صعّد الكونغرس الأميركي لهجته تجاه الحكومة السودانية، وطالب الخرطوم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بالتوصل الى اتفاق سلام نهائي الأسبوع المقبل الموعد المحدد لانتهاء الجولة الحالية من مفاوضات السلام الجارية حاليا في كينيا. وعاد النائب الأول للرئيس السوداني على عثمان محمد طه صباح أمس إلى مقر المفاوضات في نيافاشا بعد خمسة ايام قضاها في الخرطوم للتشاور. وبدأ مسؤولون أميركيون تحركات مكثفة بين طه وزعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" جون قرنق قبيل استئناف المفالوضات في شأن المناطق الثلاث التي يتنازع الطرفان السودانيان السيطرة عليها. عقدت لجنة افريقيا في الكونغرس الاميركي جلسة استماع ليل الخميس ركزت على قضية السلام في السودان، واتجهت الجلسة نحو التلويح بفرض عقوبات على الخرطوم في حال فشل عملية السلام. واتهم بعض النواب "الحكومة السودانية بدعم الإرهاب والكذب والمراوغة"، مطالبين ب"عدم السماح للمسؤولين السودانيين بزيارة واشنطن". وشدد مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الافريقية تشارلز شنايدر على ضرورة التوصل إلى سلام نهائي الأسبوع المقبل لتلافي فرض عقوبات أميركية ضد الخرطوم، ولوح ب"خطط طويلة المدى ستتبع ضد الحكومة السودانية". وتحدث رئيس اللجنة الفرعية لافريقيا في الكونغرس إدوارد رويس بلهجة حادة في بداية الجلسة قائلا: "لا شك في تحديد الجهة المسؤولة عن الكارثة في السودان، هذا الكونغرس يدين رسميا حكومة الجبهة الاسلامية القومية بجرائم إبادة. لن يكون الامر أوضح من هذا". واضاف: "حذرنا من قبل من ان التفاوض الى ما لا نهاية ليس خيارا. للأسف إن نوافذ السلام في السودان بدأت تغلق بسرعة". واوضح ان "قانون سلام السودان الذي أقره الكونغرس يطالب بمساءلة الطرفين المتفاوضين. وحتى الآن يمكن الحكم بأن الطرفين يتفاوضان بنيات حسنة. ونحن ننتظر بترقب تقرير الادارة الاميركية الثالث في شأن متابعة قانون سلام السودان الشهر المقبل". وعن قضية دارفور قال: "ليس هناك شك في هوية المسؤول عن الدمار في إقليم دارفور في غرب السودان. الحكومة دينت بحق على هجماتها على السكان في هذا الاقليم المعزول. دارفور تمثل سحابة منذرة بعواقب على عملية السلام. انها تؤثر في المفاوضات وتزيد التعقيد الذي يمنع التقدم". ولاحظ أن "صناع السلام اكثر بكثير من صناع الحرب في السودان. والسؤال المفتاحي هو ما اذا كانت القلة القليلة من السودانيين المستفيدين من الدمار ستتحكم في المستقبل". وحمل مدير المعونة الاميركية مسؤول ملف مفاوضات السلام السودانية روجر ونتر على الخرطوم بشدة بسبب تفاقم الأوضاع في غرب السودان، وقال: "ان ميليشيات الجنجاويد ترتكب المجازر وتنهب المناطق التي تقصفها الحكومة بالطيران". وقال ان "الحكومة لم تتدخل لردع الميليشيات على رغم وصفها لها بأنها خارجة على القانون". وحذر "من سلام لا يشمل دارفور التي تشهد اسوأ كارثة لا في افريقيا فحسب، وانما في كل العالم". ورفض تصريحات الحكومة بإنهاء الحرب في دارفور. كما اتهمها "بإغلاق الطرق أمام توصيل المعونات الانسانية". في غضون ذلك، وصل النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه صباح امس الى مقر مفاوضات السلام في نيافاشا لمعاودة المحادثات مع جون قرنق بعدما غادرها الى الخرطوم السبت الماضي. وبدأ المسؤولون الاميركيون في نيافاشا لقاءات مع وفدي الخرطوم والحركة استباقاً للقاء طه وقرنق وسط تكتم شديد على تفاصيل اللقاءات. ونفت مصادر في المفاوضات "ما تردد عن سحب الولاياتالمتحدة وفدها المشارك في المفاوضات". وسادت أجواء من الحذر والترقب، في انتظار أن يبلغ طه قرنق بنتائج محادثاته مع المسؤولين في الخرطوم لتحديد مصير المفاوضات. وقال الناطق باسم وفد الحكومة للصحافيين إن المشاورات في الخرطوم "كانت إيجابية"، لكنه لم يدل بأي تفاصيل. وأضاف: "لا نرى سببا لتمديد أجل المحادثات" التي من المقرر ان تختتم يوم الثلثاء المقبل. وقال ناطق باسم "الحركة الشعبية" إن حركته "تأمل في أن يكون لهذه المشاورات تأثير إيجابي على عملية السلام". وامتنع طه عن التحدث الى الصحافيين عند وصوله الى المطار الرئيسي في كينيا قبل توجهه الى مقر المحادثات في بلدة نيافاشا. وقال عضو في فريق طه ان مشاوراته في الخرطوم ركزت على منطقة أبيي، وهي منطقة متنازع عليها غنية بالنفط وتشك الحكومة السودانية في أن المتمردين يحاولون ضمها للجنوب تمهيدا للانفصال في نهاية الامر عن الشمال. وعطل الخلاف على منطقة أبيي، وهي حاليا جزء من الشمال، المحادثات طوال الجولة الحالية من المفاوضات. ويسعى الجانبان في الجولة الحالية من المحادثات للتوصل الى اتفاق في شأن السيطرة على أبيي ومنطقتين أخريين النيل الأزرق وجبال النوبة محل نزاع وفي شأن سبل إقتسام السلطة بعد انتهاء الحرب. وقال الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي الى المفاوضات سيد الخطيب للصحافيين ان مشاورات الوفد في الخرطوم ركزت على قضيتي المناطق الثلاث واقتسام السلطة. وأضاف أن الوفد أجرى مشاورات مع الرئيس عمر البشير ومع حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقال الخطيب ان مهلة الثلثاء التي حددها الوسطاء لاختتام الجولة الحالية من المحادثات المستمرة منذ 15 الشهر الماضي، ما زالت قائمة لكنه لم يقل ما اذا كان الجانبان سيتوصلان الى اتفاق على كل القضايا المعلقة بحلول هذا الموعد. وقال مسؤول سوداني هذا الاسبوع ان الحكومة لا تعارض اقتراح المتمردين اجراء استفتاء في أبيي في شأن وضع المنطقة لكنها ترى ان ذلك يجب ان يتم لاحقا حتى يتسنى للحكومة استغلال عائدات النفط لتنمية المنطقة وكسب سكانها. وحذر البشير أخيرا من ان اصرار المتمردين على تغيير حدود بين محافظات داخل البلاد الموحدة بان تتبع ابيي الجنوب يمثل مؤشرا على عزمهم الانفصال وليس الوحدة.