في أعقاب تنامي نفوذ الهند بآسيا وسعي اليابان في "تطبيع" سياستها الخارجية مع دول الجوار الآسيوي، يتجه البلدان نحو تعزيز العلاقات بينهما. وزيارة رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ اليابان الأربعاء الماضي، جزء من هذا السياق. والحق أن العلاقات الهندية - اليابانية اتسمت بالفتور في الستينات والسبعينات والثمانينات المنصرمة. فالهند تصدرت دول عدم الانحياز ووالت موسكو، بينما كانت اليابان معقل نفوذ الولاياتالمتحدة بآسيا. وأثار ميل الهنود الى التدين والترفع عن شؤون الدنيا سخط اليابانيين. وبادل الهنود بدورهم، اليابانيين الازدراء والسخط، ودانوا"مادية"اليابانيين. ولكن مسار هذين البلدين الاقتصادي ما لبث أن ترك أثره في العلاقات الثنائية بينهما. وبلغت نسبة نمو الاقتصاد الهندي 6 في المئة في 1980 و 2002، و7،5 في المئة بين 2003 - 2006، وتدنت معدلات النمو السكاني بالهند من 2،2 في المئة سنوياً الى 1،7 في المئة. وعلى خلاف نموذج دول شرق آسيا الاقتصادي، وهو يرجح حصة تصدير السلع الرخيصة، ينهض الاقتصاد الهندي على الاستهلاك الداخلي، والاستثمارات المحلية، وازدهار الخدمات التكنولوجية وتحسين الانتاجية عوض زيادة ساعات العمل. ويعود نجاح الاقتصاد الهندي الى القطاع الخاص. وفي المؤتمر الاقتصادي العالمي بدافوس، غلب الموظفون الحكوميون على أعضاء الوفد الصيني، بينما كان ممثلو الشركات الخاصة نحو نصف البعثة الهندية. ولا تعارض الهند تعزيز اليابان قواتها العسكرية، وانصراف الصين، تالياً، الى مراقبة حدودها الشرقية. فعلى خلاف دول المحيط الهادئ، لم تكن الهند مسرح أعمال عدائية يابانية. وفي محكمة الشرق الاقصى العسكرية الدولية ، أو ما عرف بمحكمة طوكيو في 1945، لم تجد الهنداليابان مذنبة بالتهمة الموجهة إليها، وهي ارتكاب جرائم حرب. وأثر إقدام الهند على اختبار قنبلة نووية سلباً على علاقات نيودلهيوطوكيو، بعد أيار مايو 1998. فاليابان التزمت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بينما غالت الهند في انتقاد هذه المعاهدة وخرجت عنها. وخاب أمل اليابانيين كثيراً غداة خروج بلاد بوذا والمهاتما غاندي وجواهرلال نهرو رئيس وزراء الهند 1947-1964على النهج السلمي، وصناعتها قنبلة نووية. واعتبروا السلاح النووي الهندي في مثابة خيانة مبادئ مشتركة. وتحسنت العلاقات الهندية - اليابانية في 2003 غداة تسريب معلومات عن تصدير باكستان التكنولوجيا النووية الى كوريا الشمالية. فعززت اليابانوالهند تعاونهما وسعى البلدان في الحصول على عضوية كاملة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة. واقتصرت العلاقات اليابانية - الهندية، في العقود الماضية، على مساعدات يابانية رسمية للهند في أعمال التنمية. فالمستثمرون اليابانيون عزفوا عن الاستثمار في جنوب آسيا جراء اضطراب المنطقة سياسياً واجتماعياً، وبسبب القيود على الرساميل الأجنبية. وفي غضون ذلك شرع الاقتصاد الهندي أبوابه، تدريجاً على المنافسة الدولية، وأنجز معدلات نمو عالية. ولا شك في أن المصالح اليابانية - الهندية المشتركة كثيرة. فالسوق الهندية واعدة، وقطاع تكنولوجيا الاتصالات مزدهر فيها. وفي 1999، أدركت طوكيو حاجتها الى التعاون عسكرياً مع الهند، بعدما هبّت قوات البحرية الهندية الى نجدة سفينة تجارية يابانية، وانقذتها من قبضة قراصنة بالمحيط الهندي. عن رامش تاكور نائب عميد جامعة الاممالمتحدة، "دايلي يوميوري" اليابانية، 12 / 12 / 2006