حدد الرئيس المصري حسني مبارك مطلع حزيران (يونيو) المقبل موعداً لبدء الاقتراع على نصف مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري). وفي حين أنهت وزارة الداخلية استعداداتها للاقتراع على 67 دائرة في المحافظات كافة عدا محافظتي الإسماعيلية والوادي الجديد، كثّف الحزب الوطني الحاكم من نشاطه لاختيار مرشحيه. وأفيد أن «الوطني» يتحفّظ عن إعلان أسماء الذين اختارهم بالفعل في عدد من المحافظات خشية حصول انشقاقات بين أعضائه قد تدفع بمن لم يقع عليهم الاختيار إلى خوض الانتخابات مستقلين، وهو الأمر الذي يرفضه قادة الحزب الحاكم في شدة. وتأتي تلك التحركات في الوقت الذي يسود اعتقاد لدى مراقبي الشأن الداخلي المصري بأن انتخابات الشورى ستكون محسومة سلفاً لمصلحة الحزب الوطني في ظل عدم وضوح رؤية المعارضة المصرية وانشغالها بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في خريف السنة المقبلة. وفي المقابل، دعت «الحركة المصرية من أجل التغيير» («كفاية») المعارضة بانتماءاتها كافة إلى مقاطعة الاستحقاق في ظل البنية التشريعية الحالية التي لا تؤمّن، كما قالت، اجراء انتخابات «نزيهة وشفافة». واعتبرت الحركة أن خوض المعارضة الانتخابات في ظل هذه الأجواء سيكون بمثابة «اشتراك في مسرحية عبثية» يتحكم في خيوطها الحزب الحاكم. وكان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي لمّح إلى إمكان الترشح في الانتخابات الرئاسية في حال حدوث إصلاحات تشريعية ودستورية تسمح بنزوله الانتخابات مستقلاً، طالب قبل سفره إلى أميركا المصريين والمعارضة بعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية. وتلقى مجلس الشورى أمس قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للادلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى. وحدد القرار الثلثاء الأول من حزيران (يونيو) المقبل موعداً للانتخابات على أن تجرى جولة الإعادة يوم الثلثاء الثامن من الشهر نفسه. وأعلنت أحزاب معارضة أن مشاركتها في انتخابات الشورى ستكون محدودة، ما أعطى انطباعاً بأن أحزاب المعارضة الرئيسية في مصر على قناعة بأن تلك الانتخابات ستكون محسومة سلفاً للحزب الحاكم. وأعلن رئيس حزب الوفد الدكتور محمود أباظة في تصريحات إلى «الحياة» أن حزبه «سيدفع ب 11 عضواً لخوض انتخابات الشورى»، وأرجع هذه المشاركة الرمزية إلى «عدم اهتمام الناخب المصري بالمشاركة في انتخابات الشورى». وقال الأمين العام ل «الوفد» منير فخري عبدالنور إن ثمة تنسيقاً سيحدث بين مرشحي الحزب ومرشحي ائتلاف أحزاب المعارضة والمكوّن من «الوفد» و «التجمع» و «الناصري» و «الجبهة الديموقراطية»، مشيراً ل «الحياة» إلى أن قادة الحزب سيقومون خلال الفترة المقبلة بجولات ميدانية لمساندة مرشحيهم وحشد المناصرين. وعلمت «الحياة» أن الوفد رصد مبلغ 300 ألف جنيه مصري للدعاية الانتخابية ومساندة مرشحيه في الشورى. أما حزب التجمع اليساري المعارض فقال إنه سيرشح 12 عضواً بينهم امرأة على نصف عدد مقاعد الشورى. ونفى الأمين العام للحزب سيد عبدالعال حدوث تنسيق بين التجمع وجماعة الاخوان المسلمين في تلك الانتخابات»، مؤكداً ل «الحياة» رغبة ائتلاف الأحزاب «على عدم حدوث تعارض بين المرشحين». في حين قال الحزب العربي الناصري إنه سيدفع بمرشح وحيد في الانتخابات، وقال رئيس حزب الجيل الديموقراطي ناجي الشهابي إن حزبه اختار 4 مرشحين لخوض انتخابات الشورى، في حين أعلن حزبا الجبهة الديموقراطية والغد الليبرالي أنهما سينسحبان من سباق الانتخابات مرجعين قرارهما إلى عدم ضمان نزاهة الانتخابات في ظل غياب الإشراف القضائي على العملية الانتخابية كاملة. وكانت جماعة الإخوان المسلمين أعلنت أنها ستدفع بنحو 17 عضواً في تلك الانتخابات، وأوضح عضو مكتب إرشاد الاخوان الدكتور محمد المرسي «أن مكاتب الجماعة في المحافظات تدرس الأسماء التي سيتم الدفاع بها على أن يتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة». ولم يستبعد المرسي أن تدفع جماعته بعدد من نوابها الحاليين في تلك الانتخابات وهو الإجراء الذي كشفت «الحياة» عنه قبل نحو شهر. وأكد المرسي ل «الحياة» أن مسألة التنسيق مع الأحزاب في الانتخابات «واردة جداً، لكن حتى الآن لم تتضح الصورة ... عندما تعلن الأحزاب وجماعة الإخوان أسماء مرشحيهم سيتم بحث الأمر». وقال: «ليس لدينا ما يمنع التنسيق مع الاحزاب في الانتخابات». ويفتح الباب الأسبوع المقبل للترشح على 132 مقعداً هي نصف عدد مقاعد مجلس الشورى. ويعطي القانون الرئيس المصري الحق في تعيين ثلث هذه المقاعد (44 مقعداً) فيما تتنافس المعارضة والحزب الحاكم على الثلثين الباقيين (88 مقعداً). وتتوزع هذه المقاعد على دوائر في المحافظات المصرية كافة، ولن تتم هذه الانتخابات تحت إشراف قضائي. في غضون ذلك، بدأ الحزب الوطني «التشمير عن زنوده» استعداداً للانتخابات، وكثّف قادته من تحركاتهم الساعية إلى جذب المواطنين. ولوحظ في الأيام الأخيرة نشاط كبير لقادة الحزب الحاكم سواء على صعيد جولات ميدانية في المحافظات الاقليمية أو اجتماعات عقدها الحزب مع أركان الحكومة كان آخرها أمس لبحث مشاكل حياتية يعانيها المصريون في مقدمها ضعف مستوى الأجور.