بعد نحو عام ونصف العام على قرار تحرير سعر الصرف يسعى البنك المركزي المصري الى وضع سياسة جديدة تهدف الى القضاء على السوق الموازية لاسعار الصرف التي استمرت على مدار الاعوام الثلاثة الماضية في التحكم بالمعروض النقدي من القطع الاجنبية الامر الذي ساعد في ارتفاع سعر الدولار"غير المبرر"حتى قارب على 7 جنيهات وتجاوز هذا الحاجز في بعض الاحيان. واكد نائب محافظ المركزي طارق عامر"ان المركزي عازم على اتباع سياسة جديدة سيُعلن عنها قريباً لتوحيد اسعار الصرف ومن ثم قطع الطريق على المضاربين والسوق الموازية التي سيتم اجبارها على الانسحاب والتوقف عن عرض النقد الاجنبي". وعلى رغم أن عامر لم يفصح عن فحوى السياسة الجديدة إلا ان استهداف توحيد اسعار صرف النقد الاجنبي داخل سوق العرض يعاود لفت الانتباه مجدداً الى ما اثير من قبل في شأن دراسة يتم اعدادها لتنفيذ ما عرف باسم"الانتر بنك الدولاري"بواسطة لجنة تطوير السوق المصرفية التي تم تشكيلها منذ اكثر من ثلاثة شهور لإصلاح الاختلالات التي يعاني منها النظام النقدي التي يعكسها توزيع السيولة بالنقد الاجنبي بين منافذ العرض بعد انتزاع شركات الصرافة لنسبة كبيرة من المعروض في هذا السوق قبل ان تحوله التعاملات الى السوق الموازية وسط اجراءات من عدم الثقة انعشت بدورها سوق المضاربة وجعلت نظرية القوى التعادلية لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار تتجاوز الفجوة الافتراضية الى هوة سحيقة تتعلق بنحو 20 في المئة من القيمة الفعلية التي ينبغي أن يكون عليها سعر الدولار مقابل الجنيه. ويقل هذا السعر في المتوسط نحو 80 قرشاً في كل دولار، وكلما اقتربت السوق من مرونة العرض والطلب كلما اصبح ذلك ممكناً. وعلى رغم الثقة التي عبر بها المركزي فإن توحيد سعر الصرف يتحكم فيه بصورة كبيرة نمو الموارد الدولارية وبالتالي ارتفاع نسبة المعروض النقدي من هذه الموارد امام قوى الطلب في الاسواق ما يسمح بادارته على نحو اكثر رشادة. وتعليقاً على فرص نجاح آلية"المركزي"الجديدة في مصر قال وزير الاقتصاد الاسبق رئيس مجلس ادارة"بنك الشركة المصرفية العربية الدولية"حسن عباس زكي:"ان السيطرة على سعر الدولار لا تمثل عائقاً طالما كانت هناك وفرة في تدفق الموارد"واقترح الاستفادة من الاقتراح الذي قدمه في وقت سابق لطرح سندات دولارية الذي قامت الحكومة على غراره بالعمل على فتح اوعية الادخار الدولارية امام القطاع العائلي من المدخرين في هيئة البريد. ولفت زكي الى أن نظام المركزي الذي يعمل على تعويض حاجات المصارف من النقد الاجنبي لفتح الاعتمادات المستندية من داخل السوق عن طريق"مصارف الوفرة"، أو حتى من جانب"المركزي"نفسه الذي يكون في ظل النظام الجديد مؤهلاً للتدخل بيعاً وشراءً للدولار حسب حاجات السوق ولن يحتاج الامر الا لمبادرة يقوم بها في البداية بعدما تُظهر السوق حاجتها الى هذا التدخل وينتقل بعدها المركزي الى شراء الدولار متى حدثت الوفرة، وهذا النظام يجري التعامل به في عدد من الدول الاجنبية ولا يمثل بالنسبة لها مفارقة مع الواقع. ومن جانبه رأى نائب المدير العام في"البنك العربي الافريقي الدولي"احمد سليم ان اطلاق نظام المركزي يحتاج الى بيئة مواتية عكسها حرص المركزي نفسه على وضع مدى زمني لنجاح مهمته في توحيد اسعار الصرف قوامه 18 شهراً، وهي مهلة يكون المركزي تمكن خلالها من بناء قاعدة من الاصول القابلة لمساندة تدخلات المركزي في اي لحظة وهي بالقطع غير متوافرة بصورة كاملة حتى الآن على رغم نجاحه في خفض سعر الدولار بواقع 50 قرشاً في المتوسط. واكد سليم أن طريق توحيد اسعار الصرف لا تزال شاقة ويتعين على الميزان التجاري دعمها من خلال فائض تصديري يسمح بتوفير موارد دولارية اضافية تساند هذه المهمة، فضلاً عن اتباع سياسات مالية توسعية قادرة على انعاش النشاط الاقتصادي وهو الوضع المأمول مع خروج المجلس التنسيقي للسياسة النقدية الى حيز التنفيذ ليتولى مهمة التنسيق بين متطلبات السياسة النقدية والمالية.