مع دخول مسلسلات رمضان السورية حلقاتها الأخيرة أُمكنت ملاحظة الفوارق الواضحة بينها على المستويات كلّها: ثمة أعمال عرف صانعوها عملهم وأتقنوه، ابتداء من النص حتى آخر العمليات الفنية، وأخرى راوحت في حيرة وتلعثم الوسط، بينما نسبة غير قليلة سقطت في السطحية والهشاشة. من الواضح هنا تأثيرات الفورة الإنتاجية التي تشهدها الدراما السورية، والتي على رغم إيجابياتها الكثيرة بدأت تعاني أزمة في النصوص الصالحة التي تمتلك الحدود الدنيا من السوية الفنية والفكرية معاً. هي أزمة بتنا نلحظها في الموضوعات التي تبدو «نيئة» وغير معدّة بعناية كافية، ناهيك عن تكرار مواضيع أخرى إلى حدود مملّة باتت تدفع المشاهد للعزوف عن المشاهدة، والبحث عن أعمال أخرى. في سياق آخر، تبرز ملاحظة أخرى فرضت نفسها في أعمال الدراما السورية هذه السنة، وهي صعود عدد من الممثلين الشباب، وبعضهم شاهدناه سابقاً على الشاشة الصغيرة، لكنهم حققوا هذه السنة قفزات في الأداء التمثيلي ما يجعل خريطة الممثلين الجيدين تتسع أكثر. ملاحظة تشمل بالطبع الممثلين من الجنسين معاً، خصوصاً وقد لعب معظمهم الأدوار الرئيسة الأولى ولفتوا انتباه المشاهدين بقوّة أدائهم وجاذبية حضورهم. أما في مستوى النجوم فما من جديد. ثلاثي الدراما التلفزيونية الأوائل، خالد تاجا وجمال سليمان وبسام كوسا، ما زالوا يقدمون حضورهم المعتاد، بل هم أضافوا إليه تألقاً واضحاً، خصوصاً بسام كوسا في «وراء الشمس» وجمال سليمان في «ذاكرة الجسد» وخالد تاجا في غير عمل شارك فيه هذه السنة. مع ذلك تبقى ملاحظة أزمة النصوص شاخصة، ونضيف إليها تصاعد أعداد الأعمال المنتجة بتمويل غير سوري، ما يعيد القلق على مستقبل الدراما السورية فنياً وفكرياً، وما يهدد بوأد فكرة تحوُلها إلى صناعة كاملة، تُشغّل أعداداً من الفنانين والفنيين، خصوصاً أن المواهب السورية لا تحصى في المجالات كلّها. هي ملاحظات سريعة تحتاج بالتأكيد لعودة موسعة وتفصيلية في مقالات خاصة نعتقد أنها باتت ضرورية في شأن هذا الفن الحيوي الجميل.