سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العاني والصدر يناقشان المستقبل بعد سوء تفاهم . رئيس "هيئة علماء المسلمين" يرفض اعتبار العراق دولة اقاليم ويتهم الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية بالتفجيرات
مع تصاعد المخاوف من اتساع نطاق "الفتنة" التي تعمل اطراف عدة على منع وقوعها، وتسريع جهودها في ترتيب لقاءات شيعية - سنية للتوصل الى مصالحة تحول دون سفك الدماء، بدأت قيادات الطائفتين الرئيستين في العراق تركز في خطاباتها على الوحدة الوطنية والتحذير من تورط اطراف خارجية تعمل لتفجير الاوضاع. واتهم رئيس "هيئة علماء المسلمين في العراق" حارث الضاري الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية وأجهزة بعض الدول المجاورة بإحداث فتن بين العراقيين، مشيراً الى المواقف المتقاربة للهيئة ومرجعيات الحوزة في النجف من الدستور، معتبراً ان أخطر فقرة فيه تلك المتعلقة بجعل العراق بلداً إتحادياً وهي صفة يراها دخيلة، لأن العراق لم يكن أبداً "دولة أقاليم متحدة". وفي السياق ذاته وضمن الجهود الحثيثة لتكريس الحوار بين القيادتين، والذي يتعرض لانتكاسات مفاجئة بين الفينة والاخرى، نجحت ارادات سياسية ودينية في تنظيم لقاء بين زعيمين نافذين لإجراء محادثات تهدف الى تخفيف التوتر الطائفي، بعدما أفلحت في تجاوز سوء تفاهم سببه أحد الحراس، الأمر الذي كاد ان يفجر أزمة حقيقية. إتهم رئيس "هيئة علماء المسلمين في العراق" حارث الضاري الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية وأجهزة بعض الدول المجاورة بالعبث في الوضع الداخلي. وقال ل"الحياة" إن "هذه الأجهزة موجودة وتريد إحداث فتن بين العراقيين، وتستهدف التشويش على المقاومة الوطنية ضد قوات الاحتلال الأميركي - البريطاني". وتابع: "ان هذه الأجهزة وشخصيات لديها ميليشيات سترحل من البلاد إذا رحل الاحتلال"، لأنها "مستقوية به وتعمل باسمه وبحمايته". ونفى أي صلة بين السنة والجماعات الإرهابية التي تبرأ من أعمالها. وقال: "نحن براء من أعمال هذه الجماعات التي تستهدف المدنيين ومؤسسات النفع العام". وزاد: "يمكن أن تكون هذه الجماعات سنية وربما شيعية، وقد تكون من الإثنين". وأشار الى أنه لا يمكن إتهام السنة بإيواء العناصر القادمة من الخارج، فهذه العناصر "موجودة في مناطق الشمال وبعض منها تسلل الى الجنوب"، لافتاً الى أنه "تم التوصل الى نتائج مهمة في تحديد الجهة المسؤولة" عن اغتيال شقيقه ضامر الضاري لكنه لا يستطيع كشفها في الوقت الحاضر. وعن العلاقة مع مرجعيات الحوزة في النجف، قال الضاري إن: "موقف الحوزة قارب مواقفنا من الدستور المؤقت الذي صادق عليه أعضاء مجلس الحكم أخيراً". وأضاف أن "أبواب الحوار مفتوحة دائماً وإن كانت مغلقة الآن لظروف خاصة". وأكد أنه "على استعداد للإجتماع والحوار مع مرجعيات النجف في أي وقت من أجل مصلحة العراق". وزاد، في انتقاد ضمني أن "الكثير من وفود هيئة علماء المسلمين ذهبت الى النجف وبادرت، لكنها لم تجد مبادرة من الطرف الآخر". وقال إن "أخطر فقرة في الدستور الموقت للبلاد هي المتعلقة بجعل العراق بلداً إتحادياً وهذه صفة دخيلة، فالعراق لم يكن أبداً دولة أقاليم متحدة"، واوضح ان: "هذه الفقرة خطيرة جداً لأنها تعطي تصوراً لكل فئة عراقية أنها تستطيع أن تكون كياناً مستقلاً وأن تطالب بالانفصال لاحقاً". واضاف أن بيان "هيئة علماء المسلمين" المرتقب في موضوع الدستورالموقت: "لن يكون متشدداً وسيأخذ في الاعتبار العوامل السياسية والاقليمية والجغرافية والاجتماعية وسيتسم بالواقعية"، مؤكداً أن تصور الهيئة للموضوع يكمن في "صياغة دستور بعد استقلال البلد ورحيل قوات الاحتلال، دستور يساوي الجميع في الحقوق والواجبات ولا يسمح بعلو طائفة على طائفة وفئة على أخرى". وحمل الدول العربية مسؤولية "نصف ما تعرض له العراق قبل الاحتلال وبعده"، داعياً إياها ألا تترك "الاستخبارات الاسرائيلية وبعض أجهزة الجيران تعبث بالبلاد". وفي شهادة على الحساسيات الكثيرة بين الطائفتين الرئيستين والعراقيل التي تقف في وجه محاولات المصالحة التي تسعى اليها اطراف كثيرة، ابرزها وساطات ممثل الكنيسة الانغليكانية البريطاني كانون اندرو وايت الذي دشن المركز العراقي للحوار والمصالحة والسلام، اورد مراسل وكالة "رويترز" آخر حادث سوء تفاهم كاد ان يفشل اجتماعاً ثنائياً لرجلي دين بارزين احدهما سني والآخر شيعي بعد شهور من حضهما على الاجتماع لاجراء محادثات لتخفيف التوترات الطائفية. فبعد دقائق من وصوله ليل السبت الماضي أمام منزل الزعيم الشيعي حسين الصدر الذي تفرض عليه حراسة مشددة منذ تفجيرات عاشوراء في كربلاء، عاد رجل الدين السني البارز عبدالقادر العاني الى منزله في اعقاب سوء تفاهم مع احد الحراس الذي طلب تفتيش سيارته. وكان ثلاثة اعضاء من مجلس الحكم اضافة الى وايت ينتظرون وصول العاني، وبعد ان علموا انه رحل فجأة، سارعوا لانقاذ الموقف. وسأل موفق الربيعي عضو مجلس الحكم ووايت على عجل عن الطريق الى منزله ثم اسرعا في قافلة عبر بغداد للعثور عليه. وبعدما أوضحا له ان الحارس الذي ضايقه جديد وليست لديه خبرة، وافق العاني الذي عمل ضمن مؤسسات الحكم المخلوع، ورأس مع آخرين بعثات الحج العراقية الرسمية، على العودة لمقابلة الصدر الذي سبق وان تعرض للتعذيب على يد النظام السابق واعدم كثيرون من أقاربه، وناقشا مستقبل العراق وهما يرتشفان الشاي بعد العشاء. وقال الصدر ان هناك من يحاول التفريق بين العراقيين الذين عليهم التمسك بالايمان ببلادهم، فيما عبر العاني عن القلق نفسه، موضحاً انه ليس من السهل ان يقتل امام في مسجده. من جهته قال الربيعي على هامش الجلسة عن سبب انضمامه الى جهود المصالحة: "ما يدفعني هو الخوف. أثناء تفجيرات كربلاء لم يكن الشيء المخيف بالنسبة الي هو القنابل، ما أفزعني هو الامام الذي أخذ مكبر الصوت وحض الشيعة على عبور جسر في بغداد الى منطقة سنية ومهاجمتها. بدا ذلك مثل يوم الحساب".