مضت حوالى ثلاثة أشهر من دون أن أخط مقالة واحدة على رغم ان حولي الكثير من المنغصات الاجتماعية التي تستحق الكتابة عنها. لا أعلم لماذا تكاسلت، لكنني أدرك بشدة أنني كنت خلال هذه الفترة مستغرقة في التفكير بمستقبلي والتخطيط له في شكل كبير، وربما مخيف، إن صح التعبير، وأعتقد بأن هذا هو السبب الرئيس وراء ما حدث. لكن ما اكتشفته من تجربتي بكل صدق، هو مدى أهمية التوازن في حياة الإنسان... وهي مسؤولية ليست بالسهلة وتحتاج الى صبر ودقة حتى لا يتأثر أي جانب آخر مهم في حياتنا. النجاح حلم جميل يستحق العناء، ولذة الوصول اليه لا تعادله أي لذات أخرى، فنظرة السعادة التي تشع بإشراق من عينيّ أي ناجح أو خريج، هي نموذج مثالي لما أتحدث عنه. الكل يبحث عن النجاح، والكثير يختلف في تفسير هذا المفهوم الجذاب، فقد يراه البعض في الغنى ووفرة المال أو في الاستقرار المهني. أو في الزواج أو الإنجاب، أو أرباح عالية في صفقة تجارية، وصولاً الى التمتع بصحة جيدة في زمن كثرت فيه الأمراض. لكن التوازن شرط أساسي لتحقيقه، وهو العمود الفقري لأي نجاح. وما أعنيه بكلمة توازن وهو إعطاء كل جانب في حياتنا ما يتطلبه من اهتمام وتركيز ودقة. فالرجل، كمثال، هو أب مربِّ وموظف وإنسان يطمح الى تحقيق حلم ما، وعليه مسؤولية الموازنة ما بين وظيفته وواجباته كأب ومرب وزوج، وكإنسان يسعى الى النجاح، فإن حدث أن قصَّر هذا الرجل في جانب من هذه الجوانب الحياتية المهمة بسبب سعيه وراء حلمه فلن يحقق شيئاً، بل على العكس ستنتج عن تقصيره هذا عوائق كبيرة لم يضعها في الحسبان. فالنجاح هو عبارة عن معادلة، ان أخطأنا في بعض خطوات حلها سنحصل في النهاية على ناتج خاطئ، وان اتبعنا خطوات حلٍ صحيحة نحصل على ما نرجوه من نتائج. التوكل على الله وسؤاله الفضل... وشكره على نعمائه هو حجر الأساس، تأتي بعد ذلك سلسلة من القواعد والمتطلبات الضرورية، مثل العلم والتزود الثقافي والمعرفي وهو ما يمكن تحقيقه بالقراءة المستمرة لعلوم عدة وتخصصات مع عدم الاكتفاء بمطالعة تخصص واحد فقط، بل التنقل بين معارف متنوعة، ولن نغفل عن ذكر التركيز على الهدف والصبر وقوة الإرادة والإصرار. إذاً فلنوازن بين أحلامنا وواجباتنا كي نحقق طموحاتنا ونجاحاتنا الكبيرة، وألا ندع لليأس مكاناً في نفوسنا، أختم مقالي بعبارة أعجبتني جداً لأحد الحكماء يقول فيها:"ان النجاح ليس كل شيء، انما الرغبة في النجاح هي كل شيء". رندا الشيخ - جدة