رفضت الحكومة السودانية أمس مقترح الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان تعزيز قوات الاتحاد الافريقي في اقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد بقوات تدخل سريع اميركية واوروبية، وانتقدت تقريرين قدمهما مبعوثه الى السودان يان برونك الى مجلس الامن، فيما اعلن مجلس الامن والسلم التابع للاتحاد الافريقي انه يدرس خيارات عدة من بينها تسليم مهمات قواته في دارفور إلى الأممالمتحدة بسبب نقص التمويل وعدم وفاء الشركاء بالتزاماتهم. وأبدى وزير الخارجية السوداني لام اكول استغرابه ودهشته لتوقيت مقترح أنان، موضحاً انه عاد امس من اجتماعات مجلس السلم والامن الافريقي التي عقدت في اديس ابابا. وقال ان ممثل الاممالمتحدة اكد ان المنظمة الدولية غير مستعدة لتولي دور قوات الاتحاد الافريقي في دارفور التي تواجه نقصاً فادحاً في التمويل. ودعا اكول في مؤتمر صحافي المجتمع الدولي الى دعم قوات الاتحاد الافريقي الموجودة على الارض بمزيد من الاموال، وليس عبر تعقيد الوضع هناك بارسال مزيد من القوات. وقال:"نعتقد ان قوات الاتحاد الافريقي تقوم بمهماتها بشكل جيد ولم تعلن انها عجزت عنها، والامر الطبيعي هو منحها الاموال التي طلبتها وليس تعقيد الوضع بإضافة عناصر جديدة هناك". واضاف:"إذا كانت الاممالمتحدة جادة في القيام بعمل جيد في دارفور، فلماذا لم تمنح الاتحاد الافريقي المزيد من المال". لكن الاتحاد الافريقي أعرب عن تأييده اقتراح نشر قوة تدخل سريع تابعة للأمم المتحدة في دارفور، على رغم عدم ترحيب الحكومة السودانية به. وقال نائب رئيس لجنة الاتحاد الافريقي فى دارفور باتريك مازيمفاكا إن السلطات السودانية ليس من حقها اتخاذ قرار بشأن الإجراءات التي قد يتخذها الاتحاد الافريقي لمحاولة إنهاء الصراع المستمر، بما أن الخرطوم طلبت مساعدته. كما رحب متمردو دارفور بنشر قوات دولية اضافية، وقال نائب رئيس"حركة تحرير السودان"جمعة محمود"اذا جاء الاميركيون فسيكونون افضل من الاتحاد الافريقي الذي فشل حتى الان في حماية المدنيين."ورأى ان الاتحاد الافريقي"لديه قوات كافية ومعدات لكنها لا تزال غير قادرة على اداء مهمتها ووقف الهجمات". واعتبرت"حركة العدل والمساواة"ان جنسية القوة لا تهم، وقال المتحدث باسمها احمد حسين ان هناك حاجة لمزيد من القوات بتفويض أكبر لحماية المدنيين. وفي واشنطن، اعلنت الولاياتالمتحدة تأييدها اقتراح ارسال قوات من الاممالمتحدة الى دارفور لكنها لم تعرض المساهمة بقوات اميركية. وقالت مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية جندي فريزر في تصريح إن"واشنطن ستدعم مقترح ارسال قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة لدعم قوات الاتحاد الافريقي في دارفور، ولكن ليس لتحل محلها"، واستبعدت في الوقت نفسه مشاركة قوات اميركية. وفي هذه الاثناء، اقترح مجلس السلم والامن الافريقي بعد اجتماع عقده في اديس ابابا تمديد مهمة بعثته لحفظ السلام في دارفور لفترة تتراوح ما بين تسعة اشهر وعام، يسلم بعدها مهماته الى الاممالمتحدة بسبب نفاد التمويل. وجاء في التقرير"حتى الآن لم يصلنا اي تعهد من شركائنا بالمساهمة في تمويل قوات الاتحاد الافريقي في الفترة التي تلي شهر اذار مارس المقبل وهو الشهر الذي تنفد فيه جميع الاموال المخصصة للقوات في دارفور". و استمع مجلس الامن ليل الجمعة السبت الى تقريرين من مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى السودان يان برونك حول سير انفاذ اتفاق نيفاشا والاوضاع في دارفور. واعتبر برونك في تقريره ان تحقيق السلام في الاقليم يحتاج بين ثلاث واربع سنوات، مشيراً الى استمرار تدهور الاوضاع الامنية. ودعا برونك إلى إرسال قوة حفظ سلام دولية جديدة إلى إقليم دارفور لضمان عدم تعرض المدنيين للهجمات ونزع أسلحة الميليشيات المسؤولة عن الجرائم التي شهدها الإقليم. كما دعا إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن أعمال العنف التي أودت بحياة 300 ألف شخص ونزوح أكثر من مليونين آخرين. ووصف برونك الوضع في دارفور بالفوضى، وقال إنه يجب الإقرار بأن استراتيجية السلام المتبعة لم تنجح في مسعاها بالنظر إلى استمرار أعمال العنف والقتل وترهيب السكان المحليين. لكن المسؤول في بعثة السودان في الاممالمتحدة ياسر عبد السلام وصف تقرير انان بأنه سيئ وفيه تلميحات الى اجراءات عقابية، مشيراً الى ان السودان لم يدخر جهدا في التعاون مع المنظمة الدولية لاقرار الامن والاستقرار في الاقليم. وكان أنان كشف عن خطة لنشر قوة دولية سريعة في دارفور تضم قوات امريكية واخرى من الاتحاد الاوروبي، وقال إن جرائم الاغتصاب والقتل مستمرة في دارفور، وان القوة الجديدة التي ستعمل هناك ستحتاج إلى دعم جوي ومعدات عسكرية معقدة. لكنه اضاف انه يتعين اولاً الحصول على موافقة الحكومة السودانية ومجلس الامن الدولي والاتحاد الافريقي وهو الجهة الوحيدة التي ارسلت قوات اجنبية الى دارفور حتى الان. وفي اديس ابابا اف ب، أعلن نائب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي باتريك مازيمهاكا امس ان على السودان القبول بان تحل الاممالمتحدة محل الاتحاد في مهمة ارساء السلام في دارفور. وقال لوكالة"فرانس برس"في مقر الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية"على السودان ان يقبل قرار مجلس السلام والامن"في الاتحاد الافريقي، مضيفاً ان"على الدول الاعضاء كافة الموافقة على القرارات التي يتخذها هذا المجلس". وتابع مازيمهاكا"نأمل في ان يوافق السودانيون على هذا القرار، لا يمكننا مواصلة تسيير مهمة السلام الى ما لا نهاية". واوضح"اننا قادرون على التدخل لارساء الاستقرار في وضع من الاوضاع لكن ليس لدينا الموارد الكافية للقيام بمهمة حفظ السلام على المدى الطويل، هذه مسؤولية الاممالمتحدة". واضاف"هناك فترة انتقالية من نحو ستة اشهر تصبح على اثرها الاممالمتحدة مستعدة للتدخل، لكنها لن تحل محل قوات الاتحاد الافريقي على الفور"، مؤكداً ان الاتحاد سيبحث مع الاممالمتحدة اجراءات استئناف مهمته.