تدخل محاكمة الفرنسي زكريا الموسوي، المتهم الوحيد أمام المحاكم الأميركية في اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، مرحلتها الثانية في محكمة ألكسندريا في ولاية فرجينيا غداً. وتدرس المحكمة الظروف الضاغطة للتشدد في الحكم مثل معاناة ضحايا اعتداءات واشنطن ونيويورك وإصرار الموسوي 37 سنة على عدم إظهار ندم، وأيضاً، الظروف المخففة مثل شخصية المتهم المضطربة. ويأتي ذلك بعدما اتفقت هيئة المحلفين ليل الاثنين - الثلثاء، على أن المتهم يتحمل قدراً كافياً من المسؤولية عن تلك الهجمات تجعله يستحق عقوبة الإعدام. واعتبر المحلفون وهم تسعة رجال وثلاث نساء، أن الموسوي تسبب"مباشرة"في مقتل شخص واحد على الأقل من بين الضحايا الثلاثة آلاف لاعتداءات 11 أيلول، وذلك عندما كذب لدى توقيفه في 16 آب أغسطس 2001 وسمح تالياً كما يؤكد الادعاء"لإخوانه في تنظيم القاعدة"بتنفيذ الهجمات... وهذا شرط واجب ليستحق الموسوي عقوبة الإعدام، الامر الذي كانت المرحلة الأولى مخصصة للنظر فيه. ويتعين على المحلفين الآن اتخاذ قرار في شأن الحكم بالإعدام أو السجن مدى الحياة على المتهم الذي بدا غريب الأطوار وأقدم على خطوات غير متوقعة خلال المحاكمة التي بدأت قبل أربع سنوات واعترف خلالها بأنه مذنب. وبدأت جلسات النطق بالحكم في السادس من آذار مارس الماضي. وأصيب الموسوي مراراً بنوبات غضب داخل المحكمة، ولكن ذلك كان يحدث غالباً في غياب المحلفين المدنيين. إلا أن الاثنين كان يوماً مختلفاً، إذ صرخ:"لن تحصلوا على دمي أبدا... لعنكم الله جميعاً"ولكن ذلك جاء بعد مغادرة المحلفين قاعة المحكمة للتداول. ووعد محامي الموسوي فرانسوا رو ببذل كل ما في وسعه لتجنيب موكله عقوبة الإعدام، موضحاً أن المحامين لا يمكنهم التعليق على هذا القرار في حين لم تنته المحاكمة. وعمل المحامي رو مع فريق المحامين الأميركيين الذي يتولى الدفاع عن زكريا الموسوي الذي لم يتوقف منذ توكيلهم بالدفاع عنه، عن شتمهم واتهامهم بالتآمر لقتله. وإذا كان الحكم الذي صدر خلال المرحلة الأولى من القضية يحمل أي دلالة، فهي الإشارة إلى أنهم يتجهون إلى إنزال عقوبة الإعدام به إذا ثبتت الاتهامات الثلاثة الموجة إليه. وأشار المحلفون إلى أن قرارهم النهائي ربما يكون تلك العقوبة التي طالب بها ممثلو الادعاء العام. وقال إدوارد آدمز الناطق باسم المحكمة الفيديرالية في ألكسندريا في ولاية فرجينيا لدى إعلانه قرار المحلفين:"بهذا الحكم وجدت هيئة المحلفين أن الإعدام عقوبة ممكنة في هذه القضية". واعترف الموسوي بالكذب على المحققين الفيديراليين بعد اعتقاله بسبب انتهاك قوانين الهجرة في آب أغسطس 2001، وتحديداً قبل ثلاثة أسابيع من وقوع هجمات 11 أيلول. وأفادت المسؤولة في وزارة العدل تاسيا سكولينوس في بيان:"إننا مرتاحون لقرار هيئة المحلفين في هذه القضية المهمة"، مضيفة:"جهودنا باسم ضحايا 11 أيلول، ستتواصل مع المرحلة الثانية من المحاكمة". وبحسب زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ السناتور بيل فيرست فإن"أي عقوبة وأي حكم لا يمكن أن يعوض الألم والرعب اللذين سببهما قراصنة الجو في 11 أيلول وشركاؤهم". وأضاف زعيم كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ في بيان:"إن معاقبة الموسوي هي الدليل على أن مجتمعنا متجذر في السلطة المتحررة للقضاء ودولة القانون، إنها أثمن أسلحتنا في مكافحة الإرهاب". وأشار تيم رومر العضو الديموقراطي السابق في لجنة التحقيق حول اعتداءات أيلول إلى أنه يتوقع ثلاث نتائج من هذا الحكم. أولاً: آمل في أن يقدم بعض العزاء من المعاناة والآلام التي عاشتها عائلات 11 أيلول التي فقدت أعزاءها". وثانياً: يبدو أن حكومتنا متجمدة عند نموذج تنظيم الدولة في مواجهة الإرهاب لما قبل 11 أيلول مثل فيل يقاتل أفعى، وربما سينبهنا هذا الأمر إلى الصعوبات المتبقية. وثالثاً: يدل ذلك إلى أن نظامنا القضائي يمكن أن يعمل مثل إحدى الأدوات المتعددة لمساعدتنا على مكافحة الإرهاب"، معتبراً أن"الحكومة كانت مقنعة على رغم بعض الترددات والأخطاء". انقسام وسيدلي أقارب ضحايا 11 أيلول بإفاداتهم. ولم تفاجأ عائلات الضحايا بقرار هيئة المحلفين. ويعارض العديد منهم منذ بدء محاكمة الموسوي إصدار حكم بالإعدام في حقه. وأعلنت لوري فان أوكن من مجموعة"أرامل نيوجرسي"بنبرة هادئة إنما حازمة أنها تخالف هيئة المحلفين الرأي. وقالت:"لا أعتقد بأن الموسوي يستحق عقوبة الإعدام. لا اعتقد بأنه ساهم في ما حصل في 11 أيلول. اعتقد بانه كبش فداء"، مضيفة:"لم أكن أعلم أن إخفاء معلومات أمر يستحق عقوبة الإعدام"، مشيرة إلى أن"وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إي رفضت نقل معلومات إلى مكتب التحقيقات الفيديرالي أف بي آي". وعبرت باتي كاسازا عن رأي مماثل، مشيرة إلى أن الموسوي يواجه عقوبة الإعدام"لإخفائه معلومات عن"سي آي إي"، لكن إذا تمعنتم جيداً في الأمر، فإن جورج تينت الرئيس السابق لسي آي إي أيضاً رفض نقل معلومات إلى"أف بي آي"، وكذلك مايكل مالتبي وديفيد فراسكا"المسؤولان في مكتب التحقيقات الفيديرالي عند وقوع الاعتداءات. وزادت:"كنت أفضل أن يصدر حكم بالإعدام على شخص على علاقة مباشرة ب11 أيلول مثل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة لكننا بالطبع لم نقبض عليه". وعبّر تشارلز وولف الذي فقد زوجته في مركز التجارة العالمي عن مخاوف مما يمكن أن يترتب عن عقوبة الإعدام. وقال:"إذا أعدم، سيصبح شهيداً، رمزاً يستقطب المزيد من المسلمين المتطرفين. وعلينا بالتالي أن نسأل: ألسنا نخدم مصلحتهم بإصدار حكم بالإعدام في حقه؟ وإلا، فلماذا اعترف وقال فعلت هذا وذاك؟". في المقابل، عبر بعض أهالي الضحايا، ومنهم روز ماري ديلارد التي فقدت زوجها في الاعتداءات عن ارتياحهم لقرار هيئة المحلفين. وقالت:"هيئة المحلفين لم تتسرع وأدت عملاً جيداً، لم يكن من الممكن أن نحصل على قرار أفضل، بنظرنا جميعاً حتى الذين لا يؤمنون بعقوبة الإعدام"، مؤكدة"نحن على يقين بأنه مذنب". كما يعتقد أبراهام سكوت الذي قتلت زوجته جانيس في وزارة الدفاع البنتاغون إن الموسوي يستحق فعلاً عقوبة الإعدام، لكنه يعبر عن حيرة في مشاعره. وقال:"الأمر مؤثر، يصعب وصفه. كنت اعتقد بأنني سأكون مسروراً، لكن ليس هذا ما أشعر به. أشعر بالأسف من أجله"، مضيفاً:"لا أعتقد بأن الموسوي مسؤول تماماً ولو أنني أعتقد بأنه يستحق عقوبة الإعدام. الحكومة في نظري تتحمل المسؤولية بالقدر نفسه".