قال أبرز رجال الدين السنّة العراقيين أمس إن الحكومة العراقية"لفقت له اتهامات بالإرهاب لإضعاف ثقله السياسي في الدفاع عن أهل السنّة الذين يعيشون تحت وطأة القتل الطائفي". وكان أصدر وزير الداخلية جواد البولاني مذكرة اعتقال بحق الشيخ حارث الضاري الخميس الماضي، في خطوة أثارت غضب السنّة الذين قالوا انها"وجهت ضربة قاضية إلى الجهود الرامية لتشجيعهم على التخلي عن دعم المسلحين والانخراط في العملية السياسية". ونقلت وكالة"رويترز"عن الضاري، الموجود في عمان، قوله إن"الحكومة ارادت ان تفتعل أزمة لإسكاتي بعد أن فضحنا الجرائم الجماعية للقتل على الهوية من قبل ميليشيات الأحزاب المشكلة للكتلة الأكبر في الحكومة". واتهم زعيم"هيئة علماء المسلمين"، وهي المظلة التي تضم رجال الدين السنّة البارزين الحكومة ب"التغاضي عن أعمال الميليشيات الشيعية التي تمارس القتل الجماعي"، وقال إنها"وصلت الى ما بين 150 و350 جثة في اليوم خلال الشهور الأخيرة". وأضاف ان آخرها كان الأسبوع الماضي في بغداد حيث خطف رجال يلبسون زي الشرطة ويستقلون سياراتهم عشرات السنّة من احدى الوزارات. ويعصف بالعراق العنف الطائفي منذ شهور، ويبدو رئيس الوزراء نوري المالكي غير قادر على تفكيك الميليشيات وفرق الإعدام التي يظهر انها تتمتع بحصانة. وقال الضاري:"هذه الميليشيات هي وراء معظم ما يجري في الساحة العراقية من قتل طائفي". واضاف انه"أثار حفيظة الحكومة بزيارة لم يسبق لها مثيل للمملكة العربية السعودية". وتابع أنها"كانت الأساس وأثارت حفيظة البعض، لأنهم كانوا دائماً يحولون بيننا وبين الاخوة العرب. كانوا يسعون على مدى ثلاثة أعوام ونصف عام الى عزل القوى الوطنية". وأكد أن عدم تدخل الدول العربية المجاورة للعراق منذ الاجتياح الأميركي سمح لإيران ذات القوة الاقليمية لتلعب دوراً أكبر في العراق، وان تكون لها طموحات توسعية". واتهم الضاري الجيش الأميركي باستخدام شيوخ القبائل الذين وصفهم ب"المرتزقة"من الانبار لتحقيق انقسامات بين جماعته. وقال:"هؤلاء مرتزقة ولا يتمتعون بأي نفوذ ويغدقون عليهم الأموال لخلق انقسامات عشائرية بهدف اضعاف المقاومة". واضاف أن"سياسة فرق تسد لإلحاق الهزيمة بالمقاومة الوطنية فشلت والنتائج جاءت عكسية، لأن المقاومة ازدادت حنقاً على الأميركيين"الذين اتهمهم بالسماح للميليشيات الشيعية بالعمل من دون رادع. وقال:"في المرحلة الأخيرة سمحوا للميليشيات ان تأخذ مداها في سبيل القضاء على المقاومة. انهم يغذّون الانقسامات الطائفية لاشغال الجميع عن وجودهم". إلى ذلك، تظاهر أمس في مدينة الأعظمية الآلاف، منددين بقرار الحكومة اصدار أمر لاعتقال الضاري، وطالبوها بإلغاء المذكرة"والاعتذار"له. وانطلقت التظاهرة من مسجد ابو حنيفة النعمان الذي يقع وسط الاعظمية، وهو أحد أكبر مساجد السنّة في العراق وأهمها، وجاب المتظاهرون شوارع المدينة ورفعوا اللافتات التي تندد بقرار الحكومة. وقال سلام الأعظمي، أحد المشاركين في التظاهرة:"نطالب الحكومة بإلغاء القرار ضد الضاري، كما فعلت في السابق مع أحد زعماء الميليشيات. لأن الضاري يمثل مرجعاً مهماً للسنّة. كما نطالبها بالاعتذار للضاري رسمياً وعبر وسائل الإعلام". وقال متظاهر آخر إن قرار الحكومة يتناقض مع"كل تصريحاتها السابقة وضد المصالحة الوطنية. وهو لا يؤدي إلا الى مزيد من التصادم والاقتتال". ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها"حارث الضاري يمثل رمزاً وطنياً جهادياً ضد الاحتلال"، و"كل العراقيين مع شيخنا حارث الضاري ضد التقسيم والاحتلال". ونددت الأحزاب والتكتلات السنّية المشاركة في العملية السياسية بالقرار، وهددت بالانسحاب من العملية إذا لم تلغ الحكومة المذكرة. ووصفت القرار بأنه يمثل"رصاصة الرحمة"لمبادرة رئيس الحكومة للمصالحة الوطنية.