كثيراً ما يتحدث علماء الدراسات الاجتماعية ويقولون إن المواجهة قوة .. والهروب ضعف، واجه فشلك ولا تهرب منه، واجه ضعفك ولا تنكره. واجه نجاحك واحرص عليه، واجه خطاياك واعترف بها. الواقع هو واقع .. رضينا أم أبينا .. هو واقع .. اعترفنا أو أنكرنا .. هو واقع ..!! البداية الصحيحة لمعالجة أية مشكلة، هي الاعتراف بوجودها، ولا يمكن معالجة أي مشكلة دون الاعتراف بها أولاً، ثم محاولة تقدير حجمها، ومدى تأثيرها على الإنسان ومن يحيطون به حيث إن الإنسان كائن اجتماعي يتأثر ويؤثر بالآخرين. إذا فكرت في الهروب من مواجهة الحقيقة إلى أين المفر. إن الحقائق التي تواجهها في حياتك ما هي إلا أقدار أينما حاولت أن تهرب فستجدها تلاحقك، كما أنها سوف تزيد يوماً بعد يوم، وستأتي اللحظة حتماً التي تجد نفسك مضطرا للمواجهة ولكن بعد أن تكون المشكلات قد استفحلت، وعندها يمكن أن تسقط خاسراً بعد أن تكون قد ضيعت الكثير من الوقت. عليك أن تتحلى بروح المبادرة. سير العظماء والنّاجحين على مرّ التاريخ .. تؤكّد لنا أنّ الهروب من الواقع لا كان ولن يكون حلاً أبداً ولابدّ للمرء أن يتسلّح بما يمكّنه من التّعامل مع واقعه بما يستحق .. يعزز ايجابيّاته .. ويزيل سلبيّاته .. ويصحح أخطاءه .. ما استطاع !! فهذا رسولنا المصطفى صلّى الله عليه وسلّم أعظم رجلٍ في التّاريخ يضرب لنا المثل الأعلى في كيفيّة التعامل مع الواقع المحيط لنعلم أن التّغيير ممكن وأن لا شيء مستحيل . إن النجاح - شأنه شأن الفشل - كلاهما له تداعياته. وبينما يكون اليأس هو أهم تداعيات الفشل، فإن الغرور والتكاسل هما أهم تداعيات النجاح. لا تستسلم لغرور النجاح، بل واجهه لتضمن لقدميك مكاناً ثابتاً على أرض نجاحك. اجعل نجاحك مُؤيَّداً بالرضا الإلهي، وسانده بالشكر لله بُعث صلّى الله عليه وسلم برسالة عظيمة .. وهي أيضاً منكرة في واقعه تعد صبوة وإجراما !! لكنّ الحبيب صلّى الله عليه وسلم كان معداً اعدادا جيّداً من لدن حكيمٍ خبير . ذكر أنّ المصطفى صلوات ربّي وسلامه عليه اختار من اختارهم لحمل همّ الرّسالة معه في بداياتها لتميّزهم عن غيرهم بميزات. وهذا هو المبدأ الأول في مواجهة الواقع وهو الاستعانة بالصديق الحق، لأن الإنسان وحده قد تخور قواه ولا يسعفه تفكيره على مواجهة واقعه فيلجأ إلى من يفرج همه ويعينه على واقعه. قد يحسب البعض أن النجاح صديق عزيز، لا يُحاسب ولا يُواجَه، والحقيقة هي أن النجاح - شأنه شأن الفشل - يحتاج إلى مواجهة! لحظات النجاح تهددنا دائماً بالغرور، وتهددنا دائماً بالاسترخاء، وتهددنا دائماً بالسقوط. فالواقف فوق القمة تختلف أعباؤه وتزيد كثيراً عن أعباء الواقفين عند السفح! إن النجاح - شأنه شأن الفشل - كلاهما له تداعياته. وبينما يكون اليأس هو أهم تداعيات الفشل، فإن الغرور والتكاسل هما أهم تداعيات النجاح. لا تستسلم لغرور النجاح، بل واجهه لتضمن لقدميك مكاناً ثابتاً على أرض نجاحك. اجعل نجاحك مُؤيَّداً بالرضا الإلهي، وسانده بالشكر لله والتقدير لفضله عليك! هناك من يرسم حياته بالطريقة التي أرادها، وكما خطط لها، وحدد معالمها وأحلامه المستقبلية، وفجأة ينهدم كل شيء وتزول الأحلام ويصطدم بالواقع أو يحبط، أو تصيبه خيبة أمل على تلك الأحلام التي رسمها ولم يستطع تحقيقها في واقعه الذي كان ينشده فيما قبل. ربما هنا يعتقد أن عليه الهروب من الواقع وأن يتخذ الذرائع والأسباب لتبرير هروبه من الواقع،، أحياناً يظن المرء أن الهروب أمر لا مناص عنه،، ولكن في نفس الوقت، لابد أن نعي شيئا مهما للغاية بأننا مهما هربنا علينا أن نواجه في لحظة ما واقعنا. الواقع واقع .. وعلينا أن نفكّر ملياً في كيفيّة التّعامل معه بما يتناسب مع حالنا وحاله .. قد نسلّم به ونصبر عليه .. أو نحاول تغييره لكن بدرجات مختلفة ولو جاء التّغيير بعد حين .. قد نواجه الواقع بكلّ قوّة لأنّه لابدّ من المواجهة وإلا فرط الأمر من أيدينا!! من يتأمل ويتدبر سيجد الحل ولن يفكّر في الهروب أبداً من الواقع أو غيره .. ما أقوله ليس غريباً يعلمه الجميع وقد يعتقد به لكنّ التطبيق يبقى واقعاً بعيداً عن أذهان كثير منّا .