استبقت الجزائر زيارة يبدأها اليوم وزير الخارجية الفرنسي نيكولا ساركوزي بتجديد مطالبة باريس بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها خلال فترة الاحتلال التي استمرت 130 عاماً. وقال رئيس الحكومة عبدالعزيز بلخادم إن بلاده مستعدة لتعزيز علاقاتها مع الفرنسيين إذا أقدموا على هذه الخطوة. وتسعى فرنسا إلى تعزيز علاقاتها الديبلوماسية ونفوذها الاقتصادي في الجزائر التي تتحرك في اتجاهها دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة لتقوية مصالحها النفطية وعلاقاتها التجارية. وقال بلخادم مساء أول من أمس خلال منتدى نظمة التلفزيون بحضور بقية وزراء الحكومة:"نقول للفرنسيين إننا على استعداد لإقامة علاقات ودية تخدم المصلحة المشتركة للطرفين، شريطة أن تعترف فرنسا بجرائمها". وأضاف:"نحن لا نطلب من الشعب الجزائري أن ينسى". وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة دعا فرنسا مراراً إلى الاعتذار عن الجرائم التي اقترفتها خلال فترة الاستعمار للمساعدة في تحسين العلاقات. وركز على ضرورة اعتراف باريس بدورها في المجازر التي خلفت 45 ألف قتيل العام 1945 عندما خرج الجزائريون للمطالبة بالاستقلال إثر احتفالات أوروبا بانتصارها على ألمانيا النازية. وردت فرنسا على كلام بوتفليقة بالدعوة إلى"الاحترام المتبادل". وأدت حرب الاستقلال التي استمرت بين العامين 1954 و1962 إلى مقتل 1.5 مليون جزائري. وأرجأ الطرفان توقيع معاهدة صداقة نهاية العام الماضي في أعقاب تصويت البرلمان الفرنسي لمصلحة قانون يشير إلى"الدور الإيجابي للحضور الفرنسي ما وراء البحار، خصوصاً في شمال أفريقيا"، كما يشيد بالجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب فرنسا خلال حرب الاستقلال. وألغى الرئيس الفرنسي جاك شيراك الفقرة التي تمجد الاستعمار لكن الخطوة لم تساعد في إنهاء الخلاف. وقال بلخادم في المنتدى:"لفرنسا الحق في أن تمجد من اختاروا أن يكونوا فرنسيين، لكن ليس لها الحق في أن تمجد الاستعمار". وأضاف:"يجب أن تعترف فرنسا بالجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، ليس فقط لناحية عدد الضحايا ونهب الثروات ولكن أيضاً لناحية إلغاء الهوية الوطنية". وأشار إلى ما قاله شيراك خلال زيارته لأرمينيا عن أن أي دولة تكبر بالاعتراف بأخطائها. وتساءل:"هل من المقبول أن يذهب برلمان إلى حد تمجيد الاستعمار؟". إلى ذلك، تطرق بلخادم إلى"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"الذي بدأ العمل به في شباط فبراير الماضي لوضع حد لأعمال العنف التي أوقعت ما بين 150 و200 ألف قتيل. وقال إن الميثاق"حقق أهدافه"بالعودة إلى السلام، كما أتاح إحصاء 6601 مفقوداً سيحصل نحو نصف عائلاتهم على تعويضات. وأشار إلى أن قوات الأمن قتلت 17 ألف إسلامي مسلح منذ العام 1992 وحتى نهاية مهلة المصالحة في آب أغسطس الماضي. وقلل من أهمية الإعتداءات الأخيرة التي نفذها إسلاميون، معتبراً أنها"لا تعني عودة الإرهاب".