فرض مجلس الأمن الدولي، للمرة الأولى، عقوبات على إيران بموافقة روسياوالصين، وتبنى أمس بإجماع اعضائه ال15 قراراً بموجب الفصل السابع من الميثاق يضع إيران في نطاق العقوبات، ويأمرها بالامتثال الزاماً لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما فيها تعليق تخصيب اليورانيوم. وينذر القرار 1737 إيران بأن مجلس الأمن سينظر في اجراءات عقابية إضافية ملائمة في قرار لاحق، إذا كان ذلك ضرورياً، في حال رفضها الانصياع لهذا القرار ويعدها برفع العقوبات عنها إذا امتثلت. ويمهل المجلس إيران 60 يوماً، الى حين موعد تلقيه تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن تنفيذها مطالب"التعليق الكامل والمستمر لجميع النشاطات"ذات العلاقة بتخصيب اليورانيوم. وسارعت طهران ا ف ب الى ادانة القرار واعتبرته اجراء غير مشروع وخارج نطاق سلطة المجلس. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية محمد علي حسيني للتلفزيون الحكومي إن القرار"لا يمكن ان يؤثر او يحد من الأنشطة النووية السلمية لإيران، لكنه سيضعف الثقة بقرارات مجلس الامن الذي تتهاوى سلطته". واضاف"ان الامة الايرانية باعتمادها على قدراتها الوطنية وفي اطار معاهدة الحد من الانتشار النووي وحقوقها التي لا تتجزأ، ستمضي قدما في مشاريعها النووية السلمية"، مؤكدا ان ذلك يشمل"تشغيل محركات الطرد المركزي الثلاثة آلاف في مفاعل ناتانز"لتخصيب اليورانيوم وسط البلاد. واوضح هذا يعني"مواصلة الانشطة النووية السلمية الايرانية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وباعتماده هذا القرار، يضع مجلس الأمن إيران في خانة العقاب الدولي أسوة مع الصومال ورواندا وساحل العاج وسيراليون والسودان والكونغو وليبريا وكوريا الشمالية و"طالبان"و"القاعدة". ويستبعد مجلس الأمن في قراره اللجوء الى الخيار العسكري في هذه المرحلة، إذ أن القرار يصدر بموجب المادة 41 من الفصل السابع من الميثاق الذي يلزم جميع الدول اجباراً بالامتثال إلى المطالب الواردة في القرار، لكنها تقيّد الاجراءات وتحصرها بالعقوبات غير العسكرية. ودخلت الديبلوماسية الروسية على خط المفاوضات على أعلى المستويات، إذ أن الرئيس فلاديمير بوتين طلب تأجيل التصويت الذي كان مقرراً الجمعة إلى السبت، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي جورج بوش قبيل التصويت في نيويورك،"اتفقا خلاله على ضرورة المضي قدماً في إصدار قرار عن مجلس الأمن"بحسب البيت الابيض. وعملت الديبلوماسية الأوروبية أيضاً على أعلى المستويات لضمان اجماع الدول الخمس دائمة العضوية على القرار. واستغرقت المفاوضات الصعبة والمعقدة شهرين وأسفرت عن نص يحتوي على عقوبات محددة وليس عقوبات شاملة، هدفها ابلاغ طهران بأنها ليست فوق المحاسبة وأن الباب ما زال مفتوحاً أمامها للعودة الى التفاوض. ويفرض القرار قيوداً اقتصادية ويجمد أرصدة ذات علاقة بالنشاطات المحظورة، وأرفق بقائمة بأسماء أفراد وهيئات ومؤسسات تخضع للعقوبات. وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين داخل المجلس ان روسيا تدعم القرار لأن هدفه"دعم مجلس الأمن للوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأضاف ان"هذا القرار يشكل رسالة حازمة الى ايران للتعاون"مع الوكالة الدولية كما حددتها الوكالة ودعمها مجلس الأمن. واعتبر المندوب الأميركي السفير الخاندرو وولف ان رسالة المجلس"حازمة"الى ايران بسبب"تحديها المستمر للأسرة الدولية"ورفضها الامتثال لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف ان القرار يفرض عقوبات على"عناصر من النظام الايراني"، ويجمد أرصدة مسؤولين ويمنع جميع الدول من منح المعونات التي تدخل في خانة النشاطات المحظورة ويدعو الدول الى تطبيق حظر السفر على الافراد المعنيين. ورأى السفير الفرنسي جان مارك دو لا سابليير ان ايران تقف الآن أمام"خيار استراتيجي". من جهته، خاطب السفير الايراني جواد ظريف مجلس الأمن مطولاً واتهم المجلس بالازدواجية وبتجاهل اعلان اسرائيل انها تمتلك الاسلحة النووية. اما سفير قطر ورئيس مجلس الأمن للشهر الجاري ناصر النصر فشرح تصويت بلاده الى جانب القرار بالقول ان"من حق ايران إجراء البحوث في الطاقة النووية"و"لا يساورنا الشك"في صدق المقاصد الايرانية، انما لا يمكن المغامرة لناحية"الذرة". وكانت قطر وحدها صوتت في المرة الماضية ضد القرار الذي أنذر ايران على رغم تصويت الصينوروسيا معه. واعتبرت اسرائيل ان القرار يشكل"خطوة اولى"لكن"المطلوب خطوات اخرى لمنع طهران من التزود بالسلاح النووي".