لم يواجه برنامج"الوادي"، حتى الآن، ما واجهه"ستار أكاديمي"في السعودية. كان النقد الذي وُجه إلى"الأكاديمية"وصانعيها، في أساسه، نقداً موجهاً إلى تلفزيون الواقع "المصدر من الغرب". ولم ينحصر هذا النقد بنقد"ديني"، فحتى"المثقفون"اعتبروا البرنامج"ابتذالاً"وپ"إسفافاً"لا يمكن السكوت عنه! انبرى بعض الصحف السعودية المحلية للهجوم على المستورد الجديد - تلفزيون الواقع. هناك من ينتقد بدافع"ديني"، وهناك من ينتقد انتصاراً للثقافة أمام"التفاهة". لكن فئة أخرى شجعت هشام - في الجزء الثاني - وكتبت عن محبيه والمهووسين به. هذه الفئة هوجمت هي الأخرى، لأنها"تترك المهم لتكتب عن غير المهم". ربما لم يواجه"الوادي"مثل تلك الهجمة الشرسة، لأنه لم يحقق شعبية سعودية تشبه التي حققها"ستار أكاديمي". على أي حال، هناك فئة سعودية كانت تزعم أن سبب مهاجمتها البرنامج هو كونه مستورداً غربياً لا يناسب"خصوصياتنا". يقولون إنهم ليسوا ضد الفكرة، لكن كان ينبغي أن تستغل بطريقة أخرى من دون أن تكشف لنا كيف ينام فلان ومتى يدخل ليستحم وكيف يحضن فلانة؟... يزيدون أيضاً: لمَ لا نصدر برامج إلى الغرب؟ لمَ نضطر دائماً إلى الاستنساخ؟ في تلك الفترة كانت كلمة"استنساخ"شائعة، فمن برنامج"من سيربح المليون"إلى"الحلقة الأضعف"، ثم برامج تلفزيون الواقع وغيرها. تلك الفئة إذاً، تتساءل عن غياب العقل التلفزيوني العربي المبدع! في الشهور الماضية، خرجت إلينا قنوات من ابتكار عربي بحت. تبث هذه القنوات الرسائل النصية فقط. بدا معظم تلك الرسائل للتعارف بين الشباب. من الصعب تخيل قنوات غربية مماثلة، فلعلها لا تناسب مجتمعاتهم. السنوات المقبلة تلوح بابتكار عربي تلفزيوني من نوع آخر: قنوات"الرسائل المصورة". تمتلئ أجهزة الهاتف المحمول العربية، خصوصاً الخليجية والسعودية، بمشاهد مصورة. مئات وربما ألوف من هذه المَشَاهد تنتج يومياً، لكنها تظل محصورة بأجهزة"الجوال". سيحب المشاهدون أن يتفرجوا على مشَاهِدهم مقابل مبالغ يدفعونها للخدمة، تماماً كما أحبوا قراءة ما يكتبون على الشاشة. خدمة الرسائل المصورة بدأت في السعودية قبل شهرين فقط. لم يكن من الممكن إرسال صور أو مقاطع فيديو من قبل سوى بتقنية"البلوتوث"- المسافة بين الأجهزة يجب ألا تتجاوز العشرة أمتار في حال استخدام هذه التقنية. الرسائل النصية كانت تقرأ في أجهزة الجوال فقط. اليوم نقرأها ونشاهدها في قنوات كثيرة، بل وفي قنوات مخصصة لذلك. الرسائل المصورة تشاهد اليوم في شاشات الهواتف فقط، فهل يتمكن المشاهدون من إرسالها إلى قنوات تعرض هذه الخدمة قريبا؟ ليس من الصعب حظر الرسائل الإباحية المصورة أو التي لا تصلح للعرض، فذلك يحدث مع الرسائل النصية. اليوم لا يمكن إرسال أكثر من دقيقة مصورة عبر خدمة الرسائل المصورة، لكن التقنية ستتجاوز هذه المشكلة حتماً. ربما يمكننا بعد سنوات إرسال 15 دقيقة أو أكثر مصورة. لم لا؟ إذن فالمشاهدون سينتجون برامجهم ومشاهد دراما وكوميديا خاصة بهم... سيلتقطون مشاهد بكاميرات أجهزتهم المحمولة كما كتبوا بواسطتها الرسائل. وربما يشاهدون على الفضائيات ما صوروا كما شاهدوا ما كتبوا، فلن يبخل من خصص قنوات للرسائل النصية فقط - بغرض الربح - بتخصيص قنوات للرسائل المصورة. هل نحن في انتظار"تلفزيون المُشاهد"، الذي يكون وحده البطل؟