إمتدح مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي السلطات السعودية لادارتها للاقتصاد الكلي واستخدام ايرادات النفط بفاعلية لتنشيط نمو القطاع الخاص، مشدداً على الأداء"المثير للاعجاب"الذي حققه الاقتصاد السعودي بقطاعيه النفطي وغير النفطي في الأعوام الثلاثة الماضية، متيحاً نمو متوسط دخل الفرد، وهو المؤشر الاقتصادي الأكثر أهمية، بأكثر من 50 في المئة، وانخفاض الدين العام إلى نحو 45 في المئة من الناتج المحلي، وعودة الحساب الجاري والموازنة لتحقيق الفوائض. وثمن في شكل خاص استعداد الرياض لإنشاء صندوق استثماري للأجيال المقبلة. وقال المجلس في تقويمه السنوي للأداء الاقتصادي والمالي في السعودية الاثنين، الذي حظي بموافقة الحكومة السعودية بحسب صندوق النقد، إن"مع تحقيق فوائض كبيرة في الحساب الجاري والموازنة المالية، استمر احتياط العملات الصعبة بالازدياد، والدين العام بالانخفاض، والبورصة بتعزيز قوتها لتعكس تعاظم الثقة. كذلك تحول التطبيق الثابت للإصلاحات الاقتصادية في الأعوام الماضية إلى قوة اقتصادية حافزة لتنويع النشاط الاقتصادي والنمو الذي يقوده القطاع الخاص، ما وضع الأسس الكفيلة لزيادة فرص العمل المتاحة للمواطنين السعوديين وتعزيز صلابة الاقتصاد أمام صدمات أسعار النفط". وذكر صندوق النقد أن الناتج المحلي في السعودية يسير باتجاه تسريع نموه الحقيقي إلى 6 في المئة في 2005 مقارنة ب 5.25 في المئة في 2004 و7.7 في المئة في 2003، مشيراً إلى أن القطاعين النفطي وغير النفطي من النشاط الاقتصادي العام السعودي، سيساهمان بدرجتين متساويتين تقريباً 6.75 في المئة للأول و6.25 في المئة للثاني في هذا النمو القوي الذي سيساعد على نمو متوسط دخل الفرد بنحو 19 في المئة، ليصل في العام الحالي إلى أكثر من 13 ألف دولار. فوائض وديون وتوقع الصندوق أن يحقق الحساب الجاري مكاسب جديدة رافعاً فائضه إلى 30 في المئة من الناتج المحلي في 2005، بعدما كان ارتفع إلى 20.5 في المئة في 2004 أي نحو 52 بليون دولار مقارنة بپ9.4 بليون دولار فقط في 2001. وعانت الموازنة المالية السعودية عجزاً بلغت نسبته 3.9 في المئة من الناتج المحلي في 2001، ونحو 6 في المئة في العام التالي، لكن يتوقع أن ترفع فائضها من 9.5 في المئة في 2004 إلى 15.5 في المئة العام الجاري لتعكس بذلك توقع ارتفاع إيرادات النفط بنحو 34 في المئة وزيادة محدودة في الإنفاق. وأفاد أن السعودية ستخفض الدين العام بنحو 19 في المئة ليصل إلى 45.5 في المئة من الناتج المحلي في 2005، محققة إنجازاً كبيراً، خصوصاً بالمقارنة مع الدين العام الأميركي الذي تجاوز 60 في المئة، مشيراً إلى أن الرياض كانت استخدمت أكثر من نصف الفائض المالي المحقق في 2004 لخفض الدين العام 16 في المئة بينما وضعت النصف الباقي في صندوق خاص لتمويل الاستثمار في مجالات ذات أولوية لفترة من خمسة أعوام. وعزا صندوق النقد مساهمة القطاع الخاص في زخم النمو الحالي، إلى الإصلاحات الاقتصادية التي تطبقها السعودية منذ عام 1999، أهمها تخصيص مؤسسات القطاع العام، وتعزيز القوانين والرقابة المعنية بنشاط التأمين وسوق رأس المال، وتحرير قطاع المال واصلاح الأطر القانونية والتنظيمية والقضائية، إضافة إلى انتهاج سياسة مرنة لسعودة الوظائف، تهدف إلى توفير فرص العمل للمواطنين السعوديين في القطاع الخاص عبر برامج التدريب والأجور المدعمة، وتحديد حصص التوظيف للقطاعات المختلفة. وأكد أن التقدم الذي حققته السعودية أخيراً في اكتساب عضوية منظمة التجارة العالمية والتوصل إلى اتفاق ثنائي مع الولاياتالمتحدة، من شأنه أن يحفز الاستثمار في القطاع الخاص. وحض مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد السعوديي على الاستمرار في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من طالبي العمل السعوديين في القطاع الخاص، ولاحظ أن الظروف الاقتصادية الحالية الموائمة توفر فرصة مهمة للمضي قدماً في مسار الإصلاح الاقتصادي، والعمل في الوقت نفسه على توظيف الإمكانات للأجيال المقبلة، مثنياً على التزام السلطات السعودية السياسات الاقتصادية الصحيحة. وأعلن المديرون التنفيذيون تأييدهم وتبنيهم للقرار الذي اتخذته السلطات السعودية في شأن توظيف جزء من إيرادات النفط لزيادة الإنفاق الاجتماعي، وتحسين البنية التحتية وتعزيز الوضع المالي عبر تقليص الدين العام، مشددين على أن استخدام الفوائض المالية لخفض الدين العام يعزز ثقة القطاع الخاص، ويوفر فسحة مالية لزيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليم وبرنامج تطوير البنية التحتية. تحديات لكنهم لفتوا إلى أن الآفاق المالية المواتية تقدم الفرص والتحديات في آن معاً في المدى المتوسط، ورأوا أن أكبر هذه التحديات يكمن في تطبيق خطط زيادة الإنفاق الاجتماعي والاستثماري بفاعلية، وادارة الفوائض المالية الكبيرة، معلنين تبنيهم لتوصية من خبراء الصندوق تحض السعودية على وضع إطار مالي متوسط المدى يراعي الشفافية ويهدف إلى الحد من الآثار السلبية لتقلب إيرادات النفط وتحسين أولويات الإنفاق. ورحبوا في هذا المجال باستعداد السلطات السعودية للنظر في إمكان تأسيس صندوق استثماري للأجيال المقبلة. وحض المديرون التنفيذيون السعودية على خفض الدعم غير المباشر لخدمات الكهرباء والمياه تدريجاً، وتعديل أسعار الطاقة عموماً بما ينسجم مع التطورات الحاصلة في الأسواق العالمية، وأكدوا كذلك أهمية"احتواء"زيادة رواتب العاملين في القطاع العام. وبينما أثنوا على الرقابة المصرفية الفاعلة التي أدت إلى تطور مؤسسات مصرفية حسنة الإدارة ورابحة وذات أوضاع مالية سليمة، لاحظوا أن"السلطات تحتاج إلى التزام جانب الحذر في ضوء استمرار الارتفاع القوي في أسعار الأسهم".