يحيي اللبنانيون اليوم، الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في أبشع جريمة سياسية طاولت البلد الصغير، وكان وقعها زلزالاً كبيراً ما زالت تداعياته تتفاعل محلياً وعربياً ودولياً، وكان ابرز ارتداداته الانسحاب السوري من لبنان في 26 نيسان ابريل الماضي، وتغييراً في الخريطة السياسية اللبنانية الداخلية، وتكليف مجلس الأمن لجنة دولية مستقلة التحقيق في الجريمة، تواصل عملها الذي يشمل التحقيق مع مسؤولين سوريين بارزين. راجع ص 6 و7 و8 وعشية الذكرى، بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس، مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ملف التطورات في لبنان خصوصاً، والأوضاع في المنطقة والعالم. واستقبل الملك عبدالله السنيورة في قصره في الرياض، وأفادت"وكالة الأنباء السعودية"انه جرى خلال الاجتماع"البحث في مجمل الأوضاع والتطورات على الساحتين العربية والدولية، إضافة الى آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل دعمها وتعزيزها في كل المجالات". وكان السنيورة اجتمع بعد وصوله الى العاصمة السعودية مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. ويتذكر اللبنانيون اليوم 14 شباط فبراير من العام 2005، حين انفجر في الواحدة إلا خمس دقائق من بعد ظهر يوم الاثنين طن من المتفجرات في محاذاة فندق"سان جورج"بموكب رفيق الحريري فقتل على الفور ومعه النائب الشهيد باسل فليحان و18 مواطناً بينهم 7 من مرافقي رئيس الوزراء السابق. وستشهد ساحة الشهداء اليوم وسط بيروت تجمعاً حاشداً حول ضريح الحريري وأضرحة مرافقيه، بدعوة من قوى"14 آذار"و"تيار المستقبل"الذي يتزعمه نجله النائب سعد الحريري الذي عاد قبل يومين من الخارج على رغم الظروف الأمنية الصعبة المحيطة بوجوده في لبنان. وفيما يتطلع المراقبون الى حجم التجمع الذي لن يشارك فيه على الصعيد الشعبي"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون الذي سيرسل وفداً قيادياً رمزياً من التيار، دعت كتلة"المستقبل"النيابية اللبنانيين في العاصمة وسائر المناطق وفي كل مدينة وقرية، الى المشاركة في"التجمع في ذكرى الرجل الذي بدمائه اكد الوحدة الوطنية واستعاد الاستقلال". وأكدت الكتلة ان"كل التدخلات والفتن الخارجية لن تؤثر في وحدتنا الوطنية، ومحاولات ضرب السلم الأهلي لن تجعلنا ننجر نحو ما يخطط لنا من تفتيت وشرذمة". وأكدت كتلة"المستقبل"أن"التحقيق والعدالة في الجريمة هما قاعدة بناء علاقاتنا مع كل الاطراف والقوى الداخلية والخارجية وأصالة عروبتنا لا تحتاج الى شهادة من أحد". واعتبرت ان"المرحلة الانتقالية ستنتهي باسقاط بقايا رموز المرحلة التي اكتوى بنارها جميع اللبنانيين، وكانت عناوينها القتل والتهجير والنفي والسجون". الى ذلك، وجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك"تحية إكبار"الى صديقه الرئيس الحريري، مؤكداً أن التغيير الذي أحدثه اغتياله"تجلى بديناميكية أحيت الأمل باستعادة لبنان الديموقراطية والحرية والامن والسلام، وأعاد اليه موقعه والاحترام الذي يستحق داخل المجتمع الدولي". وقال:"أراد الجنرال شارل ديغول غداة الحرب العالمية الثانية ان يعيد لفرنسا قوتها والاحترام الذي تستحقه ورفيق الحريري يندرج في الخط نفسه. انه النوع من الرجال والتركيبة نفسها". ونفى شيراك تراجع التصميم الدولي والضغوط من اجل"معرفة الحقيقة وتحقيق استقلال لبنان بعيداً من أي نفوذ او تدخل"، فأكد في حديث الى تلفزيون"المستقبل"ان المجتمع الدولي"لا يزال مصراً ومصمماً على معرفة قتلة الحريري وإنزال العقاب بهم، ولا يزال متمسكاً بقوة بتمكين لبنان من الإمساك بكل سبل تحقيق الاستقلال الناجز، وتوفير الأمن والتنعم بالحرية"، مشدداً على ان"الالتزام الدولي في هذا المجال لا يزال على حاله من دون أي تغيير أو تراجع". ووصف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اغتيال الحريري بأنه كان"صدمة كبيرة"، وقال في حوار مع تلفزيون"المستقبل":"ان رحيل الشهيد الكبير خسارة للأمة العربية والمنطقة... ان الخدمات التي قدمها لوطنه وشعبه جليلة سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي، وحتى على الصعيد الاجتماعي والانساني". وأمس بحث وزير العدل اللبناني شارل رزق مع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون في"سبل تسريع اجراءات وضع الأسس الأولية لانشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المتهمين في اغتيال الحريري، في ضوء الدراسات التي أعدتها وزارة العدل. وحضر الاجتماع كبار القضاة اللبنانيين المعنيين بملف الجريمة". براميرتز وفي نيويورك، وصفت مصادر رفيعة المستوى القاضي سيرج براميرتز رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري ورفاقه قبل سنة، بأنه"ضليع بكل ما في الكلمة من معنى"و"شديد التدقيق في التفاصيل، ونظامي وشديد الاعتناء بالتصنيف والترتيب للأدلة التي يمتلكها التحقيق... ويجب ان يكون مصدر قلق لسورية". وبحسب هذه المصادر التي قابلت براميرتز أثناء زيارته نيويورك الاسبوع الماضي ان الرئيس السابق للجنة ديتليف ميليس"جمع قدراً ضخماً من الأدلة"أثناء توليه التحقيق، وان براميرتز سيقوم الان بتصنيف وترتيب"هذه المعلومات بصورة معمقة وشاملة"، ما"يتطلب بعض الوقت"ويفسر ما يقوم به براميرتز منذ توليه الملف. مصادر أخرى مطلعة على أعمال براميرتز قالت انه"يركز على بناء قضية، ادعاء"، ولذلك فهو"ينظم القضية لتكون جاهزة للطرح في المحاكم". وأضافت هذه المصادر ان براميرتز يصب جهوده على"تقوية القضية وتقوية تنظيمها"لتكون جاهزة للادعاء في المحاكم. وأشارت المصادر الى ان قرار براميرتز هو العمل وراء الكواليس وبعيداً عن الاعلان"لأنه منشغل في التهيئة والتحضير للادعاء". وقالت انه مصر على عدم طرح ما يقوم به علناً، بما في ذلك ما يقوم به لجهة"آليات"المرحلة المقبلة من الاستجوابات والمقابلات مع المسؤولين السوريين. ولذلك لم يوضح تماماً أثناء زيارته لنيويورك"ظروف وشروط ومواعيد تلبيته دعوة الحكومة السورية له لزيارة دمشق". وبحسب المصادر الوثيقة الاطلاع ان تيري رود لارسن، مبعوث الأمين العام الخاص المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559 الداعي الى الانسحاب السوري التام من لبنان وتفكيك جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية"لا يعتزم الذهاب الى المنطقة"قريباً كما تردد في الاعلام. وقالت المصادر ان رود لارسن"لا يحمل رسالة"من أحد"وليس لديه أية خطة للسفر"الى المنطقة الآن. وأضافت ان رود لارسن سيذهب الى المنطقة قبل تقديمه تقريره نصف السنوي الى مجلس الأمن أواخر شهر نيسان ابريل المقبل"لكنه لم يحدد موعداً قريباً"للزيارة بعد. وأشارت المصادر الى ان براميرتز سيعود الى نيويورك الشهر المقبل، الأرجح مطلع آذار مارس ليعطي فكرة عما توصل اليه في أعماله المنصبة على تحليل الأدلة ولربما عن زيارة قد يكون قام بها لدمشق. وبحسب مسؤول أميركي اشترط عدم ذكر اسمه، خرج السفير الأميركي جون بولتون الذي يترأس مجلس الامن للشهر الجاري والذي اجتمع مع براميرتز في نيويورك، خرج بانطباع عن القاضي البلجيكي بأنه"قوي وقدير"وأنه رجل"لا يتبرع بالمعلومات وانما يطرح الاسئلة لجمع المعلومات". وحسب المسؤول الأميركي، وجد بولتون براميرتز"قادراً على السيطرة على الأمور وغير قابل ابداً للدفع به هنا وهناك". وقال المسؤول:"ثقتنا به عظيمة ونحن نعتقد بأنه رجل قوي سيقوم بالمهمة بصورة رائعة". ولفت المسؤول الى ان بولتون أبلغ براميرتز ان مجلس الأمن يريد أن يحاط علماً اذا ما رفضت سورية أو غيرها التعاون والامتثال لمطالب اللجنة، وأن براميرتز رحب بالعرض ويتعهد بالتوجه الى المجلس عندما يرى ضرورة لذلك.