قالت مصادر عليمة ل"الحياة"ان الرئيس محمود عباس سيتوجه الى غزة في الايام المقبلة للقاء قادة"حماس"، واستنئاف الحوار بشأن البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية. وقالت هذه المصادر ان عباس وهنية اتفقا في الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما في اليوم الاول لاندلاع المواجهات بين انصار حركتي"فتح"و"حماس"على ان الطريق الوحيد امامهما هو الجلوس والاتفاق، وان الخيار البديل لذلك هو حدوث مواجهات وانفجار. وقالت مصادر في"حماس"ان الحركة مؤمنة ان لا سبيل لمواصلة الحكم وتخطي العقبات الكبيرة، خصوصاً الحصار المالي على الحكومة، سوى بالاتفاق مع حركة"فتح"، لكنها لا تريد ان يكون ثمن ذلك تغييرا مبدئيا في مواقف الحركة. وقال مسؤول رفيع في الحركة:"كنا توصلنا الى اتفاق مع الرئيس محمود عباس لتشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس الاستفادة من مبادرة السلام العربية، لكننا فوجئنا بالناطقين باسم حركة"فتح"يقدمون تفسيرات مفادها انهم قد جروا حركة حماس الى مربعهم، وان حماس قد اعترفت باسرائيل، وهو ما جعل الناطقين باسم حماس يهبون للدفاع عن مواقف الحركة، الأمر الذي فهم منه انه يشكل تراجعا عن الاتفاق". واضاف:"نحن مهتمون بالتوصل الى اتفاق، وقد ابلغنا ابا مازن ان وثيقة الوفاق الوطني التي تنص على الشرعية العربية تصلح اساسا لبرنامج الحكومة". ومضى يقول:"الشرعية العربية تعبير عام يشمل مبادرة السلام العربية"معتبرا ان الفرصة ما زالت سانحة للتوصل الى اتفاق من هذا النوع. ويبدي المسؤولون في حركة"فتح"من جانبهم تشاؤما ازاء فرص التوصل الى اتفاق. وقال نبيل عمرو المستشار الاعلامي للرئيس عباس وأحد المقربين منه:"لا يمكن لنا قبول برنامج لا يتضمن مبادرة السلام العربية، فهي اساس التحرك العربي والدولي". ويتهم قادة"فتح"رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل بإبطال الاتفاق الذي توصل له عباس مع رئيس الحكومة اسماعيل هنية في الحادي عشر من ايلول سبتمبر الماضي. وقال مسؤول رفيع في"فتح"ان"مشعل ابطل جميع التفاهمات والاتفاقات التي سبق ان توصل لها الرئيس مع هنية وهو مشعل يسعى من وراء ذلك الى تحقيق صفقة سياسية يحصل بموجبها على قيادة منظمة التحرير، وهو امر غير ممكن في هذه المرحلة بالنظر الى ان العالم ما زال يضع حماس على قائمة الارهاب ما يشكل خطورة كبيرة على المكانة السياسية والقانونية للمنظمة". ورغم التباينات الظاهرة بين الجانبين الا انهما يدركان، بعد اندلاع المواجهات المسلحة في غزة، ان لا خيار آخر امامهما سوى التوصل الى اتفاق، او مواصلة المواجهة التي لن يتمكن اي منهما من حسم نتيجتها بالقوة. ويرى مراقبون هنا ان"حماس"لجأت الى القوة في مواجهة تمرد الاجهزة الامنية التابعة لحركة"فتح"بهدف صرف الانظار عن الأزمة الحادة الناجمة عن اضراب موظفي السلطة، وخصوصاً معلمي المدارس، الذي دخل شهره الثاني احتجاجا على عدم تلقي رواتبهم منذ سبعة شهور. ويشل الاضراب مختلف مؤسسات السلطة ما يشكل ضغطا مضطردا على حكومة"حماس"التي تركها الحصار السياسي والمالي عاجزة عن تقديم الحد الادنى من الخدمات للجمهور الذ انتخبها لهذا الغرض.