لا تعرض سوق العقارات السعودية ما يكفي من المنازل التي يمكن لذوي المداخيل المنخفضة والمتوسطة شراؤها، إذ تبلغ مساحة الوحدات السكنية للمداخيل المنخفضة عادة أقلّ من 150 متراً مربعاً، وهذا أقل من نصف معدل حجم الوحدات السكنية في المملكة، حسبما أفاد تقرير لمجموعة"سامبا"المالية السعودية. ومع أن هذه الوحدات للمداخيل المنخفضة لا تزال كبيرة بحسب المعايير العالمية، فهي تؤوي عائلات كبيرة. كذلك تبرز حاجة إلى منازل للمداخيل المتوسطة بكلفة تناهز 400 ألف ريال للوحدة. والوحدات الشققية للمداخيل المتوسطة، وهي تتراوح بين 180 و250 متراً مربعاً قليلة. فالمملكة تضمّ مخزوناً كبيراً من الوحدات السكنية للدخل المتوسط العالي والدخل المرتفع، وهي أكبر من 250 متراً مربعاً، ومردّ ذلك الى أنّها مبنية حسب الطلب. ويبدو أنّه حتى عام 2020، سيبلغ إجمالي نشاط بناء العقارات الجديد 484 بليون ريال من ناحية القيمة. وستظهر أكثرية النشاط من قطاع الإسكان، وتتبعه وحدات مساحات المكاتب التجارية والمراكز التجارية للبيع بالتجزئة. وقد ارتفعت أسعار العقارات خلال السنوات الأربع الماضية، لكن ليس بمستوى يُسعد المطوريّن والمستهلكين أيضاً. كما يصعب تعقّب أسعار العقارات في المملكة لغياب سجلّ أسعار. وقد شهدت بعض المناطق، مثل الرياضومكةالمكرمة، أسعاراً أعلى، بيد أن الأسعار تتفاوت في شكل كبير ضمن المدينة الواحدة. وبين عامي 2002 و2005 وتبعاً لتقديرات"سامبا"، ارتفع معدل أسعار المنازل في المملكة بنسبة 13.7 في المئة سنوياً، فيما ارتفع معدل أسعار الأراضي والمساحات المكاتب التجارية بنسبة 16.5 في المئة و15.2 في المئة على التوالي. وفي ما يلي أبرز التطوّرات في المناطق المدنية الثلاث الأهم، بحسب التقرير، الذي أضاف أنّه تجرى أعمال تنمية عقارية قوية في مناطق أخرى، لا سيما مناطق جبيل وجبيل 2 وينبع الصناعية. فضلاً عن ذلك فإنّ التنمية المقررة التي أعلن عنها حديثاً لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ، شمالي جدة، بكلفة مخطّط لها، تناهز مئة بليون ريال، ستزيد من الاندفاع. الرياض الرياض مدينة في حالة نمو، من ناحية الحجم والسكان على حد سواء. ويقدر أن حتى عام 2020 سيتم استثمار نحو 150 بليون ريال في قطاع البناء. وتبعاً لدراسة أجرتها سلطة التنمية في الرياض، بلغ عدد سكان المدينة 4.2 مليون نسمة عام 2004. ومع أن الرياض تنمو لكنّ ليس في شكل رأسّي، وإذ انخفض نمو سكانها إلى 4.2 في المئة بين عامي 1996 و2004 بعد أن كان 8.1 في المئة بين عامي 1990 و1996. وبسبب تباطؤ في الهجرة الداخلية وتباطؤ في نمو المدينة، يتوقع أن عدد سكان مدينة الرياض سيناهز 8 ملايين نسمة عام 2023. لكن مع مستويات النمو الحالية لا يبرز دليل أكيد على ارتفاع كبير في الطلب يؤدي بدوره إلى عجز في العرض. ونمت العائلات في الرياض بنسبة 50 في المئة بين عامي 1987 و1991 وبنسبة 41 في المئة بين عامي 1991 و1997، فيما ارتفع عرض الوحدات السكنية الجديدة بنسبة 14 و29 في المئة على التوالي خلال الفترتين المذكورين. بيد أن عرض المنازل ارتفع بنسبة 55 في المئة بين عامي 1997 و2004، فتخطّى نمو السكان وأعاد توازن سوق الإسكان. ويقدر أن معدل إشغال المنازل في الرياض يبلغ 92 في المئة و94 في المئة لمساحات المكاتب التجارية. وأفادت"سامبا"أن السوق العقارية في الرياض تتميز بالآتي: تواجه الرياض نقصاً في المنازل التي يمكن ذوي الدخل المنخفض والمتوسط شراؤها، وتعاني الرياض نقصاً في شقق الإيجار في الكثير من مناطقها، وتعاني منطقة المدينة الوسطية نقصاً في وحدات مساحات المكاتب التي يمكن شراؤها. وتشهد مناطق مختلفة في شمال الرياض باتجاه مطار الملك خالد الدولي وشمالها الغربي بقرب المنطقة الدبلوماسية ازدهاراً في المساكن. ويتوجّه معظم هذه المناطق إلى الزبائن ذوي الدخل المرتفع الذين يفضلون وحدات سكنية حسب الطلب. ولا تشهد مناطق الرياض الغربية والجنوبية ازدهاراً في المنازل. كما يتم بناء مساحات مكاتب جديدة في القسم الوسطي من المدينة، قرب المراكز التجارية/المكاتب التقليدية. ويتوقّع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص بنسبة تتعدى 5 في المئة في السنوات الخمس المقبلة. وسيدفع هذا النمو الى مزيد من مساحات المكاتب العالية النوعية المتوافرة بكمية محدودة حالياً. بيد أن مركز المدينة التجاري سينمو مع توسّع المدينة، لا سيما في الشمال. ويتوقع أن تشهد هذه المناطق نمواً قوياً في مباني المكاتب. وبالإجمال، يتوقع أن تزداد جاذبية الرياض للأعمال ورأس المال في السنوات القليلة المقبلة، ما يرفع الطلب على الإسكان والمساحات التجارية في المدينة وحولها. جدة أما جدة، بحسب تقرير"سامبا"، فتمرّ في مرحلة نمو مرتفعة، إذ سيتم استثمار نحو 85 بليون ريال في بناء عقارات جديدة حتى عام 2010. ولا تعطي بيانات المسح قياساً لطلب المدينة المحتمل، بل هي تجمع بيانات جدةومكةالمكرمة معاً. فتبعاً لمسح عام 2004، تضمّ منطقة جدة/مكةالمكرمة 5.8 ملايين نسمة، أي عدد السكان المناطقي الأكبر في المملكة. ويتمّ تطوير وحدات سكنية عالية المستوى بالإجمال، في الأقسام الشمالية من المدينة. كما تنتشر مشاريع إسكانية كبيرة في الحدود الجنوبية للمدينة وبعدها. ويشهد الكورنيش أعمالاً تنموية تضمّ نزعة صغيرة الى نمو الشقق في المباني المرتفعة والمساحات التجارية على مسافة أقرب من مركز المدينة التجاري التقليدي. وبالإجمال، أدى تغيير في قوانين البناء إلى ظاهرة تنمية المباني العالية في هذه المنطقة. وجدّد قانون البلدية السماح ببناء مبان من 3 طبقات في القسم الشرقي من جدة، الإقبال على الوحدات السكنية الجديدة لذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط. وستنفق الدولة 320 مليون ريال لمشروع تنمية سكني لذوي الدخل المنخفض. ويتوقّع أن يصبح بلوغ الأقسام الشرقية من المدينة أسهل مع بناء طرقات إضافية ستؤدي إلى مزيد من الاهتمام في المنطقة. مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وسيكون الاستثمار العقاري في مكةالمكرمة أكبر منه في جدة، وسيبلغ 104 بلايين ريال حتى عام 2010. وفي السنوات القليلة الماضية، تلقت تنمية العقارات دعماً من مشاريع بنى تحتية بدأتها الحكومة، ما جعل بلوغ أقسام من المدينة أسهل، ما أدى بدوره إلى زيادة توافر الأراضي. ويتوقّع عملاء العقارات دفقاً أكبر من الزوار مع زيادة الحكومة تركيزها على السياحة الدينية. وقد تميّزت تنمية العقارات في مكةالمكرمة بزيادة في الوحدات السكنية الفخمة في وسط المدينة. أما المدينةالمنورة فترى تراكماً في المساحات السكنية والتجارية على حدّ سواء. وبحسب"سامبا"، عززت مشاريع البنى التحتية الحكومية في مكةالمكرمة رغبة القطاع الخاص في البناء ضمن وسط المدينة. ويتمّ وضع الخطط لبناء أبراج سكنية في جبل عمر، وهي منطقة جبلية قريبة من المسجد الكبير، بكلفة مقدرة تبلغ 12 بليون ريال. وفي وسط المدينة، يبني فندق خمس نجوم، ومركز تجاري، وأربعة أبراج سكنية، وتقدر قيمة المشروع بستة بلايين ريال. كذلك يجرى العمل على مشروع آخر هو أبراج"ميريديان"المؤلفة من 22 طبقة بكلفة بليون ريال. وخلال السنوات القليلة الماضية، شهدت المدينةالمنورة الازدهار الخاص بها في العقارات، مع أنه أصغر حجماً عند مقارنته بازدهار مكةالمكرمة. ويقدر أن المدينة ستشهد استثماراً يناهز 68 بليون ريال في تنمية العقارات حتى عام 2010. وتجرى تنمية العقارات بالإجمال في المنطقة التي تقع شرقي جامع الرسول. كذلك تمت الموافقة على أكثر من 50 مشروعاً بقيمة 25 بليون ريال، ومن المتوقع إنجازها بحلول عام 2015. ومن أهمّ هذه المشاريع مركز الهرم التجاري والسكني بكلفة بليوني ريال، وسيضم تسعة أبراج متّصلة ومركزاً تجارياً وموقف سيارات من خمسة طبقات. وأدت تنمية العقارات في المنطقة الوسطى في المدينة إلى رحيل الكثير من المتاجر الصغيرة، نظراً إلى ارتفاع أسعار الإيجار في السنتين الأخيرتين. المنطقة الشرقيةالدمام والخبر وأفاد تقرير"سامبا"بأن كمية كبيرة من أعمال التنمية العقارية تجرى في مناطق كثيرة من المنطقة الشرقية، وتبلغ قيمتها 77 بليون ريال حتى عام 2010. وتعتمد جاذبية هذه المنطقة على أهميتها الصناعية/التجارية، فضلاً عن تعرّضها الساحلي. وتلعب"أرامكو"السعودية دوراً مركزياً في هذا المجال. وسيؤثر الإنفاق الرأسمالي المتوقع الذي ستشهده المنطقة في السنوات المقبلة في سوق العقارات في المنطقة. إذ تطمح المنطقة إلى جذب أصحاب الملكيات في دول مجلس التعاون الخليجي. وتبعاً لبيانات عام 2004 من وزارة الاقتصاد والتخطيط، عدد قليل من مواطني دول مجلس التعاون هم مالكو عقارات في السعودية، إذ يملك 2640 مواطناً من دول المجلس عقارات في السعودية، فيما يملك 7922 مواطناً من دول المجلس أملاكاً في الإمارات العربية المتحدة ويملك 7346 مواطناً من دول المجلس أملاكاً في البحرين نحو 33 في المئة من العقارات كافة التي يملكها مواطنون من دول مجلس التعاون في البحرين هي في أيادٍ سعودية وسيضيف فتح المنطقة الشرقية أمام الملكية الأجنبية/ملكية دول مجلس التعاون في شكل طفيف، سوق العقارات في المنطقة. المستقبل المتوقّع ورأى معدو التقرير أن العقارات السعودية في مرحلة نمو ستستمر حتى عام 2010 على الأقل. وتندفع سوق العقارات السعودية بفضل أسس الطلب التي لا يُتوقّع أن تتغيّر في المستقبل المنظور. وستحافظ الأساسات الديموغرافية، مع أداء الاقتصاد القوي، على النمو في العقارات. كما يعتقد أن نقصاً في المنازل التي يمكن لذوي الدخل المنخفض شراؤها سيشكل عقبة. ويعتقد أيضاً أن السوق ستصبح أكثر حساسية في النهاية للنوعية مع تحوّل تنمية العقارات إلى تنمية أكثر هيكلية وتنظيماً. وسيضيف إدخال خدمات الرهن العقاري في السنوات القليلة المقبلة زخماً إلى قطاع يشهد أصلاً نمواً كبيراً. * ترجمة"دار الحياة"عن الاصل بالانكليزية.