ما الشيء المشترك بين الفول واللحم؟ انها البروتينات عماد الحياة، فكلاهما غني بها ولهذا السبب يطلقون على الفول إسم"لحم الفقير". ولحم الفقير هذا رويت عنه اساطير كثيرة، فرهبان مصر القديمة كانوا يمتنعون عن أكله نيئاً كان أم مطبوخاً لاسباب لم يعرفها أحد. ويروى ان عالم الرياضيات فيثاغورس لم يقربه لظنه أنه مأوى لنفوس الموتى، وكذا الحال مع رهبان روما الذين عزفوا عن أكله لاعتقادهم بأنه يحمل معه آثاراً جهنمية تودي الى المنية. اما الكلدانيون فكان الفول عندهم بمثابة الموقع الذي تستقر فيه ارواح الموتى. واذا كان بعضهم ينظر الى الفول نظرة سوداوية فان آخرين جعلوه في مكانة مرموقة، فالاغريق كانوا يأكلون الفول كاملاً بقشره، واستعانوا بحبوبه للاقتراع عوضاً عن الورق. اما العرب فتغنى شعراؤهم بالفول واستعان اطباؤهم به لعلاج العديد من الامراض. يعتبر الفول من الاغذية الرئيسة ان لم تكن الاساسية لدى سكان حوض البحر الابيض المتوسط نظراً الى ما يتمتع به خصوصاً الفول اليابس من قيمة غذائية فريدة من نوعها. يحتوي الفول على نسبة جيدة من البروتينات، ومع ذلك لا يجب الاعتماد عليه فقط للتغذية في شكل دائم لأن بروتينات الفول غير كاملة كونها تفتقر الى بعض الاحماض الامينية الاساسية التي نجدها في بعض الاغذية كاللحم والبيض مثلاً، فهذه الاحماض لا يقدر الجسم على صنعها ولهذا لا بد له من توفيرها من مصادر خارجية لتأمين احتياجاته الضرورية منها. واذا كان بعضهم يعتمد على الفول كوجبة رئيسة في شكل دائم ومستمر فعليه ان يضيف اليها بعضاً من الجبن واللحم لسد النقص في الاحماض الامينية التي لا تتوافر في الفول. ويتميز الفول بفقره بالمواد الدهنية، وهو لا يحتوي على مادة الكوليسترول ابداً، لا بل يعد من اهم الاغذية الخافضة له في الجسم، هذا ان لم يكن افضلها على الاطلاق، فالفول غني بالالياف التي تعمل على حجز مادة الصفراء الكبدية المشحونة بالكوليسترول فتحول بذلك دون امتصاصه من الانبوب الهضمي وبالتالي تمنع تراكمه على السطح الداخلي للاوعية الدموية. ان أكل حصة واحدة من الفول يومياً ولمدة 14 يوماً يكفي لإنزال مستوى الكوليسترول في الدم بنسبة 10 في المئة وهي نسبة جيدة خصوصاً اذا علمنا ان خفض الكوليسترول بمعدل واحد في المئة يساهم في ابعاد الاصابة بالامراض القلبية الوعائية بنسبة 2 في المئة. والفول اليابس خصوصاً خير سلاح للمصابين بالداء السكري، اذ انه يمكنهم من الحفاظ على مستوى ثابت لسكر الدم والحيلولة دون تأرجحه صعوداً وهبوطاً. والفضل في ذلك يرجع الى احتواء الفول على السكاكر المعقدة التي يمتصها الجسم ببطء، وهذا ما يسهم في وصول الفلوكوز الى الدم رويداً رويداً وليس دفعة واحدة، كما هي الحال مع السكاكر البسيطة التي يمتصها الجسم بسرعة فتخلق نوعاً من الفوضى في ضبط مستوى السكر في الدم. والفول يزود الجسم بكميات لا بأس بها من الفيتامينات مثل الفيتامين أ المقوي للنظر والمفيد للبشرة والفيتامين ب، الذي يلعب دوراً مهماً في نشاط الجسم وحيويته، والفيتامين ب المهم لنمو وتجديد الانسجة، والفيتامين ب 3 حامي الجلد والدماغ وجهاز الهضم، والفيتامين ب 9 الضروري لتجديد كريات الدم الحمراء، والفيتامين ب 12 المضاد لفقر الدم، والفيتامين ث المضاد للالتهابات والمقوي لمناعة الجسم. ايضاً يحتوي الفول على الفيتامينات والالياف. يعتبر الفول مصدراً جيداً للمعادن ومن بينها معدن البوتاسيوم المهم للعضلات والقلب وفي الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي. واضافة الى البوتاسيوم يحتوي الفول على معادن اخرى مهمة على الصعيد الصحي مثل الحديد والفوسفور والمغنيزيوم والصوديوم والكبريت والكالسيوم. وبالمختصر فان الفول غذاء ممتاز، وهو اذا ما اجتمع مع البصل والبندورة والثوم وزيت الزيتون والخبر الكامل والطحينة والجبنة، فان هذا الخليط يعطي الجسم كل ما يحتاجه من عناصر القوة والحيوية.