شيع عشرات آلاف الفلسطينيين أمس وسط حال من الحزن والغضب الشديدين، جثامين 18 شهيداً 16 منهم من عائلة واحدة سقطوا في مجزرة بلدة بيت حانون اول من امس الى مثواهم الاخير. وانطلقت مسيرة التشييع الجماعي من المستشفى الذي نقلت منه الجثامين الى منزل عائلة العثامنة وجيرانهم ابو عمشة شهيد واحد وعدوان شهيد واحد، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على الشهداء. واطلق مسلحون النار في الهواء تعبيراً عن غضبهم وسخطهم، فيما بكى الرجال والشبان والاطفال وصرخت النساء بصوت واحد حزين صرخة هزت أبدان المشاركين في الجنازة الجماعية. ثم خرج المشيعون يهرولون بجثامين الشهداء الى مقبرة جديدة دفن الشهداء الثمانية عشر فيها بعد أداء صلاة الجنازة عليها ولفها برايات حركة"فتح"الصفراء التي تبنت جميع الشهداء وأقامت لهم بيت عزاء موحداً. وهتف المشيعون بصوت واحد"الله اكبر"، فيما هتف آخرون"بالروح بالدم نفديك يا شهيد"، وصرخ آخرون بأعلى صوتهم"الموت لاسرائيل". وجابت مسيرة التشييع عدداً من شوارع بلدة بيت حانون التي بدت وكأن"تسونامي"مر عليها فدمر مبانيها وشوارعها وطرقاتها وبنيتها التحتية. وعلى رغم وعورة الطرقات التي حرثتها جنازير الدبابات وأسنان الجرافات الاسرائيلية ابان حملة"غيوم الخريف"على البلدة، التي استمرت زهاء ستة أيام واعادت قوات الاحتلال انتشارها في اطارها فجر الثلثاء قبل يوم واحد من ارتكاب المجزرة، فقد هرول المشيعون وهم يحملون جثامين الشهداء الذين لفت رؤوس بعضهم بلفافات طبية بيضاء، فيما بدت اثار الدماء عليها، وعلى الاجساد ايضاً. وبدا لافتاً وجود اكثر من 100 صحافي فلسطيني وأجنبي منذ ساعات الصباح الاولى في البلدة الصغيرة البالغ عدد سكانها نحو 30 ألفاً ومساحتها لا تتجاوز عشرة كيلو مترات مربعة، وتقع عند الطرف الشمالي الشرقي لقطاع غزة. وأثناء دفن الجثامين في المقبرة الجماعية التي خصصت للشهداء والقريبة من الحدود مع خط الهدنة الفاصل بين اراضي البلدة واراضي الخط الاخضر امكن مشاهدة عدد من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والآليات العسكرية في مواقع تحيط بالبلدة من الجهتين الشمالية والشرقية. وتعهدت فصائل المقاومة الفلسطينية بالانتقام لدماء شهداء المذبحة التي أبيدت خلالها عائلة بأكملها، فيما قطعت اوصال عدد من المتبقين منها، وما زالوا يرقدون في مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا والشفاء بمدينة غزة.