سعى قادة الحزب الجمهوري الأميركي جاهدين بحثاً عن المخرج الأنسب والأقل ضرراً من الفضيحة الأخلاقية التي طاولت أحد نوابه وأخذت تهدّد رئيس مجلس النواب دنيس هاسترت، ومعه قدرة الحزب على الاحتفاظ بالغالبية النيابية في الانتخابات المرتقبة في الكونغرس مطلع الشهر المقبل. وتدور الفضيحة حول كشف رسائل و"دردشات"الكترونية اباحية بعث بها النائب الجمهوري المستقيل مارك فولي ولاية فلوريدا الى شبان مراهقين يتدربون في الكونغرس. وأربكت صفوف الحزب ووضعته في مأزق سياسي قبل أقل من أربعة أسابيع على الانتخابات النصفية. وعلى رغم تصريحات الرئيس جورج بوش مساء أول من أمس التي وصف فيها أفعال فولي ب"المقرفة"، وتعهده تولي القيادة الجمهورية في المجلس بزعامة هاسترت التحقيق المناسب في الفضيحة، فإن رئيس المجلس نفسه، واجه انتقادات من داخل الحزب ودعوات الى الاستقالة من أصوات جمهورية مؤثرة. ودعت صحيفة"واشنطن تايمز"المعروفة بميولها المحافظة، هاسترت الى الاستقالة، إما"لعلمه المسبق برسائل فولي"التي تعود الى العام الماضي، وإما"لعدم تحركه بالشكل المناسب وتعقب الفضيحة". ويعتبر هاسترت من القيادات الأكثر شعبية في تاريخ الحزب الجمهوري في الكونغرس وهو تولى رئاسة المجلس النيابي عام 1998، ونجح في الحفاظ على الغالبية فيه، وساعد البيت الأبيض وإدارة بوش في حصد إجماع وراء تشريعات لازمة للادارة في حربها على الارهاب. لكن بعض نواب الحزب في ولايات حاسمة، مثل كونيتيكت وأوهايو، تحوّلوا عن دعم هاسترت في ظل الفضيحة. وأكد النائب كريستوفر شايز وجوب عزل قياديي الحزب"إذا كانوا على علم مسبق بالأمر". وجاء كشف الرسائل في اليوم الأخير من الدورة النيابية قبل العطلة التي تسبق الانتخابات، ليزيد صعوبة المأزق، وليحبط القفزة المتوقعة للحزب بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة. وحوّلت الفضيحة الجدل الانتخابي عن مسائل"الحرب على الارهاب"والأمن القومي، والتي يتفوق فيها الجمهوريون وتوقّعت قيادتهم أن تكون الانتخابات"استفتاء عليها"، الى جدل حول المعايير الأخلاقية في الكونغرس وصراع بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي لاجتذاب القاعدة المتدينة، والمحسوبة عادة للجمهوريين في بعض الولايات. وأثارت صدمة واسعة الكلمات الإباحية التي استخدمها فولي في دردشاته ورسائل مع شبان مراهقين، شاركوا في برنامج المتدربين من صفوف ثانوية في الكونغرس. واعترف فولي بالذنب، كما أقر بإدمانه الكحول، وهو يخضع بحسب محاميه للعلاج في مركز للمدمنين في فلوريدا. وتوقّعت مجلة"تايم"أن تساعد الفضيحة الحزب الديموقراطي المعارض في انتزاع الغالبية، وحصد المقاعد ال15 في المجلس التي ستشغل بفضل الانتخابات. وخسر الديموقراطيون هذه الغالبية عام 1994 ولم ينجحوا في استردادها بعد فضيحة مونيكا لوينسكي في عهد الرئيس بيل كلينتون والاتهامات بضعفهم في"الحرب على الارهاب"والتي وجّهت اليهم بعد وصول بوش الى البيت الأبيض. ولا تتعدى شعبية الكونغرس الحالي 30 في المئة في أوساط الأميركيين، بعد فضائح فساد طاولت بعض النواب العام الماضي أبرزهم الزعيم الجمهوري السابق توم ديلاي.