنت! وقال السامر ان الشاب الذي يقوم بهذا ليس بلا اخلاق او قيم بل هو ضحية الفراغ. ويجد في هذه الرسائل وسيلة للتسلية بالنسبة له. ويجيب عبدالله ابراهيم عن هذا التساؤل فيقول: اخلاق شبابنا من صنعنا نحن فالتربية في البيت ومن ثم في المدرسة لماذا نتهم الفضائيات. هي مجرد قنوات تهدف للربح بالدرجة الاولى وتسير على مبدا (الغاية تبرر الوسيلة) فلماذا نترك ابناءنا عرضة لها ولا نحصنهم بالتربية ولانزرع فيهم القيم منذ الصغر. بل يترك الطفل للتلفاز يربيه كيفما يشاء.. ويعطى ابن الست سنوات هاتفا نقالا بلا اي اعتراض او رقابة! غير ان عبدالرحمن آل جعفر يخالفه الرأي ويقول: الفضائيات هي المسؤولة عن هذا فهي التي اتاحت للشباب هذه الفرصة.. وحققت الربح ولو على حساب قيمنا واخلاقنا.. فالشاب فضولي بطبعه.. ويغريه كل جديد جذاب وسريعا ما يشعر بالملل، والدليل انه يغير هاتفه النقال كل فترة لاهثا خلف الجديد وكذلك الامر بالنسبة لهذه الرسائل التي وجد فيها اثارة جديدة. ووسيلة لشغل وقت الفراغ والتسلية فلم يتردد فالذنب ليس ذنبه او ذنب اسرته. بل ذنب القائمين على هذه الفضائيات. ويواصل آل جعفر بقوله: ان للاعلام دورا توعويا وتثقيفيا مهما. ورغم ذلك نجده لا يمارس دوره هذا الا نادرا. ويغري الشباب بكل الوسائل كي يحقق اكبر هامش ممكن من الربح! ويقول لماذا نلقي اللوم على الاسر؟! هل هناك ام توافق ابنتها على سلوك كهذا او اب يوافق ابنه على مغازلة البنات على الهواء مباشرة؟! مستحيل. ولكن حتى الاسر تقف عاجزة اليوم امام هذه الهجمات القوية التي تشنها الفضائيات على ابنائها. ويلقي عبدالرحمن باللوم كذلك على رفقاء السوء الذين لهم دور اساسي في انحراف الشاب او الفتاة. وتحكي سارة ع. عن امكانية الاستفادة من هذه التقنية قائلة: تمكنت بفضل هذه الرسائل من تحقيق التواصل مع اختي التي تدرس في الخارج، فاستخدمت اسما مستعارا اتفقت معها عليه وحجبت رقمي بعد ان عرفت ان احدى صديقاتي تعرضت للكثير من المضايقات والمعاكسات من شباب عابث فهذه وسيلة اتصال كغيرها وكذلك كغيرها هناك من يسيء استخدامها وهي بريئة من هذه الاساءة فاللوم يقع على بعض الشباب العابث واقول بعض حيث لا يجوز التعميم فلا احد ينكر ميزات الانترنت ورغم ذلك هناك من اساء استخدامه. وستبقى ايجابيات وفوائد الرسائل الفضائية حاضرة. يقول حامد منصر: اننا امام ظاهرة سيئة جدا ودليل على تدني مستوى هذه المحطات التي تبثها، واشعر بالاشمئزاز كلما رأيتها مصادفة واخشى كثيرا على ابنائي الذين سيدخلون طور المراهقة، واحس بالرعب عندما افكر فيما ستصل اليه هذه الرسائل بعد سنوات لان هذه الظاهرة في ازدياد خاصة بتزايد المحطات التليفزيونية التي تبث برامجها على مدار الساعة ويتابع: لا يكفينا ما نسمعه ونشاهده من فن رخيص حتى يأتينا الجوال والتلفزيون بهذه الظاهرة الغريبة التي تخدش الحياء وتسيء الى اجيال بأكملها وكأننا لم يبق امامنا سوى العودة الى الوراء والغاء كل المخترعات الحديثة من حياتنا لنتجنب هذا الاذى اليومي. ويعتقد منصر ان علاج هذا الوباء لا يكون الا عن طريق التوعية والارشاد من قبل الاهل بالتعاون مع مؤسسات الاعلام التي تتحمل مسؤولية كبيرة في حماية المجتمع وليس هدم عاداته وقيمه وادخال هذه الثقافة الرخيصة التي تدمر اجيالا من الشباب وتسيء الى مستقبلهم الدراسي، ويؤكد من خلال تجربته ومعايشته اصدقائه ارتفاع التكلفة الباهظة لهذا السلوك معنويا وماديا، ويستغرب كيف تسمح تلك المحطات أن تزين شاشتها بكل تلك الالفاظ التشائم؟ اما ضياء الدين الكيال (موظف) فقد جرب هذه المتعة التي سمع عنها الكثير لمرة واحدة فقط وشعر بان هذه الرسائل شيء سخيف ولا يلبي اية حاجة حقيقية للتواصل الانساني او يقدم وسيلة تعارف حقيقية بين البشر فقرر الامتناع عنها نهائيا خوفا من الادمان عليها ونظرا لتكلفتها المادية المرتفعة حيث لا تسمح ظروفه المادية بالمضي في هذا الجنون. ويقول: هناك كثير من اصدقائي يدمنون على هذه الرسائل لكنهم لا يعترفون وانا اعلم انهم يقضون ساعات طويلة في هذه الاجواء ولا يستطيعون التخلص منها وحالتهم المادية في تراجع دائم وحقيقة لا اعرف الطريقة الواجب اتباعها لاقناعهم بالكف عنها لان القضية تحتاج الى جهد اكثر من ذلك بكثير ويبدو ان المسؤولية تقع على الشخص نفسه وعلى قنوات التليفزيون والاهل ايضا. ويرى عبدالرحمن المطيري ان هذه أفضل طريقة لهدر المال ومؤشر على ضياع هذا الجيل الذي يمارس حريته بهذه الطريقة المدمرة وقال: انا لم اقرا كلمة واحدة تحمل معنى سوى السخف وانتهاك الحرية الشخصية للآخرين. ويتابع: اعرف ان الدافع هو الفراغ وغياب التوعية الصحيحة حول استخدام مفردات التكنولوجيا لكن هذا لا يعفي المدمنين على هذه العادة من المسؤولية لانهم عاجزون عن مراجعة انفسهم والتوقف قليلا ليتساءلوا: ما الفائدة من كل ذلك؟ فاذا كان هذا الجيل سلبت منه الارادة والقدرة على ضبط السلوك فلابد من وجود رقابة صارمة على هذه الرسائل والمحطات التي تشجعها. ويعتقد فائق الفايز ان ما نشاهده ونقرأه هو اسوأ طريقة للانفتاح وأسوأ استغلال للامكانات المادية التي تضيع هباء، ويقول: اصبحت اتجنب مشاهدة التليفزيون حتى لا اضطر لقراءة تلك الرسائل وكأني اتعامل مع راديو انه شيء حزين حقا ان تسهم تلك المحطات في تشويه جيل وربما اجيال سعيا وراء الربح وكأن تلك المحطات دول مستقلة لا تطالها محاسبة او رقابة. اما احمد عبدالله: فانه لا يرسل شيئا ولا يقرأ شيئا منها فهو يعتبرها هواية سخيفة يرجع اسبابها الى الرغبة في الخروج من الملل ومن حالة الفراغ التي يعاني منها الشباب، ويؤكد ان اصدقاءه المقريبن يشاركونه الراي لذلك لم يجد احدا يشجعه على هذه التجربة التي يعارضها تماما لانها تبعث على اشمئزازه من جهاز التليفزيون الذي اتاح الفرصة لكل هذا الابتذال والغزل الرخيص ليؤذي المشاعر يوميا، ويتابع: نعلم ان هدف هذه المحطات هو جمع المال فقط وهذا الهدف لا يعبأ ابدا بالمشاعر او القيم الانسانية لذلك لا احترم هذه الطريقة في التعارف ولم اجرب كيف ارسل رسالة لاحد رغم انني اقرأ بعضها بدافع الفضول،ويسخر من مفردات هذه الرسائل ومن اصحابها الذين يسهرون حتى الصباح وينفقون آلاف الريالات لارسالها ويقول: انه نوع من الجنون يقود الشباب الى تنافس شاذ على القدرة على التعرف الى فتيات كثيرات او ارسال عدد هائل من الرسائل وبأسماء مستعارة تثير الضحك. ويعتقد ان الفراغ هو السبب في كل ذلك وانه يعرف اشخاصا دفعوا ثمنا غاليا بسبب تلك الرسائل التي انتهكت اعراض الآخرين وكادت تؤدي الى خلافات بين الاهل بعد افتضاح امرهم لكنهم حتى هذه اللحظة لم يتعلموا الدرس ويتوقفوا بحجة انهم لا يستطيعون ذلك. اذن الفراغ والكبت الذي يعاني منهما الشباب مهما السبب الحقيقي في تفشي هذه الظاهرة فهناك اعتقاد من الجنسين بان هذه الطريقة مجدية في التعارف وآمنة وتتحول تدريجيا من الرغبة في التجريب الى الادمان، وعندها سيغرق جميعهم في تنافس سخيف اشبه بالحرب الكلامية بين منطقة واخرى وقد يتطور الامر ليصبح تهجما وتجريحا يطال الدول والشعوب، وكلما مر يوم اصبح علاج هذه المشكلة اكبر ويرى ان العلاج المقتصر على توجيه الشباب بعدم استخدام كلمات نابية ليس علاجا حقيقيا بل تحتاج هذه الظاهرة الخطيرة الى علاج يتناسب مع خطورتها وهو ما يستدعي تكاتف جهود الاسرة مع المجتمع للتنبيه الى مخاطرها الكبيرة ودورها في افساد الشباب ولا يجب وضع اللوم على القنوات التي تساعد على انتشارها بل معالجة الاسباب الحقيقية وفهم الدوافع التي ادت لنشوئها. ان القمع لا يحل شيئا بل التوعية هي الاساس مع البحث عن بديل منطقي لملء اوقات الفراغ ومساعدة الشباب على التوجه الى اهتمامات اخرى ذات معنى وعندها ستفقد هذه العادة جاذبيتها وستنحصر في نطاق ضيق لا يتعدى رسائل المناسبات الوطنية.