في سابقة لم يلجأ إليها خلال سنواته الخمس في البيت الأبيض، هدد الرئيس الأميركي جورج بوش باستخدام حق النقض فيتو ضد سعي قياديين جمهوريين وديموقراطيين في الكونغرس إلى إصدار قرار يعطل صفقة تسمح لشركة مملوكة لدولة الإمارات العربية بإدارة ستة موانئ أميركية رئيسة. ودافع بوش عن قرار إدارته الموافقة على بيع شركتين بريطانيتين تديران تلك الموانئ لشركة موانئ دبيالإماراتية، على رغم قلق الكونغرس إزاء احتمال تعرض الموانئ لعمل إرهابي بسبب تلك الصفقة المقرر إبرامها أوائل آذار مارس المقبل. وتشمل الصفقة تسلم الشركة الإماراتية إدارة كل من موانئ نيويورك ونيوجيرسي وبالتيمور ونيو أورليانز وميامي وفيلادلفيا. وسعى بوش إلى طمأنة الكونغرس إلى أن الصفقة لن تهدد الموانئ الأميركية، فيما دعا زعيما الغالبية في مجلسي الشيوخ والنواب إلى تعليق الصفقة إلى حين الحصول على معلومات إضافية تضمن طمأنة الكونغرس إلى سلامة الخطوة وعدم تهديدها للأمن الأميركي، على خلفية أن اثنين من الخاطفين المشاركين في اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، كانا من مواطني دولة الإمارات، وان تمويل الاعتداءات مر عبر وسطاء فيها. واعتبر بوش أن البرلمانيين الأميركيين، ومن بينهم بعض من يتوقع أن ينافس على الرئاسة في انتخابات 2008، يرسلون"إشارات متناقضة"، موضحاً انهم لم يعترضوا حين تولت شركة بريطانية إدارة هذه المرافئ الستة، لكنهم يعارضون عملية البيع هذه المرة لأن الشركة المعنية من الشرق الأوسط. وأبلغت الإدارة وسائل الإعلام أنها حصلت على تطمينات من الشركة الإماراتية في ما يخص الإجراءات الأمنية، بما فيها السماح بمشاركة أجهزة الأمن الأميركية في البرامج المخصصة لمنع التهريب ومراقبة الشحنات تحسباً لتسريب مواد نووية، أسوة بترتيب مع ثلاث وثلاثين شركة أخرى تدير موانئ أميركية. كما أعلن ناطق باسم حرس الحدود الأميركي أمس، الانتهاء من إجراءات الرقابة على منشآت الشركة الإماراتية في الولاياتالمتحدة، مؤكداً انسجامها مع القوانين الأميركية. وقال ستيوارت بيكر، أحد كبار المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي إنها المرة الأولى التي يجرى فيها اسناد عمليات إدارة موانئ أميركية إلى شركة مملوكة لحكومة، مشيراً إلى ان أجهزة الاستخبارات الأميركية استشيرت قبل إبرام الصفقة، لدراسة التهديدات المحتملة. إلا أن"الصفقة"المرتقبة أثارت زوبعة سياسية جمعت خصوماً سياسيين من الحزبين الجمهوري الحاكم والديموقراطي المعارض، للمرة الاولى على هذا المستوى منذ خمس سنوات. وفيما دعا زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بيل فريست، ونظيره في مجلس النواب دنيس هاستيرت، إلى تعليق الصفقة إلى حين الحصول على ضمانات بعدم تعريضها الأمن القومي الأميركي إلى تهديدات محتملة، فاجأ بوش الأوساط السياسية بدعوته مجموعة من الصحافيين إلى طائرته الرئاسية ليقدم دفاعاً عن الصفقة، مشيراً إلى أن عدم إقرارها سيبعث برسالة سلبية إلى الدول المتعاونة مع أميركا في الحرب على الإرهاب. وشدد على أن"على المعارضين في الكونغرس أن يفهموا أن الصفقة أقرت وأنني على استعداد لاستخدام الفيتو إن اصدر الكونغرس قرارا ضدها". وأضاف أن الأجهزة المختصة في الحكومة الأميركية بحثت كل جوانب الصفقة ولم تبد أي تحفظ عن تمريرها، مؤكداً أن الشركة الإماراتية المعنية"لا غبار عليها". غير أن أعضاء في الكونغرس أثاروا تحفظات ارتبطت باستخدام العالم النووي الباكستاني عبدالقدير خان دولة الإمارات، ممراً لتهريب معدات نووية محظورة الى كل من إيران وكوريا الشمالية وليبيا. وتدخل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ليؤكد أن الإمارات العربية تعتبر حليفاً لأميركا وأنها"شريك لنا في الحرب الدولية ضد الإرهاب". كما أعلن النائب العام البيرتو غونزاليس أن أمن الموانئ"لن يتعرض لتهديد بسبب هذه الصفقة". واعتبر المسألة"ليست مسألة أمن الموانئ بل إدارتها". وقال معلقون موالون للرئيس الأميركي إن الحملة ضد تسلم شركة عربية مؤهلة إدارة موانئ أميركية، تمثل انتهازية رخيصة من جانب بعض الديموقراطيين، وعنصرية ضد العرب من جانب بعض الجمهوريين، مؤكدين أن الرئيس لن يتراجع عن موقفه بعدما أعلن إصراره على المضي في تهديده باستخدام الفيتو. في غضون ذلك، دانت لجنة مكافحة التمييز ضد العرب الأميركيين الخطاب المعادي لهم والذي يرافق الجدل حول صفقة الموانئ، وعبرت عن"قلقها"من الجدل المثار، وقالت رئيستها ماري روز عوكر في بيان إن المنظمة"تعترض بقوة على الخطاب والموقف المتعلقين بالشركة، لمجرد أنها مملوكة من عرب"و"الذين يقولون إن المرافئ يمكن أن تديرها شركة بريطانية ولكن ليس شركة عربية يتبنون موقفاً انتقائياً استناداً إلى معايير عنصرية على مستوى الشركات".