ادّى استمرار نمو الاحتياطي النقدي من القطع الأجنبي لدى المصرف المركزي المصري إلى نحو 22 بليون دولار إلى تعزيز أجواء الثقة التي تسود المناخ الاقتصادي في البلاد. ورأت فيه الحكومة دعماً لخطوات الإصلاح النقدي الذي اتبعته منذ توليها مهامها في تموز يوليو 2004، بعد مرحلة من التراجع الحاد لهذا الاحتياطي، الذي هبط إلى نحو 14 بليون دولار، بعد أن اقترب من المستوى الحالي في النصف الاول من تسعينات القرن الماضي. وتتفق الدوائر الاقتصادية والتصور الحكومي حول أهمية هذا المؤشر، من بين مؤشرات الاقتصاد الكلي، في الدلالة على قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الالتزامات والارتباطات المالية بكفاية كبيرة، سواء من حيث الوفاء بمتطلبات خدمة الدين العام الخارجي، أو تلبية الحاجات الضرورية من السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج، فضلاً عن تعزيز الجدارة الائتمانية للدولة. ورأى مصدر في المركزي المصري في معدلات نمو النقد الأجنبي، مؤشراً على كفاية أداء السياسات النقدية، التي تقود إلى الاستقرار النقدي، ذلك ان النظام الذي استحدثه المركزي لإدارة السيولة المحلية بالنقد الأجنبي للمصارف العاملة في السوق، أتاح عرض النقد الأجنبي وتحديداً الدولار، لمواجهة الطلب من دون قيود. ومكن"الانتر بنك الدولاري"المصارف التي تواجه طلباً يفوق مواردها من اللجوء إلى السوق المصرفية المصارف التي تتمتع بالفائض لتغطية حاجتها. وقضى بالتالي على فرص استغلال حالات الندرة الجزئية لدى بعض أطراف السوق، لخلق سوق موازية لعرض الدولار، كما كان يحدث في السابق. وأشار المصدر إلى أن المركزي يحرص في تقريره الشهري، على مقارنة الرصيد بمستوى تغطيته للاحتياجات، من معدلات الواردات السلعية شهرياً، والتي ارتفعت حالياً إلى عشرة شهور ونصف الشهر، مقارنة بنحو ثمانية شهور ونصف الشهر في مطلع العام الجاري. واعتبر محافظ المركزي الأسبق علي نجم، أن احتياط المركزي من النقد الأجنبي، يعني مزيداً من القدرة على مواجهة متغيرات الميزان التجاري، التي كانت سبباً في السابق لاستنزاف هذا الرصيد، بعد أن تحول عدد من المستوردين الى حالة من النهم الاستيرادي، في أعقاب ما واجهته منطقة جنوب شرق آسيا من أزمات اقتصادية، دفعت الى خفض هائل في أسعار منتجاتها، ما أدى الى تدفق هائل لهذه السلع الى الأسواق المجاورة، ومن ثم فإن نمو الاحتياطي إضافة الى ترشيد السياسة الاستيرادية أديا الى استمرار نمو تلك الأرصدة. آلية جديدة وأضاف نجم، أن ليس ما يشير الى استهداف المركزي تنمية هذا الرصيد على حساب أرصدة النقد المحلي من خلال آلية"الانتر بنك الدولاري"التي استحدثها أخيراً بسبب وفرة الاحتياطي بالعملة الوطنية، واضطراره الى تحويل جانب منها الى المصارف لاستخدامها في عمليات شراء الأذون والصكوك المحلية، واستبعد تدخل"المركزي"شارياً للدولار، لزيادة احتياطه من العملات الأجنبية، بل رأى أنه يعمل على ضمان تنفيذ القواعد التي وضعها لنشاط السوق. في المقابل، قلل الخبير المصرفي نبيل حشاد، من حدوث نقص جديد في احتياطي النقد الأجنبي بعد فترة النمو الحالية، لافتاً الى أن معدلات الطلب على الدولار لا تعبر عن ذلك، كما ان ارتفاعها لن يعيد شبح انهيار أسعار صرف الجنيه، خصوصاً ان الطلب على الدولار يحتاج الى نمو في الاستهلاك غير قائم حتى الآن، وفي حال وجوده لن يمثل ضغطاً ضرورياً على أرصدة الاحتياطي، ما يعد فرصة لاستخدام"المركزي"ما في حوزته من أدوات، بما فيها جزء من هذا الرصيد، من دون تعريض الاستقرار النقدي لأي هزات.