أقرت قمة افريقية مصغرة عقدت في العاصمة النيجرية أبوجا أمس، تسريع المحادثات بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور، التي تراوح مكانها منذ أكثر من أربعة أشهر، وشددت على ضرورة طي ملف الحرب فى الاقليم في حلول نهاية الشهر الجاري. جاء ذلك في وقت أعربت مصر عن أملها في تقدم المفاوضات بين الحكومة السودانية والمتمردين في الإقليم، وأن يظهر الجانبان مرونة كافية تحقق للإقليم الاسترخاء والتهدئة، وتؤدي إلى تجاوز المشاكل والتجاذبات المحيطة بعملية حفظ السلام ما بين قوات الاتحاد الافريقي والقوات الدولية. في أبوجا، حدد الوسطاء سبع قضايا عالقة طلبوا من أطراف النزاع تقديم تنازلات واتخاذ قرارات في شأنها، فى وقت تتجه فيه الولاياتالمتحدة نحو تعيين مبعوث أميركي للسلام فى السودان. وعقد الرئيس النيجري اولو سيغون اوباسانجو والرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو الذي يترأس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، ورئيس مفوضية السلم والامن فى الاتحاد الافريقي سعيد جنت وكبير مفاوضي الاتحاد سالم احمد سالم والمبعوث الليبي عبد السلام التريكي لقاء بين اطراف النزاع في دارفور. وخُصص هذا اللقاء الذي استمر اربع ساعات، لمناقشة القضايا العالقة التي تعطل التوصل الى اتفاق سلام ينهي الأزمة في الاقليم. وعقد نغيسو لقاءات منفصلة مع اطراف المفاوضات حضهم خلالها على تقديم تنازلات واتخاذ قرارات حاسمة قبل نهاية الشهر الجاري، بحسب قرار مجلس الامن والسلم الافريقي. كما وجه تحذيراً مبطناً الى الخرطوم بأن ملف دارفور يمكن أن يخرج من الاطار الافريقي اذا تأخرت تسوية الأزمة الى ما بعد نهاية هذا الشهر لان صبر المجتمع الدولي قد نفد. وشملت لقاءات نغيسو من جانب الحكومة نائب الرئيس علي عثمان طه ومستشاري الرئيس الدكتور غازي صلاح الدين والدكتور مجذوب الخليفة ووزير المال الزبير احمد الحسن، ووفد"حركة تحرير السودان"برئاسة مني اركو مناوي، الى جانب رئيس الجناح الآخر في الحركة عبدالواحد محمد نور ورئيس"حركة العدل والمساواة"الدكتور خليل ابراهيم. وسلم سالم الذي قاد فريق الوساطة رئيس الاتحاد الافريقي مذكرة تتضمن سبع قضايا أساسية هي نقاط الخلاف في بنود السلطة الثروة والترتيبات الامنية. وأوضحت مصادر مطلعة ل"الحياة"أن نقاط الخلاف تضمنت في موضوع اقتسام السلطة: تمثيل اهل دارفور في مؤسسة الرئاسة والاقليم والجهازين التنفيذي والتشريعي، فيما انحصر الخلاف في بند اقتسام الثروة حول نقطتين هما التعويضات وصندوق اعمار دارفور، واعادة النازحين واللاجئين الى مناطقهم. اما في بند الترتيبات الامنية، فانحصرت الخلافات على وضع المتمردين في الفترة الانتقالية ونزع اسلحة الجنجويد. وأكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد الافريقي نورالدين المازني أن الوسطاء سيطرحون السبت المقبل حزمة اقتراحات في شأن اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الامنية، على الحكومة والمتمردين، وصولاً الى ابرام اتفاق يضع حداً للحرب، لافتاً الى أن الوقت حان لاتخاذ قرارات. وأضاف الناطق أن الوسطاء طرحوا على اطراف النزاع مشروع اتفاق لتعزيز وقف اطلاق النار في دارفور تمهيداً لبحثه اليوم، موضحاً أن الاتفاق يتضمن سلسلة من الخطوات والتحركات يجب انجازها على الأرض، ما سيمهد الطريق لابرام اتفاق وقف اطلاق النار الشامل. وأوضح رئيس وساطة الاتحاد الافريقي سام سام ايبوك لحظة تقديمه هذه الوثيقة، أنها تعالج في شكل فاعل وغير ملتبس، مطالب الاطراف السودانية في الوثيقة السابقة، اضافة الى المسائل الغامضة الواردة في اتفاق انجمينا لوقف اطلاق النار في الثامن من نيسان ابريل عام 2004. وأكد ايبوك ان الوثيقة جاءت نتيجة لمشاورات متزنة ومخلصة اجريت بعناية مع الشركاء الدوليين بما فيهم الاممالمتحدة والجهات الانسانية المعنية داخل السودان وخارجه. كما اتفق نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه والمبعوث الأميركي الى مفاوضات ابوجا السفير واينبرغر على عدد من النقاط التي تقود الى السلام. وأعرب الجانبان عن املهما في التوصل الى اتفاق شامل في غضون الاسبوعين المقبلين. وقال وزير الدولة للخارجية السوداني السماني الوسيلة عقب اللقاء إن طه والوفد الاميركي توصلا إلى اتفاق حقيقي لاعادة العلاقات الثنائية بين الخرطوموواشنطن بما يخدم المصالح المشتركة. الى ذلك، حدد مجلس الامن الخميس المقبل موعداً لجلسته الخاصة بدارفور التي ستستمع الى تقرير مفصل من كبير وسطاء الاتحاد الافريقي في أبوجا الدكتور سالم احمد سالم، في وقت كشفت مصادر ديبلوماسية أميركية عن عزم واشنطن تعيين روجر ونتر مبعوثاً للسلام في السودان مستبعدة لجوء الادارة الاميركية الى فرض عقوبات جديدة على الخرطوم، على رغم اجازة الكونغرس"قانون سلام دارفور". وأفادت مصادر رسمية أن وفداً رفيعاً سيغادر واشنطن خلال اليومين المقبلين بقيادة روجر ونتر الى ابوجا بغرض الدفع باتجاه اقرار تسوية سريعة لأزمة دارفور. واشارت المصادر الى اجماع داخل الادارة على تعيين مبعوث لها في السودان، مرجحة تولي ونتر المهمة. وفي القاهرة، قال وزير الخارجية أحمد أبو الغيط أن إيفاد نائب الرئيس السوداني يهدف الى الإسراع في وتيرة وإيقاع البحث في هذه التسوية.