فيصل بن بندر يطلع على أعمال أمن المنشآت    أمير القصيم يدشن مشروعات محافظة أبانات    سعود بن بندر يستقبل مدير الالتزام البيئي ورئيس «رياضة الأساتذة»    برعاية ملكية.. انطلاق النسخة الرابعة لمؤتمر التعدين الدولي    الذهب يرتفع.. و«السيارات وقطع الغيار» تتصدر مكاسب الأسهم الأوروبية    التعاون الاستثماري بين الصين والدول العربية يزداد قوةً وتنوعاً    المملكة والسَّعي لِرفع العقوبات عن سورية    200 جندي إسرائيلي يرفضون القتال حال عدم إتمام صفقة «الأسرى»    مركز الأطراف الصناعية في عدن يُقدم خدماته ل 452 مستفيدًا خلال شهر ديسمبر الماضي    ولي العهد يبحث مع الرئيس البرازيلي العلاقات الثنائية    الشباب ينشد التعويض أمام الرياض.. الاتفاق يلاقي ضمك.. الخلود في مواجهة الأهلي    الحزم يلاقي الصفا.. والنجمة يواجه الجندل.. وجدة يخشى البكيرية    مجلس الوزراء يشيد بالمشاركة الدولية في الاجتماعات الوزارية بشأن سورية    أمير الشرقية يتسلم تقرير الملتقى العلمي    فيصل بن نواف يطلق ملتقى «جسور»    البروتين البديل    سعود بن خالد يشهد اتفاقية «الفاحص الذكي»    مستشفى المذنب يُجري 1539 عملية جراحية    مفتي الطائفة العلوية ل«عكاظ»: السعودية محل ثقة.. ودورها محوري في سورية    «أمن الدولة»: انتقلنا من مرحلة توفير الأمن إلى صناعته    مدير الجوازات: أجهزة ذكية لقياس مدة بقاء الحجاج في «الكاونتر»    من أعلام جازان.. الشيخ الجليل ناصر بن خلوقة طياش مباركي    مجلس الوزراء يشيد بالمشاركة الدولية في الاجتماعات الوزارية بشأن سوريا    صراع «الفاشنيستا» تديره فَيّ فؤاد    الدبلوماسي الهولندي ما رسيل يصف بعض جوانب الحياة في قنا حائل    ابو قلبٍ مريح    أمريكا والتربية    م ق ج خطوة على الطريق    احتفاء ب"الحرف اليدوية"    زراعة البن .. إرث أصيل ومحصول واعد    مفوض الإفتاء في جازان يحذر من خطر الجماعات المنحرفة خلال كلمته بالكلية التقنية بالعيدابي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    منشأة خامسة لأرامكو السعودية تدخل قائمة "المنارات الصناعية"    يا رجال الفتح: كونوا في الموعد    رونالدو يقترب من تمديد عقده مع النصر    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    «الغذاء والدواء»: الجنسنغ بجرعات عالية مضر بالصحة    هل انتهت كرة السلة في المدينة المنورة ؟!    أفكار قبل يوم التأسيس!    انطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين" غدًا في جازان    النهاشي يواجه أسطورة تايلاند على حزام «الكيك بوكسينغ» العالمي    الدكتور علي مرزوق إلى رتبة أستاذ مشارك بجامعة الملك خالد    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    نادر عبدالجليل.. يُتوج ببطولتَي المملكة في «الملاكمة التايلندية» و«كونغ فو ساندا»    إشعار بزيادة الإيجار!    أنسنة متنزه رغدان    ألمانيا.. بين دعم السلام والأسلحة الفتاكة!    شعب طموح + دولة مبدعة = لا مستحيل    اتفاق مرتقب لوقف إطلاق النار في غزة بين الآمال والعقبات    الرياح العاتية تهدد لوس أنجلوس بإشعال حرائق مدمرة جديدة    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    بخاري: انتخاب عون و«الاستشارات» يسهمان بتعزيز نهضة لبنان    البسامي: أمن ضيوف الرحمن ركيزة أساسية عند إعداد الخطط الأمنية    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة السماري    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلدان العربية كلها تترجم 4.3 في المئة مما تترجمه ألمانيا . الأدب العالمي يبدعه المترجمون
نشر في الحياة يوم 02 - 02 - 2006

الشكوى من ضعف حركة الترجمة إلى العربية شكوى عامة في العالم العربي: القراء يشتكون من قلة الأعمال المترجمة عن اللغات الأخرى ومن رداءة كثير من الترجمات، وعدم مواكبتها الجديد في عالم الفكر. والمثقفون يشكون خصوصاً من هيمنة الترجمة من الانكليزية، وضعف حركة الترجمة من اللغات الأخرى، لا سيما غير الأوروبية - فماذا نعرف نحن عن الأدب الهندي، أو الصيني أو الفارسي أو الآداب الإفريقية؟ أما القائمون على حركة الترجمة، أي المترجمون، فيشتكون من ضعف مكافآت الترجمة التي بلغت حداً متدنياً لا يشجع أحداً على احتراف هذه المهنة الشاقة التي تتطلب امتلاك ناصية اللغة الأم، ومعرفة عميقة باللغة الأجنبية واطلاعاً واسعاً على مختلف فروع المعرفة، وهي كلها شروط لا تتوافر إلا لدى المترجم الذي يصرف سنوات كثيرة من عمره في الدرس والتحصيل، ليجد نفسه في النهاية يتسول مكافآت هزيلة قد لا ينالها إلا بعد شهور وشهور من نشر الترجمة. المترجم في العالم العربي يقوم بالمهمة التي تقوم بها مؤسسات في الغرب: فهو يقوم في كثير من الأحيان باختيار العمل الذي يراه صالحا للترجمة، ثم يبحث عن دار نشر عربية، ولعله يقوم أيضا بالوساطة للحصول على الحقوق من الناشر الأجنبي هذا إن لم يقم الناشر العربي بالقرصنة، ثم يقوم بالترجمة والتنقيح والمراجعة كثير من دور النشر العربية لا تعترف بشيء اسمه مراجعة أو تحرير قبل الطبع. فهل يستحق العائد المادي أو الأدبي كل هذا الجهد؟ الجواب نراه واضحاً في عدد الكتب المترجمة إلى العربية وفي مستواها.
إذا صدقت الإحصائيات فإن العالم العربي كلَه يترجم في العام ما لا يزيد عن ثلاثمائة وثلاثين كتابا من مختلف اللغات الى اللغة العربية، وهو رقم يبين بوضوح ضعف حركة الترجمة الى اللغة العربية. وماذا عن بقية أنحاء العالم؟ ربما لا يعلم كثيرون أن عدد الأعمال التي تترجم الى اللغة الانكليزية في الولايات المتحدة لا يزيد سنويا عن هذا العدد أيضا. هل يعزينا ذلك؟ بالطبع لا، فعلينا ألا ننسى أن الأميركيين يستطيعون الاطلاع على جزء كبير من الانتاج الثقافي العالمي بلغتهم، لأنه يكتب باللغة الانكليزية التي هي اليوم لغة العلم والتبادل الثقافي في العالم، وهو ما لا يستطيع العرب أن يدعوه.
وإذا كان الأميركيون كسالى في الترجمة فإن الإنكليز أنشط، وإذا نظرنا الى اللغة الفرنسية، وجدنا حركة أكثر نشاطا وسرعة، أما الألمان فيمكنهم أن يدعوا بكل فخر أنهم أبطال العالم في الترجمة، وأن ألمانيا تمثل وطنا للآداب الأجنبية. فمن يدخل مكتبة ألمانية سيتعجب من كثرة الترجمات التي يصادفها، وهي ترجمات تغطي كل فروع المعرفة. وإذا كان شاعر ألمانيا الكبير غوته قد صك في القرن التاسع عشر مصطلح"الأدب العالمي"، فإن ألمانيا اليوم هي وطن الترجمة من الآداب الأخرى الى الألمانية. ووفقا لاحصائيات رابطة الناشرين الألمان فإن كل ثامن كتاب في ألمانيا مترجم عن لغة أخرى - هذا يعني نحو سبعة آلاف وستمائة عنوان في كل عام، وهو ما يزيد عن 12 في المئة من إجمالي الكتب المطبوعة في ألمانيا سنويا"أي أن كل بلدان العالم العربي لا تترجم سوى 4.3 في المئة مما تترجمه دولة واحدة، هي ألمانيا!
ويعتبر مجال الأدب هو الأكثر استقبالا للترجمات في ألمانيا - ففي هذا القطاع تمثل الترجمة ما يزيد عن ثلاثين في المئة من الكتب الألمانية المطبوعة سنويا"أي أن كل ثالث كتاب أدبي في ألمانيا مترجم من لغة أخرى. وإذا قارنا هذه الأرقام مع الولايات المتحدة مثلا اتضح لنا الفارق الكبير: هناك تبلغ نسبة الترجمة واحد الى اثنين في المئة من المطبوعات السنوية.
ولا تنحصر وظيفة الترجمة في إطلاع القراء على نتاج العالم الثقافي فحسب. الترجمة تؤثر في الأدب المحلي الذي يتفاعل مع الجديد ويثمر أعمالاً ما كان لها أن تنشأ لولا الترجمة. وللروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو كلمة جميلة في هذا الصدد:"إن الأدباء يبدعون أدبا محلياً، أما الأدب العالمي فيبدعه المترجمون".
كانت ألمانيا منذ قرون وطنا للترجمة والآداب الأجنبية، بل ربما يحق لنا القول إن اللغة الأدبية الحديثة في ألمانيا نشأت مع الترجمة، وتحديداً مع ترجمة"الكتاب المقدس"التي قام بها المصلح المشهور مارتن لوتر. قد يكون لوتر أخفق في اصلاح الكنيسة الكاثوليكية كما كان يتمنى، ولكنه بالتأكيد نجح في خلق لغة ألمانية حديثة وحية عندما قام بترجمة الكتاب المقدس من اللاتينية الى الألمانية - بل إن كثيراً من علماء اللغة الألمانية يرون أن الانجاز اللغوي، لا الكنسي، هو الانجاز الحقيقي لمارتن لوتر. ويمكن القول إن لوتر كان أول منظر للترجمة في التاريخ، وتتلخص نظريته في الترجمة في وجوب اعتماد البساطة، وكان شعاره في الترجمة:"النزول إلى الشارع"، أي استخدام المفردات التي يتحدث بها العامة، وذلك حتى تصبح ترجمته لكلام الله المنزل مفهومة من أكبر عدد من الناس. لذا فجرت ترجمة لوتر ثورة حقيقية داخل الكنيسة الألمانية آنذاك التي كانت تقتصر في الصلوات على اللغة اللاتينية التي لا يفهمها معظم المصلين.
بعد الحرب العالمية الثانية كانت الترجمة هي النافذة الوحيدة التي تتيح للقراء الألمان الاطلاع على ثقافة العصر. وأطلق الألمان على الفترة التي أعقبت الخراب والدمار الذي خلفته الحرب"ساعة الصفر". في تلك الفترة لعبت الترجمة دوراً مهماً للتعريف بثقافات العالم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الانطولوجيا التي قدمها الشاعر الكبير هانز ماغنوس انتسنسبرغر بعنوان:"متحف الشعر الحديث"والتي جمع فيها أشعاراً من مختلف الثقافات واللغات، وقدمها في باقة ألمانية جميلة. لكن الترجمة الأدبية في ألمانيا لم تظل محصورة في نطاق الأدباء أو المترجمين الهواة مثلما يحدث في كثير من البلدان، حيث يمارس مترجمو الأدب مهنتهم بشكل ثانوي الى جانب تدريس الأدب مثلا. الوضع يختلف في ألمانيا حيث تكونت نقابة لمترجمي الأدب تضم نحو ألف ومئتين من المترجمين المحترفين، وإن كان وضعهم المادي ليس أفضل كثيرا عن نظرائهم في البلدان الغربية الأخرى، لكنه لا يُقارن إطلاقاً بالوضع التعس والبائس للمترجم العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.