أجلت المحكمة الجنائية العليا في بغداد الجلسة الثامنة لمحاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين وسبعة من رموز نظامه الى الأحد المقبل، فيما نفى المتحدث باسم رئيس الحكومة في تصريحات الى"الحياة"التدخل في شؤون المحكمة. وأشار أحد محامي صدام الى ان الأخير أبدى امتعاضه من تدخل ايران في العراق. وكشفت مصادر في هيئة الدفاع ان قرار التأجيل جاء بعد مطالبة المحامين بنقل المحكمة الى إقليم كردستان. وقالت المصادر ل"الحياة"ان الهيئة كانت ستطلب من رئاسة المحكمة في هذه الجلسة نقل المحاكمة الى شمال العراق، كحل وسط، لتأمين الحماية للمحامين، ولضمان حيادية اكبر للمحاكمة. وأضافت ان فريق الدفاع عن صدام يعتبر الأكراد اكثر مرونة في التعامل مع المحاكمة، بعدما لمسوه من تعاون ونزاهة القاضي السابق رزكار أمين. وزادت ان عائلة صدام راغبة في نقل المحاكمة الى أي مكان آخر، وان كردستان"مكان جيد اذا رفضت الحكومة نقلها الى بلد آخر". وأكدت المصادر ان الجانب الاميركي ورئيس الجمهورية جلال طالباني أبديا تجاوباً في نقل المحاكمة لكن عبدالعزيز الحكيم زعيم كتلة"الائتلاف"رفض ذلك. ويحاكم صدام ومعاونوه في قضية الدجيل التي أودت بحياة 143 عراقياً في البلدة اثر محاولة اغتيال صدام أثناء مروره قرب البلدة عام 1982. وشهدت بغداد إجراءات أمنية روتينية شملت إغلاق الجسور الرئيسة وانتشاراً كثيفاً لقوات الأمن العراقية الجيش والشرطة لا سيما المنطقة الخضراء حيث تجري المحاكمة، فيما شهدت محافظة النجف الشيعية تظاهرات واسعة مطالبة بإعدام صدام. وقال رائد جوحي، قاضي التحقيق الناطق باسم المحكمة انه تقرر تأجيل الجلسة الى الأحد، موضحاً ان التأجيل كان"بسبب تأخر وصول بعض الشهود من خارج العراق". وكانت تقارير صحافية أشارت الى مثول أعضاء سابقين في النظام وحزب البعث المنحل بينهم شخصيات محتجزة لدى القوات الاميركية أمام المحكمة كشهود في القضية. وكان المتهمون السبعة نفوا التهم الموجهة اليهم مشككين بشرعية المحاكمة والمحكمة في ظل الوجود الأجنبي. في المقابل نفى القاضي جعفر الموسوي، رئيس هيئة الادعاء العام جمعه لوظيفتين عمله في المحكمة وعمله كقاضٍ في هيئة الاجتثاث بعد اتهامه بمخالفة القانون، موضحاً في تصريحات صحافية أمس ان عمله في هيئة الاجتثاث "تنسيب وليس تعيين". ومن المفترض ان يرأس القاضي الجديد رؤوف رشيد عبدالرحمن كردي من بلدة حلبجة الجلسات الجديدة بعد محاولات فاشلة لإقناع رزكار محمد امين بالعدول عن استقالته وبعد اعتراض الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث على تعيين القاضي سعد الهماشي رئيساً، ويشغل عبد الرحمن منصب نائب رئيس محكمة الاستئناف في اربيل وكان يشغل منصب نقيب المحامين في المحافظة ذاتها وعمل قاضياً منذ التسعينات. ونفى عبدالرزاق الكاظمي، الناطق باسم رئيس الحكومة وجود اي نوع من التدخل في سير عمل المحكمة. وقال ل"الحياة"ان"الحكومة حريصة على الحفاظ على هيبة المحكمة واستقلالية القضاء وسير جلسات المحاكمة بالنهج الديموقراطي". وتابع ان هناك رأياً عاماً داخل الحكومة يعارض الطريقة اللينة في التعامل مع صدام ومعاونيه. وكان هذا الرأي وراء استقالة القاضي رزكار محمد امين. واضاف:"ان رغبة الحكومة العراقية في التسريع في محاكمة صدام لا تعني مطلقاً تدخلاً منها في القضاء، لأنه مستقل". من جانبه، قال آزاد جنديان، القيادي في حزب"الاتحاد الوطني الكردستاني"يرأسه طالباني ل"الحياة"ان اختيار القاضي الكردي رؤوف رشيد عبدالرحمن لرئاسة جلسات محاكمة صدام"دليل على مهنية القضاء في اقليم كردستان ونزاهته"، مضيفاً ان"اختيار عبدالرحمن مرده عدم وجود موقف كردي متشدد لاجتثاث البعث واتسام هذا الموقف بالاعتدال والموضوعية". من جهته، قال عبدالهادي الدراجي، الناطق باسم التيار الصدري في بغداد ل"الحياة"ان هناك قلقاً من تدويل محاكمة رئيس النظام السابق. وزاد:"لا نخشى تغيير قاضٍ بقاضٍ فالأمر المهم هو الابتعاد عن اطالة أمد المحاكمة والسعي الى تسريعها لمناقشة كل الملفات". وكشف ان التيار الصدري يدرس تقديم دعوى ضد صدام لقتله المراجع الدينية الشيعية في السنوات التي حكم فيها العراق. وقال:"من حق التيار كما من حق اي عراقي ان يتقدم بدعوى ضد صدام لاغتياله المرجع الشيعي محمد صادق الصدر مطلع سنة 1999، كما من حق دول الجوار ان تتقدم بدعوى ضد صدام لشنه الحرب عليها". على صعيد آخر، اكد المحامي صالح العرموطي أمس أن المحامين أطلعوا الرئيس السابق على أبرز القضايا العراقية والعربية والعالمية منها الضغوط على سورية والملف النووي الإيراني. وقال نقيب المحامين الأردنيين العضو في هيئة الدفاع عن صدام إن موكله شكا من انقطاعه عن العالم، وقال لمحاميه"لا أعرف ما يجري في الخارج". وأضاف أن المحامين"أطلعوا الرئيس على أبرز القضايا العراقية والعربية والعالمية وعلى رأسها المقاومة والضغوط على سورية وأزمة النووي الإيراني". والعرموطي هو أحد ثلاثة محامين عرب انضموا الى فريق الدفاع عن صدام قبل استئناف محاكمته. والمحاميان الآخران هما عيسى أبو رشيد من البحرين وتيسير مدثر من السودان. وأشار العرموطي إلى أن صدام"يتمتع بمعنويات عالية جداً وأنه أنهى كتابه الجديد المؤلف من ثلاثة أقسام: الأول شعر والثاني قصص قصيرة والثالث نصوص أدبية". موضحاً ان صدام يقضي وقته بقراءة القرآن الكريم والكتابة.