ثواني الصمت والانتظار تذبحني كسكين بلا رحمة. الدقائق تمر ببطء والساعة في معصمي كالقيد وأنا أغوص في المقعد الجلدي ... انها تقترب من الرابعة. هل ستأتي؟ مدن ما زالت تعفر وجوهها بتراب المقابر. ووجوه بيضاء كأنها أكفان تحاصرنا. تحتل كل شيء. وأنا منذ ألف عام أسافر... ابحث عنها. سفن تحطمت بي وأشرعة تمزقت. مئات من القراصنة حاربتني ولكنني بعد كل معركة اخرج منها. لا أجد غير الجراح والغربة والألم. سمعت أنها هناك في جزيرة نائية حورية بحر تنتظر بحّارها المغامر، وعندما تحطمت سفينتي على صخور تلك الجزيرة لم أجدها. ها أنا بعد كل تلك السنين أجد نفسي مرمياً هنا انتظر قدومها. حفرت سجني وحاولت الخروج لعلّي أجد الحرية. حفرت وحفرت... وعندما تغلبت على جدرانها اللعينة وجدت نفسي في سجن آخر أشد ظلمة وقسوة. رسمت صورتها على جدرانه آلاف المرات... تخيلت اللقاء، وأنا الآن انتظر الساعة. توقفت تماماً. الرابعة لن تأتي. ماذا أفعل؟ كم احتاجها. احتاج ان أرسو في مينائها بعد سنوات من الضياع. سأحتضنها بقوة وأقول خذيني أيتها المرأة الأسطورية. أتعبتني بحار الحيرة واللاجدوى... سنوات من البحث عنك وها أنت أمامي تجلسين، رغم أن الصحراء من الصمت تمتد بيننا. نظرت في عينيها. تذكرت تلك البحار والعواصف وكل سفني التي تحطمت وأشرعتي التي تمزقت... هل يعقل أن يتحول الحلم الى حقيقة؟ كم حلمت بك مثلما حلمت بالحرية! لكنني عندما صحوت لم أجدها وها انا أجدك أنت أمامي. احمد مطير عباس - الكوت - العراق - بريد الكتروني