توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو الحقيقية للاقتصاد الجزائري ثلاثة في المئة نهاية هذه السنة وأربعة في المئة السنة المقبلة، مرجحاً في الوقت نفسه أن يفضي قرار الحكومة الجزائرية المتخذ قبل أسابيع زيادة الأجور في الوظائف الحكومية غير الاقتصادية والقطاع الاقتصادي بشقيه العام والخاص إلى ارتفاع في الأسعار. وفي ختام زيارة أجراها وفد من الصندوق إلى الجزائر في إطار المشاورات السنوية مع البلدان الأعضاء، أكد رئيس البعثة إيريك دو فريجي في مؤتمر صحافي أن الجزائر تواصل تسجيل نمو اقتصادي مضطرد في السنوات الأخيرة، لكنه وصفه بپ"الهش". وتوقع أن تصل نسبة النمو نهاية السنة إلى ثلاثة في المئة فقط، فيما تصل نسبة النمو إلى اثنين في المئة في قطاع الهيدروكربونات و5.4 في المئة خارج القطاع، على أن لا تتعدى نسبة النمو الاقتصادي أربعة في المئة عام 2007. وجاءت أرقام الصندوق مخالفة لتوقعات الحكومة الجزائرية، إذ أوضح وزير المال الجزائري مراد مدلسي، لدى عرضه مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2007 الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني الغرفة الثانية للبرلمان، إن النمو الاقتصادي مقدر بپ5.2 في المئة إجمالاً، و6.1 في المئة خارج قطاع المحروقات". وكان مدلسي، لدى عرضه مشروع قانون الموازنة التكميلي لعام 2006 أمام الصحافة في تموز يوليو الماضي، قال:"تتوقع الجزائر تسجيل نمو بنسبة خمسة في المئة، وما بين خمسة وتسعة في المئة خارج قطاع المحروقات هذه السنة". احتمال ارتفاع الأسعار وفي تحليله قرار الحكومة الجزائرية رفع أجور عمال الوظائف الحكومية غير الاقتصادية والقطاع الاقتصادي بشقيه العام والخاص في أقل من ثلاثة أشهر وزيادة الحد الأدنى للأجور، قال دو فريجي:"بحسب المنطق الاقتصادي، إننا نأكل بعدما ننتج، والشيء نفسه يطبق على رفع الأجور من دون أن نتحدث عن التضخم. لذلك قد نرفع الأجور بعد أن يظهر تقدم الإنتاج". وخلص إلى التأكيد على أن رفع الأجور سيفضي إلى ارتفاع للأسعار، ما يجعل التحدي المطروح على السلطات الجزائرية يكمن برأيه في كيفية الحفاظ على السياسة النقدية للحفاظ على استقرار الاقتصاد واستقرار التضخم. وكان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة نبه إلى أن"زيادة الأجور لا بد من أن تتبعها زيادة في الإنتاج"قبل أن يوافق على قرار الزيادة في الأجور، الذي وصفته بعض أحزاب المعارضة والنقابات المستقلة خارج الاتحاد الرسمي بأنه"خطوة إيجابية لكن غير كافية". وفي سياق تحليله الأوضاع الاقتصادية، رحّب بقرار الحكومة خفض الضرائب على المؤسسات، كما دعا الحكومة الجزائرية إلى"مواصلة تحرير التجارة عبر تحضير المحيط الاقتصادي، ومن ثمّ عصرنة نظام الصرف، والخدمات المتعلقة بالتصدير والاستيراد". وعن الإصلاحات التي تدخلها الحكومة على النظام المصرفي، وإعلان وزير المساهمة وتنمية الاستثمار الجزائري حميد تمار أخيراً عن إصلاحات عميقة واستراتيجية ستعرفها المصارف العامة قبل نهاية السنة، رحب رئيس وفد صندوق النقد الدولي بقرار الحكومة تخصيص مصرف"القرض الشعبي الجزائري"، كأول محطة تسبق تخصيص مصارف عامة أخرى. ووصفه بپ" القرار الحكيم الذي يسمح بعصرنة المصارف ودفعها نحو التنافسية"، لكنه انتقد في الوقت نفسه"نقص الكفاءات في المصارف العامة، ما يعرقل دعم وتيرة وحركية النمو الاقتصادي والإصلاحات التي تطبقها الجزائر"، مستدلاً بالأرقام التي تشير إلى أن القروض غير المجدية بلغت لدى المصارف العامة عام 2004 نحو 5.40 في المئة و37 في المئة عام 2005، مقابل 2.4 في المئة لدى المصارف الخاصة عام 2004. ورداً على سؤال حول قرار الجزائر تعديل قانون الهيدروكربونات، قال دو فريجي إن قرار الجزائر"سيادي، ويخص سيادتها"، مستبعداً تعرض الجزائر لپ"إكراهات"جراء التعديلات التي منحت لشركة النفط الحكومية"سوناطراك"51 في المئة من الاكتشافات النفطية بدل 25 في المئة، إلى جانب فرض ضرائب على أرباح الشركات النفطية الأجنبية، في خطوة بررها بوتفليقة بقوله إنها"تهدف للحفاظ على الثروات الباطنية وضمان حق الأجيال المقبلة في الثروة النفطية".