أعلن رئيس الحكومة الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة الربيع المقبل، على عكس توقعات أشارت إلى عدوله عن منافسة الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. واختار دوفيلبان (58 سنة) القناة الأولى للتلفزيون الفرنسي للإعلان عن عزمه خوض الانتخابات المقبلة «دفاعاً عن فكرة معينة عن فرنسا» ومن اجل «الفرنسيين الذين يتألمون» لرؤيتهم «فرنسا مهانة» من قبل الأحزاب والأسواق المالية التي تفرض عليها «التقشف اكثر وأكثر». وفاجأ دوفيلبان بهذا الإعلان أسرته الديغولية التي ينتمي إليها أيضاً ساركوزي مثلما فاجأ أنصاره الذين انضموا إليه في المجموعة التي أسسها وأطلق عليها اسم «الجمهورية المتضامنة» واعتبروا انه لم يعد في وارد خوض الحملة الرئاسية. وكان دوفيلبان الذي برئ مؤخراً من قضية «كليرستريم» التي اتهمه ساركوزي في إطارها بأنه من دس اسمه على لائحة وهمية باعتباره من أصحاب الحسابات المصرفية السرية في الخارج، اطلق أخيراً دعوات متكررة لوحدة الصف. كما ذكر انه أجرى لقاءات مع ساركوزي منذ الصيف الماضي. وأكد في تصريح أدلى به أخيراً، أن صفحة قضية «كليرستريم» قد طويت بالنسبة له، ما أوحى أن المصالحة باتت فعلية بين الرجلين واحتمال تنافسهما على الرئاسة لم يعد قائماً. وعلى رغم عدم ذكره ولو مرة واحدة لأسم ساركوزي خلال مقابلته التلفزيونية المقتضبة، فإنه وجه العديد من الانتقادات إلى سياسة ساركوزي وأدائه، معتبراً أن الأزمة التي تجتازها فرنسا وأوروبا حالياً «تتطلب المزيد من الشجاعة» وأنه «في الإمكان الاستمرار مع الرئيس نفسه» لولاية ثانية ولكن «عشر سنوات مدة طويلة» على المنوال نفسه إذ أن مدة الولاية الرئاسية في فرنسا هي 5 سنوات. وسبب هذا التحدي المفاجئ الإرباك في أوساط حزب «الاتحاد من اجل الحركة الشعبية» (الحاكم) الذي سارع إلى التقليل من شأنه كما ورد على لسان العديد من مسؤوليه الذين اعتبروا أن دوفيلبان لن يذهب إلى النهاية في ترشيحه وأنه سيجد صعوبة في جمع تواقيع أعضاء المجالس المنتخبة لإقرار ترشيحه (500 توقيع) وأن نسبة التأييد التي يحظى بها في أوساط الناخبين هامشية جداً. وكان استطلاع للرأي اجري لحساب موقع «ياهو» الإلكتروني اظهر أن دوفيلبان لا يحظى بأكثر من نسبة 1 في المئة من التأييد في مقابل 6 إلى 9 في المئة حظي بها سابقاً. في الوقت ذاته لن يتمكن دوفيلبان الذي ينافس ساركوزي على رغم أن الأخير لم يعلن ترشحه رسمياً بعد، من الاستفادة من تمويل الحزب الحاكم لحملته ما يطرح عليه عبأ مالياً ضخماً يقول انه سيواجهه بفضل دعم مؤيديه كما انه لا يملك تجربة انتخابية إذ انه لم يسبق أن ترشح لأي منصب. ومن المآخذ الرئيسية على دوفيلبان والتي يسوقها خصومه من داخل أسرته هو توليه لمناصب مرموقة متتالية قبل توليه لرئاسة الحكومة ومنها خصوصاً منصب وزير للخارجية ومنصب الأمين العام لقصر الرئاسة في عهد الرئيس السابق جاك شيراك ولكنها جميعها مناصب شغلها بالتعيين وليس من خلال إرادة الناخبين. في المقابل أثار ترشيح دوفيلبان الذي تعهد بالعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية اعتبرها ضرورية، أرتياحاً في أوساط معارضي ساركوزي وخصوصا الاشتراكيين. وهذا الترشيح يعزز التبعثر في الصف اليميني حيث بات عدد المنافسين لساركوزي 5 إضافة إلى مرشحة «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) مارين لوبن.