أعلن وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي 53 سنة رسمياً، ترشيحه لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي تجرى دورتها الأولى في 22 نيسان ابريل المقبل. وخطا بذلك خطوة جديدة باتجاه حلمه المعروف لدى الفرنسيين وهو خلافة الرئيس جاك شيراك. وتحت شعار"القطيعة الهادئة"التي يفترض انه يمثلها، لم يقدم ساركوزي أي جديد في إطار إعلانه، فاقترح على الفرنسيين"رؤية جديدة لفرنسا"أساسها"الثقة والاحترام"ووعد ببلد"كل شيء فيه ممكن". وشدد على"الصراحة والنزاهة"اللتين يعتبر انهما تميزانه عن سواه من السياسيين، وتقضيان"بقول كل شيء مسبقاً للتمكن من القيام بكل شيء لاحقاً". وحرص على رفض صفة"الليبرالي المحافظ"، مؤكداً عزمه على"اعادة الديناميكية الى المجتمع الفرنسي". منتقداً بطريقة غير مباشرة مؤيدي شيراك الذين يتمسكون ب"الاستمرارية"، متسائلاً عما إذا كان هؤلاء على ثقة بأنهم على انسجام مع الفرنسيين. وقد يكون العنصر الجديد الوحيد الذي كشف عنه ساركوزي هو انه لن يحتفظ بمنصبه الوزاري الى موعد الانتخابات، من دون ان يحدد موعد مغادرته الحكومة. ويشكل إعلان ساركوزي هذا نوعاً من التتويج للجهد الذي بذله على مدى نحو أربع سنوات ومن خلال المناصب المختلفة التي تولاها سواء في الحكومة أو على رأس حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"اليمين الحاكم الذي يرأسه. وما قد ينغص عيش ساركوزي، هو سهولة توصل مرشحة الحزب الاشتراكي المعارض سيغولين رويال الى فرض نفسها على حزبها، من دون عناء كبير ومن خلال حملة إعلامية ماهرة أقنعت الفرنسيين بها وحملت الحزب الاشتراكي على مواكبة هذه القناعة الواعدة. لكن ساركوزي، على رغم نجاحه في السيطرة على أجهزة الحزب الذي يرأسه منذ حوالى سنتين وعلى رغم الحضور والديناميكية التي أبداها سواء في وزارة الاقتصاد والمال أو في وزارة الداخلية، فإنه يفتقر لالتفاف أسرته السياسية حوله. وقد تكون في مقدم هذه الصعوبات، عدم تبني شيراك له رسمياً لخلافته، خصوصاً أن الرئيس الفرنسي حرص الى الآن على عدم استبعاد إمكان ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثالثة، علماً بأن الدستور الفرنسي يخوله ذلك. وكان شيراك صرح بأنه سيحسم موقفه بهذا الشأن في اختتام الفصل الأول من السنة المقبلة، بما يعني ان احتمال ترشيحه يبقى تهديداً مسلطاً على ساركوزي خلال هذه المدة. وتتمثل الصعوبات الأخرى التي يواجهها ساركوزي، باحتمال مواجهته لمنافسة من داخل الصف الذي ينتمي اليه، بعدما ألمحت وزيرة الدفاع ميشال اليو ماري الى احتمال إعلان ترشيحها للرئاسة خلال 15 يوماً، في حين ان رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان لم يعدل رسمياً عن احتمال دخوله السباق الرئاسي. وفيما تشق رويال طريقها بثقة مطمئنة الى دعم حزبها لها، يتوجب على ساركوزي ابداء يقظة قصوى والتحسب ليس فقط للضربات التي يتلقاها منها، بل أيضاً ممن ينتمون الى حزبه نفسه، ولا يرون انه الأجدر لتولي الرئاسة.