تقدم الدراما السورية لهذا الموسم وجبة كبيرة من العنف، وبعض هذا العنف مجاني... من دون ان نعرف سبباً لهذه الانعطافة المتمثلة بزحف هذا النوع من الأعمال التي تتوجه عادة الى الغرائز. ولكن من الواضح أن ثمة انعطافة بدت واضحة في مسلسلات مثل"غزلان في غابة الذئاب"و"أسياد المال"و"أحقاد خفية"... وحتى"باب الحارة"ينفتح على مصراعيه ويذهب في اتجاه آخر، ليكشف عن عنف تقليدي ويذكر بآخر عاشته الحارة الشامية في مسلسلات"شقيقة"لهذا المسلسل، ان جاز التعبير. لن نقف عند باب الحارة المتخيلة الذي يفتحه"الادعشري"النجم بسام كوسا على طريقته، فهو كما قلنا، باب مفتوح على عنف محدد أصبح من لوازم الحارات الدمشقية تلفزيونياً، التي ما ان تفتح أبوابها للسابلة، حتى تبدو كما لو أنها تقيم في متاحف الماضي البعيد. كمية العنف في المسلسلات الآنفة الذكر، تنحو منحى آخر، فهي أقرب الى أضغاث الأحلام التي شاهدنا مرجعياتها في أفلام هابطة في مستوى الأداء والتفكير. ومن سيقرر مواصلة مشاهدة هذه الوجبات السريعة ربما سيكتشف في النهاية حجم التأويل الذي صعّدت منه الدراما السورية لهذا العام ،وهي"تتمنطق"بحكايات قد تبدو محلية للوهلة الأولى، ومستوحاة من الواقع السوري مباشرة. ولكن نظرة متفحصة تحيلنا الى البحث عن مصب هذه الأفكار التي يتقاسمها"أبطالنا"وهم يتربصون ويفتكون ببعضهم بعضاً من أجل القتل.. والقتل فقط. ربما لم نصل بعد الى المستوى المرضي الذي يتيح لنا الإطلالة كتابة وإخراجاً على مستوى فاضح من العنف المبتذل، الذي لا يلغي الأحكام القاطعة التي نصدرها بحقه، ولكنه يشهد على نفسه بنفسه على هذا الخواء الذي تتركب منه كل هذه الأحداث الطويلة والمفتعلة. على الجبهة الأخرى يقف المخرج السوري حاتم علي في مسلسله"على طول الأيام"ليضع بصمة في اتجاه آخر. ربما تجيء بصمته الرومنسية لتخفف عنا وطأة كل هذا العنف التلفزيوني الذي يحيط بنا من دون أن يستأذننا. وكأن حاتم علي يقيس نبضات قلوبنا في مسلسله الجديد، عندما يتحدث"أبطاله"عن الحب والعلاقات الانسانية، ويترك لجهاز تخطيط القلب أن يدخل في عمق الصورة نفسها. ثمة من يدركنا بپ"عنف أقل"...أقله هذا العام!