يبدو أن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الذي يعد الغرفة الثانية في البرلمان المصري، ستكون فصلاً جديداً من فصول المعركة بين الحزب"الوطني الديموقراطي"الحاكم و"الإخوان المسلمين"، خصوصاً بعد إعلان أحزاب المعارضة الرئيسية عدم نيتها خوض الاستحقاق، في مقابل استعدادات لافتة للحكم والجماعة. وحذر مراقبون من أن غياب الأحزاب سيكرس"القطبية الثنائية"التي تبلورت بعد فوز"الإخوان"بنحو خُمس مقاعد مجلس الشعب الغرفة الأولى في البرلمان نهاية العام الماضي. وعلى رغم أن الترشح لانتخابات مجلس الشورى سيبدأ في نيسان أبريل المقبل، فإن"الإخوان"بدأوا منذ الآن استعداداتهم لخوضها، أملاً في فوز مماثل لما حققوه في انتخابات مجلس الشعب. وقال المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف ل"الحياة"إن الإخوان سيشاركون في الانتخابات. وطالب السلطات المصرية بتوفير"ضمانة حقيقية لانتخابات نزيهة، لحض المواطنين على المشاركة في الانتخابات إذا كانت تريدهم أن يصدقوا دعاوى الإصلاح"، معرباً عن أسفه لاتخاذ"إجراءات تعسفية ضد مرشحي الإخوان"في الانتخابات الطلابية والعمالية مطلع الشهر الجاري. ويتولى مجلس الشورى"اقتراح ما يراه كفيلاً بالحفاظ على دعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحماية المقومات الأساسية للمجتمع"، بحسب الدستور المصري. ويتشكل المجلس الحالي من 264 عضواً منهم 14 سيدة. وسيجري اختيار نصف الأعضاء في الانتخابات التي سيفتح باب الترشيح لها في 24 نيسان أبريل المقبل. وتتمثل أهمية هذه المنافسة في أنها قد تتيح ل"الإخوان"تأمين المقاعد ال 25 المطلوبة لطرح مرشح للانتخابات الرئاسية. وسينافس"الوطني"في الدوائر الثماني والثمانين للحفاظ على هيمنته البرلمانية، وهو ما أكده رئيس المجلس الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف. وفي المقابل، لم تبد أحزاب المعارضة اهتماماً بالانتخابات. وقال الأمين العام لحزب"التجمع"اليساري حسين عبدالرازق إن"الحزب لا يعطي أهمية كبرى لانتخابات الشورى لأن المجلس ليس له دور تشريعي مثل مجلس الشعب، إضافة إلى قلة سلطاته وصعوبة انتخاباته لكبر حجم دوائره الانتخابية". ولم يختلف موقف الحزب"الناصري"الذي أشار أمينه العام أحمد حسن إلى أن قيادته"منهمكة في الإعداد لانتخابات داخلية ستجرى في الفترة المقبلة، إضافة إلى أنه لا يهتم كثيراً بالشورى". وأشار الأمين العام لحزب"الوفد"الليبرالي الدكتور منير فخري عبدالنور إلى أن"الحزب لم يحدد بعد موقفه من انتخابات الشورى". لكنه لمح إلى أن"الوفد"يميل إلى عدم المشاركة أو حصر مشاركته في عدد محدود من الدوائر بهدف"تنشيط القواعد الحزبية". وقال ل"الحياة":"قد يفضل الحزب توجيه جهوده لانتخابات المحليات. إلا أن الموقف النهائي لم يُحسم بعد". وأضاف أن"انتخابات الشورى صعبة ومعروفة نتائجها مسبقاً. والمجهود المبذول فيها أكبر من انتخابات مجلس الشعب والمحليات". غير أن مراقبين حذروا من خطورة غياب الأحزاب من الاستحقاقات السياسية المتتالية. وقال الخبير في"مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"الدكتور عمرو الشوبكي إن غياب قوى المعارضة"الشرعية"في مقابل إقبال"الإخوان"على خوض الانتخابات"يعكس وضعاً ثنائي القطبية يجعل المجتمع المصري أمام خيارين: الحزب الوطني، أو الإخوان". ورأى أن"هناك دافعين وراء رغبة الأحزاب في عدم المشاركة، يتمثل الأول في أنها لن تحصل بطبيعة الحال على أي مقاعد في مجلس الشورى عن طريق صناديق الانتخاب. أما الثاني، فهو أنها لا تنظر إلى الشورى على أنه وسيلة لتأمين فرص الترشح للانتخابات الرئاسية"، مشيراً إلى موافقة الرئيس حسني مبارك على إعادة تعديل المادة 76 الخاصة بتنظيم الانتخابات الرئاسية لتخفيف القيود على مشاركة الأحزاب. وأضاف أن"الإخوان سيسعون بطبيعة الحال إلى تحقيق النسبة المطلوبة للترشح على مقعد الرئاسة، ولهذا فعليهم خوض انتخابات الشورى والانتخابات المحلية، قبل أن تصبح الجماعة قادرة على طرح مرشح إذا قررت خوض انتخابات الرئاسة المقبلة أو دعم أحد المرشحين المستقلين".