رجحت مصادر في المجلس الديني الاسلامي في لندن أمس تشييع الدكتور الشيخ محمد أبو الخير زكي بدوي الذي توفي عن 84 عاماً أول من أمس في لندن الى مثواه الأخير، الجمعة بعد الصلاة على جثمانه في مسجد ريجنت بارك الذي ترأس في السابق مركزه الاسلامي. وحفلت الصحف البريطانية الكبرى أمس بمقالات نعي للدكتور بدوي ووصفته صحيفة"ذي غارديان"بأنه كان"أكثر مسلمي بريطانيا نفوذاً". واعتبرت الصحيفة ان من أبرز منجزاته التي حققها"بمفرده تقريباً"ايجاد مؤسسات اسلامية بريطانية، وارساء الأسس الفكرية والبيروقراطية، للمسلمين في بريطانيا ليتعايشوا مع الحياة العصرية في مجتمع غربي و"لحماية الاسلام في بريطانيا من ان تخطفه تيارات قوية مرتبطة بالصراعات في الشرق الأوسط". حصل الشيخ بدوي بعد نيله شهادته العالمية من الأزهر الشريف على شهادة في علم النفس في بريطانيا ثم الدكتوراه حول أثر مدرسة محمد عبده والسلفية المصرية على النخبة في ماليزيا وجنوب شرق آسيا. وصار مدرساً جامعياً في سنغافورةوماليزيا ونيجيريا، وعمل في مركز أبحاث الحج في السعودية ثم أسس عام 1986 الكلية الاسلامية في لندن. عرف الدكتور بدوي بأنه عالم اسلامي متنور اشتهر بتسامحه وبقوة حججه، وارتبط بصداقات مع كبار رجال الديانتين المسيحية واليهودية في بريطانيا. كما ربطته علاقة وثيقة مع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز. ورغم خدمات الدكتور بدوي الجليلة لمسلمي بريطانيا، لم يحصل إلا على لقب"سير"فخري وذلك لاختياره الاحتفاظ بجنسية بلده الأصلي مصر حيث ولد عام 1922. ورأت صحيفة"ذي تايمز"في نعيها الدكتور بدوي ان"قلائل فعلوا مثل هذا الشيء الكثير للمزاوجة بين الاسلام والحداثة". وان"قلائل لعبوا مثل دوره الحاسم في محاولة العثور على انسجام متوازن بين المعتقدات والثقافة والقيم الاسلامية في جهة والمجتمع البريطاني العلماني في جهة أخرى". كان الدكتور بدوي يرى ان كثيراً من المسلمين الذين استقروا في بريطانيا بعد مجيئهم اليها من أنحاء متفرقة من العالم الاسلامي سيشكلون يوماً ما شريحة مهمة في المجتمع البريطاني. وقد تميز أكثر من غيره من الدعاة المسلمين في بريطانيا بأنه كان يدعو الى التوفيق بين الاسلام وقيم المجتمع البريطاني، وكان يحض الشباب المسلم على التخلص من اي شعور بالتناقض بين ايمانهم بدينهم وهويتهم المدنية كمواطنين بريطانيين.