طلب الرئيس المصري حسني مبارك من البرلمان تعديل 34 مادة في الدستور، في خطوة هي الأكبر منذ العام 1980 والأكثر تأثيراً منذ إقرار الدستور الدائم للبلاد في عام 1971، وتضمنت التعديلات المقترحة حظر تشكيل الأحزاب السياسية على أساس ديني، وتغيير صيغة الإشراف القضائي على الانتخابات العامة، إضافة إلى تعزيز صلاحيات الحكومة والبرلمان وتغيير النظام الانتخابي وتخفيف القيود على طرح الأحزاب مرشحين للرئاسة. ومن شأن هذه التعديلات تقويض فرص جماعة"الإخوان المسلمين"التي تحظرها السلطات في الحصول على الشرعية، كما يُتوقع أن تثير أزمة مع القضاة الذين يتمسكون بإشراف كامل وحقيقي على مراحل العملية الانتخابية كافة. وأعلن مبارك أمام مجلسي البرلمان أمس أنه يطلب"من نواب الشعب تعديل 34 مادة من الدستور في نقلة نوعية تفتح أمام ديموقراطيتنا آفاقاً جديدة". وقال:"سأقف مدافعاً عن مجتمعنا بمسلميه وأقباطه في مواجهة ممارسات تسعى إلى الالتفاف على القانون وتخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين وتنشر الفتنة والتطرف وتحاول الوقيعة بين جناحي الأمة". وأضاف:"أطلب إضافة فقرة... بهدف حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو العرق". ودعا إلى تغيير الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة، وإقرار"أسلوب الاشراف الذي يحقق كفاءة ونزاهة العملية الانتخابية، والنطاق الذي يتيح لأعضاء من الهيئات القضائية الإشراف على هذه العملية ويضمن إجراء الانتخابات في يوم واحد". وطالب بتعديل نظام الانتخابات المعتمد حالياً بالنظام الفردي، ما قد يحول دون طرح"الإخوان"مرشحين للبرلمان، مشيراً إلى أهمية"اختيار النظام الانتخابي الذي يكفل تمثيلاً أوفى للأحزاب السياسية، في مجلسي الشعب والشورى، ويسمح للمرأة بمشاركة فاعلة في الحياة السياسية ويمكنها من عضوية هذين المجلسين". وتشمل التعديلات زيادة سلطات البرلمان من خلال منحه صلاحيات جديدة تتمثل في مراقبة الحكومة ومساءلتها وسحب الثقة منها وإتاحة تعديل مشروع الموازنة، إضافة إلى منح مجلس الشورى صلاحيات أوسع، بحيث لا يكون مجلساً استشارياً فحسب، ويتحول إلى مجلس تشريعي. وتنص كذلك على دعم الأحزاب وتوسيع مشاركتها من خلال تيسير ضوابط الترشيح للانتخابات الرئاسية بما يعزز فرص هذه الأحزاب. وكانت المادة 76 الخاصة بضوابط الانتخابات الرئاسية عُدلت العام الماضي. لكنها وضعت قيوداً على الترشح للمقعد الرئاسي، يصبح الترشح معها مستحيلاً من دون موافقة الحزب الحاكم. وطلب مبارك تشريعاً جديداً لمكافحة الإرهاب بدل قانون الطوارئ المفروض منذ اغتيال الرئيس أنور السادات العام 1981، مؤكداً أن"أمن الوطن واستقراره وأمان مواطنيه هو مسؤوليتي الأولى وخط أحمر لا أسمح بتجاوزه". وتطرقت التعديلات كذلك إلى الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية للدولة. وأكد مبارك حرصه على أن لا يفرض الدستور على المجتمع نظاماً اقتصادياً بعينه. واعتبر أن"مصر تجتاز مرحلة مفصلية في تاريخها". وأكد أن"الاصلاح السياسي والدستوري... يرتبط ارتباطاً موازياً ووثيقاً بالإصلاح الاقتصادي وجهود التنمية والاصلاح الاجتماعي الذي يراعي مصالح الغالبية الساحقة من أبناء الوطن". واختتم كلمته قائلاً:"سنمضي معاً في هذه المرحلة بعزم وثبات، نواصل الإصلاح بتصميم لا رجعة فيه ونستكمل تطوير ديموقراطيتنا وتحرير حياتنا السياسية واقتصادنا، ونواجه مشاكلنا بإرادة لا تلين، ونتغلب على تحدياتنا كما تغلبنا عليها من قبل، ندافع عن أمن مصر القومي ومصالحها الاستراتيجية". وأحال رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور خطاب الرئيس بعد موافقة النواب على اللجنة العامة لدراسته وإحالته مرة أخرى على المجلس للحصول على موافقة الثلثين، قبل أن تقترح اللجنة التشريعية صيغة التعديلات وتعرضها على البرلمان، تمهيداً لطرحها في استفتاء عام.