إلى أين يأخذنا التلفزيون؟ تجاوز عدد القنوات الفضائية العربية المئتين، في أقل من عقد. تحوّل بعض القنوات إلى عالم"كليبات وغناء"، وأخرى إلى عالم أخبار، وهناك قنوات المسلسلات والأفلام، إضافة إلى قنوات"الشات"الدردشة والرسائل القصيرة ورسائل ال MMS، المتعددة الوسائط التي تمكن المشاهد من إرسال صورته وبثها على القناة. وأخيراً يأتي تلفزيون الواقع ببرامجه الكثيرة التي نجح بعضها في حين فشل بعضها فشلاً ذريعاً. ما الجديد في عالم التلفزيون؟ هل يتوقف على قنوات جديدة ومتنوعة، وعلى برامج مختلفة أو مستنسخة، أم أن هناك ما ينتظر ويفوق الخيال؟ تخيل المشهد: تجلس أمام التلفزيون. تتابع في قناة فضائية فيلماً كنت تنتظر عرضه على الشاشة الفضية منذ زمن. تنشغل لدقائق عن العرض لسبب ما - اتصال هاتفي أو أي سبب آخر. يفوتك مشهد"ماستر"أو ربما مشاهد. تتحسر على ما فاتك. تتساءل لو بإمكانك إعادة البث قليلاً إلى الوراء، وربما تمسك جهاز التحكم لتفعل ذلك، من دون شعور، لو كنت معتاداً على متابعة الأفلام عبر جهاز الفيديو! ماذا لو قال لك أحد الآن إنه يمكنك التمتع بإعادة ما فاتك من برامج البث المباشر؟ أطلقت باقة"شوتايم"قبل أيام حملة إعلانية تفيد أن مشاهديها يستطيعون إعادة البرامج والأفلام التي عرضت كبث مباشر. إذ يمكنهم بواسطة جهاز التحكم أن يضغطوا على زر التوقف ويعيدوا نصف ساعة أو ساعة مما فاتهم من فيلمهم أو برنامجهم المفضل! إذاً تحول التلفزيون إلى فيديو! تعمل التقنية الجديدة باستخدام جهاز"ريسيفر"مخصص للإعادة. إذ يتمتع الجهاز الجديد بحافظ يشبه ال HARD DESK في الكومبيوتر. يمكن هذا الجهاز تسجيل برامج وأفلام كل قنوات باقة الشوتايم في الوقت ذاته، لساعات محددة، يسمح بعدها أوتوماتيكياً مسح الحفظ القديم والتسجيل عليه من جديد. وإذا اخترت إعادة أحد البرامج أو الأفلام يمكنك العودة إلى البث المباشر من طريق الضغط على زر"TV". إذاً وصلت تقنية تسمح للمشاهد بالتمتع بإعادة ما فاته من برامج البث المباشر! لكن هذه التقنية لا تزال محصورة بباقة"شوتايم"! ماذا لو انتقلت إلى أجهزة التلفزيون وأجهزة الريسيفير كافة؟ لتسمح لكل المشاهدين بإعادة بث ما يريدون. ليس بالضرورة أن يكون ما يريدون إعادته قد فاتهم، ربما ارادوا التأكد من هذه الكلمة أو تلك، أو إعادة الصورة ذاتها ونظرة هذا المذيع أو الضيف. لا يتحمس كل المشاهدين لجهاز الفيديو لتسجيل كل البرامج، لكن انتقال هذه التقنية إلى أجهزة"الريسفير"والتلفزيون لتكون"منها وفيها"، ستوفر على مشاهدين كثر عناء، وستعرقل بعض الرقابة التي تمارسها قنوات كثيرة. فبعض القنوات العربية تلغي أحياناً إعادة بث حلقات من برامج معينة، خصوصاً تلك التي تكون بثت مباشرة، ويكون فيها ما يسيء إلى أحد. بعد وصول هذه التقنية إلى أيد المشاهدين لن تفلح قرارات مثل إيقاف إعادة بث هذه الحلقة أو تلك. ولن يحتاج المشاهد إلى البحث عن نسخة مسجلة هنا أو هناك كي يسمع ماذا قال فلان في ذلك البرنامج. إذاً لا تزال التقنية تفرض نفسها على رقابة القنوات العربية. وستفكر قنوات كثيرة قبل الموافقة على عرض هذا البرنامج أو ذاك مباشرة على الهواء. وسيفكر معدو البرنامج أكثر في مدى تهور هذا الضيف وذاك. فإلى أين سيأخذنا التلفزيون أبعد من ذلك؟!