في وقت قُتل عشرات من متمردي"حركة تحرير السودان"المؤيدة لاتفاق أبوجا للسلام في دارفور في اشتباكات عنيفة في الإقليم المضطرب، تعهد الرئيس السوداني عمر البشير قتال"جبهة الخلاص الوطني"الرافضة لاتفاق السلام. وتحدث المنسق الأوروبي الأعلى للشؤون الخارجية خافير سولانا عن"مرونة محتملة"في موقف الخرطوم تجاه نشر قوات دولية في دارفور، فيما انتقد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى"المبالغات"التي تتضمنها الروايات عن الأوضاع في الإقليم. وأعلنت واشنطن أن المبعوث الرئاسي الخاص إلى السودان أندرو ناتسيوس يعتزم زيارة الخرطوم منتصف الشهر الجاري. وأكدت مصادر في الأممالمتحدة ل"الحياة"أن"معارك ضارية"وقعت في منطقة قريضة بين قوات"حركة تحرير السودان"التي يتزعمها مني أركو مناوي، كبير مساعدي الرئيس البشير، وعناصر من"حركة العدل والمساواة"الرافضة لاتفاق السلام. وأشارت إلى أن نائب مناوي الدكتور الريح مصطفى نجا من محاولة اغتيال تعرض لها، حين نصب مسلحون مكمناً له شمال الإقليم. وتعهد الرئيس البشير قتال متمردي دارفور، معتبراً أن"الحديث عن خرق وقف النار في دارفور جاء بعدما تحركت القوات المسلحة لوقف اعتداءات جبهة الخلاص على المواطنين"، لكنه لم يرد قبل ذلك. وقال في حفلة الإفطار الرمضاني الذي تنظمه الكنيسة القبطية السودانية:"ليس لدينا وقف نار مع جبهة الخلاص، وسنقاتلها". ودفعت الاشتباكات التي شهدها الإقليم مطلع الاسبوع الجاري منظمات الاغاثة الدولية، باستثناء"اللجنة الدولية للصليب الاحمر"، إلى مغادرة معسكر جريدة للنازحين في جنوب دارفور. وقال موظف مساعدات رفض كشف اسمه:"كان القتال على بعد نحو ميل 1.6 كلم من المنطقة. كان قتالاً عنيفاً استخدمت خلاله قذائف المورتر والمدفعية". ويُقدر عدد القتلى بنحو 40 شخصاً. وتواصلت المواجهات بين فصيل مناوي وفصيل"الارادة الحرة"في قرية مهاجرية جنوب دارفور أمس. في غضون ذلك، أجرى الأمين العام للجامعة العربية محادثات مع مسؤولين سودانيين في الخرطوم التي وصلها مساء أول من أمس. واعتبر موسى أن الروايات عن الأوضاع في دارفور"محشوة بالمبالغات". وطالب الدول العربية بالوفاء بالتزاماتها المالية لدعم القوة الأفريقية في الإقليم، مشيراً إلى"ضعف"المساهمات الحالية. وفي واشنطن أ ف ب أفاد مسؤولون أميركيون ان موفد الرئيس جورج بوش الخاص إلى السودان ينوي زيارة عواصم أوروبية والخرطوم منتصف الشهر الجاري، في محاولة لتجاوز العقبات التي تعترض ارسال قوة دولية إلى دارفور. وأوضح مسؤول طلب عدم كشف اسمه أن ناتسيوس سيزور لندن وبروكسيل وباريس والخرطوم خلال جولة تستمر من 10 إلى 23 تشرين الأول اكتوبر الجاري. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية توم كايسي للصحافيين إن ناتسيوس سيسعى الى زيارة السودان. وأضاف أن المبعوث الرئاسي لم يتقدم بطلب حتى الآن للحصول على تأشيرة دخول، لكنه"ينوي السفر في منتصف الشهر الجاري ونحن طبعاً نتوقع رداً ايجابياً من حكومة السودان للسماح له بالسفر". إلى ذلك، أشار سولانا إلى"مرونة محتملة"في موقف السودان من القوة الدولية. وقال إثر اجتماع مع وزراء الدفاع في حلف الاطلسي إن"تقدماً قد حصل"، وان"الرئيس البشير قبل الآن بعثة من الاتحاد الافريقي زائد". لكنه لم يشرح صيغة"الاتحاد الافريقي زائد". من جهة أخرى، دعا مسؤولان أميركيان سابقان وعضو في الكونغرس بلادهم إلى قيادة تدخل عسكري في السودان، في حال واصلت الخرطوم رفضها القبول بقوة دولية. وكتب انطوني ليك مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، وسوزان رايس المساعدة السابقة لوزيرة الخارجية لشؤون افريقيا، ودونالد باين النائب الديموقراطي، في مقال نشرته صحيفة"واشنطن بوست"أن"الوقت حان لاتخاذ موقف حازم حيال السودان ... فبعد ثلاث سنوات من الكلام الفارغ والمفاوضات من دون نتيجة، حان الوقت للذهاب أبعد من قرارات الأممالمتحدة التي بقيت حبراً على ورق للتوصل إلى شكل جديد أكثر عزماً: إرادة التحرك". واعتبروا ان الولاياتالمتحدة يجب ان تتحرك لاستصدار قرار جديد في الأممالمتحدة يوجه تحذيراً للسودان، فإما ان يقبل بقوة دولية في مهلة محددة وإلا تعرض لعقوبات عسكرية. وأكدوا ان على الولاياتالمتحدة"بمشاركة قوات من حلف شمال الأطلسي وبدعم سياسي افريقي"قصف المطارات والطائرات والعتاد العسكري السوداني وفرض حصار على بورتسودان، المرفأ الذي تمر عبره الصادرات النفطية.