كشفت مؤسسة "فرانس تيليكوم" الفرنسية للاتصالات عن ارباح قياسية حققتها عام 2005 وبلغت 5.7 بليون يورو، لكنها أعلنت في الوقت ذاته عن خطة لصرف نحو 17 ألف موظف من العاملين لديها في حلول عام 2008، نتيجة المنافسة المتصاعدة التي تواجهها من شركات الاتصال الخاصة. وفي محاولة لايضاح هذه المفارقة اشار أحد المراقبين الى ان"فرانس تيليكوم"، التي لا تزال الدولة الفرنسية المساهم الرئيس فيها،"تتصرف على طريقة الديناصور، الذي حول نفسه الى فيل تجنباً للموت الذي يهدده، وان الفيل يجد نفسه الآن مضطراً للتحول الى غزال، للسبب نفسه". وكانت عملية التحول الاولى أدت الى صرف نحو 20 ألف موظف وترافقت مع تنويع للخدمات التي تقدمها المؤسسة بحيث لم تعد تقتصر على الاتصالات الهاتفية الثابتة بل شملت الاتصالات الهاتفية النقالة وانترنت. واتاح هذا التنوع الذي أعقب عملية التخصيص الجزئية للمؤسسة، المزيد من الانفتاح فتمكنت"فرانس تيليكوم"من الوجود في اسواق اوروبية عدة منها بريطانيا واسبانيا وبولندا وغيرها. وبعد ان كادت"فرانس تيليكوم"تنهار تحت وطأة الديون التي تراكمت عليها حتى سنة 2003، فانها نجحت في التحول الى مؤسسة تحقق ارباحاً طائلة. ولكن هذه الارباح ليست ضمانة لاستمرار المؤسسة في ظل التسارع الذي تشهده تكنولوجيا الاتصالات. وتشمل هذه المنافسة الاتصالات الهاتفية التي لم تعد حكراً عليها سواء في مجال الهاتف الثابت او النقال كما تشمل ايضاً انترنت، مما ادى الى فقدانها لنحو 600 الف من زبائنها في السنة الماضية. كما ان هذه المنافسة ليست محصورة في فرنسا بل انها قائمة في مختلف الاسواق التي توجد فيها"فرانس تيليكوم"مما يلزمها بالتعامل معها عبر تكثيف وتنويع العروض التي تقدمها لجذب زبائن جدد اليها والحفاظ قدر الامكان على الزبائن القدامى. ولذلك تجد الشركة نفسها مضطرة لأن تكون اكثر هجومية وأكثر سرعة وخفة، ومضطرة في الوقت ذاته لتخفيض تكاليفها حفاظاً منها على عائدات مساهميها، والاستمرار في الوقت ذاته في خفض حجم ديونها التي تقدر بنحو 48 بليون يورو. وأشار رئيس"فرانس تيليكوم"دبدبيه لومبار الى انه يعتزم المضي في خطة تحديث المؤسسة التي وضعها في حزيران الماضي، عبر تقليص مستويات الاجهزة المختلفة التي تشكل هيكليتها بعد ان كان خفض عدد هيئتها الادارية من 23 شخصاً الى 9 اشخاص. واوضح ان المؤسسة التي يبلغ عدد العاملين فيها نحو مئتي الف شخص من بينهم 118 الفاً في فرنسا، ستصرف 16 الفاً من موظفيها في فرنسا والفاً في الفروع الخارجية، لكنها في المقابل تعتزم توظيف ستة الاف شخص من المختصين في التكنولوجيا الحديثة. وأثارت هذه الخطة بالطبع انتقادات حادة من قبل نقابات موظفي"فرانس تيليكوم"التي رأت ان التوجه الذي يعتمده لومبار لا يلحظ سوى الحفاظ على مردودية الاسهم، علماً بأن موظفي المؤسسة هم ايضاً من المساهمين.