أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس، أن بلاده لن تتنازل"قيد أنملة"في المسألة النووية، لا سيما ما يخص دورة الوقود النووي، على رغم التهديدات بإحالة ملفها إلى مجلس الأمن. وقال في تصريح أوردته وكالة الأنباء الطالبية إيسنا:"بحكمة وحزم، ستقاوم الحكومة وتدافع عن حق الشعب الإيراني". وحذر وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي من أن إحالة إيران إلى مجلس الأمن ستكون له"عواقب"على الغرب، مهدداًً بإنهاء طهران تعاونها الاختياري مع الأممالمتحدة في شأن برنامجها النووي وعمليات التفتيش المفاجئة لمواقعها النووية. وقال:"الحكومة ستكون مضطرة لإنهاء كل الإجراءات الطوعية التي اتخذتها في حال الإحالة إلى مجلس الأمن". وهددت إيران مراراً بإنهاء عمليات التفتيش المفاجئة واستئناف التخصيب، وأقر البرلمان في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، مشروع قانون في هذا الشأن يلزم الحكومة بتنفيذه. ووصف رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي البرلمانية علاء الدين بروجوردي التحرك الأوروبي بأنه"غير طبيعي وتحرك سياسي خاضع للنفوذ الأميركي، وهو ما لن تقبل به إيران". تنسيق أوروبي وأمام التهديد، دعا وزير الخارجية الإيطالي جان فرانكوفيني الأسرة الدولية إلى"الحزم"و"الوحدة"، واصفاً تصريحات طهران الأخيرة ب"التهديدات غير المقبولة". وأضاف:"على الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةوروسياوالصين أن تتخذ موقفاً مشتركاً لأن طهران تعول كثيراً على عجز الأسرة الدولية عن اتخاذ مواقف موحدة وبالتالي التوصل إلى اتفاق". أما الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي، فاعتبر"من المبكر"الحديث في هذه المرحلة عن عقوبات على إيران، مشيراً إلى أن"العمل يجب أن يحصل على مراحل". وأكد نية باريس"مواصلة مشاوراتها"مع روسياوالصين وشركائها الأوروبيين حول هذا الملف. وفي برلين، أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن ياغر، أن ألمانيا تعتبر الحديث عن عقوبات على إيران بسبب نشاطاتها في مجال البحث النووي"سابق لأوانه". وقال:"نعتبر الحديث عن فرض عقوبات في الوقت الحاضر سابق لأوانه، علينا أن نتفق أولاً مع شركائنا"، موضحاً أن قراراً بهذا المعنى لا يتخذ إلا بعد محادثات في فيينا داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم في الأممالمتحدة. واستبعد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو شن عمل عسكري على إيران، قائلاً إن المسألة"ليست واردة على جدول الأعمال"، سواء في أميركا أو بريطانيا، مؤكداً أن المسألة لا يمكن أن تحل إلا من خلال الوسائل السلمية". وأشار إلى أن البيت الأبيض أوضح"أن إيران ليست العراق"، ولكن سترو عبر عن"شكوك قوية في سعي إيران إلى بناء قنبلة نووية، وإن أكد ان ليست هناك أدلة قاطعة تثبت هذا الأمر". وحض الوزير البريطاني المجتمع الدولي على اتخاذ موقف معقول ويتحلى بالصبر لإنهاء الأزمة النووية مع إيران. ولفت إلى أن فرض عقوبات من قبل مجلس الأمن على إيران لا يزال احتمالاً وارداً، ولكنه أصر على انه تنبغي ممارسة ضغوط أخرى أولاً. موسكو... الفرصة الأخيرة وكررت موسكو دعوتها الإيرانيين إلى التراجع عن قرار استئناف الأبحاث النووية، والعودة للتعاون مع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولوحت مجدداً بورقة مجلس الأمن، فيما اعتبرت مصادر ديبلوماسية روسية أن التشدد الروسي يهدف إلى حمل طهران على إبداء"مرونة"من دون إفساح المجال لفرض عقوبات دولية على إيران. وقال الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين إن بلاده تدرس اقتراح عقد اجتماع استثنائي لمجلس أمناء الوكالة بهدف"تحديد الخطوات اللاحقة بما فيها عرض الملف الإيراني على مجلس الأمن". وبعد أقل من يوم واحد على تصريح وزير الخارجية سيرغي لافروف أن بلاده لا تستبعد اللجوء إلى مجلس الأمن، أكد رئيس مجلس الفيديرالية الشيوخ سيرغي ميرونوف أن روسيا عارضت في السابق هذا الطرح لكن السيناريو بات"خطوة طبيعية"بعدما أحجمت إيران عن الاستجابة لنداءات بالتعاون. واعتبر رفض طهران"اليد الممدودة للتعاون"في إشارة إلى رفض المقترح الروسي حول إنشاء شركة ثنائية لتخصيب اليورانيوم يكون مركزها روسيا يضع أمام المجتمع الدولي وخصوصاً مجلس الأمن"مسؤولية حل المشكلة الإيرانية". ولفت مصدر ديبلوماسي روسي تحدث إلى"الحياة"إلى أن روسيا تسعى حالياً إلى استخدام"الفرصة الأخيرة المتاحة"قبل نقل الملف إلى مجلس الأمن وهو الخيار الذي بات"مؤكداً". وأعرب عن قناعته بأن موسكو لن تستخدم حق النقض داخل المجلس لتعطيل عقوبات بحق إيران لأنها"تفضل التوصل إلى صيغة توافقية متوازنة مع حلفائها الغربيين". وفي بكين، يرى محللون أن الصين ربما تعارض فرض عقوبات على إيران، لكنها على الأرجح ستمتنع عن أي تصويت في مجلس الأمن بدلاً من استخدام حق النقض. وكالة الطاقة تتحرك في غضون ذلك، أكد مصدر مطلع ل"الحياة"في فيينا أن اجتماعاً يضم الترويكا الأوروبية والولاياتالمتحدةوروسياوالصين سيعقد الاثنين في لندن تحضيراً لاجتماع مقبل لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الإيراني. كما رجح أن يعتمد هذه المرة قرار من شأنه إحالة ملف طهران النووي إلى مجلس الأمن مع اشتراط روسي سيطرح في لندن ويقضي بأن تقتصر الخطوة على رفع الملف من دون فرض أي عقوبات اقتصادية على إيران. وأوضح الديبلوماسي أن موعد الدعوة إلى اجتماع مجلس الحكام،"سيحدد في اجتماع المديرين السياسيين لوزارات الخارجية في الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانياوروسياوالصين إضافة إلى ألمانيا، الاثنين في لندن". ورجحت مصادر عدة في فيينا أن توجه الدعوة إلى اجتماع مجلس الحكام بين نهاية كانون الثاني يناير وبداية شباط فبراير، مضيفة أن الأوروبيين والأميركيين يريدون إمهال أنفسهم أسبوعين"لتأمين ائتلاف"وإقناع روسياوالصين بالانضمام إليهم في طلب إحالة الملف الإيراني إلى الاممالمتحدة. وفي وقت لم تعلن مصادر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية موعد الاجتماع الطارئ، أكد السفير الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية في مؤتمر صحافي أمس أن بلاده ستبقى حريصة على مواصلة التعاون مع الجهة المعنية بأمر ملفها النووي ولن تتراجع عن موقفها المعلن برغبة استئناف المفاوضات والمحادثات المتعلقة به مع الأطراف المختلفة. وتجنب السفير الإيراني التعليق مباشرة على اجتماع الترويكا الأوروبية في برلين أول من أمس، مكتفياً بإبداء"استغرابه"لعدم تطرق الدول الثلاث إلى"ما أبدته طهران من تعاون واستجابة للمطالب الدولية". ترحيب إسرائيلي ورحب الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية مارك ريغيف بموقف الترويكا، ولفت إلى أنه"ندرك أن ثمة توافقاً دولياً يزداد قوة حول ضرورة وضع طهران أمام خيار واضح: إما أن يوقف هذا النظام برنامجه للتسلح النووي، وإما يعّرض علاقاته مع المجتمع الدولي للخطر". في غضون ذلك، كشفت صحيفة"ذي غارديان"البريطانية أن إسرائيل وضعت خططاً لشن ضربات جوية ضد المفاعلات النووية الإيرانية باستخدام قنابل قادرة على اختراق التجهيزات المحصنة تحت الأرض زودتها بها الولاياتالمتحدة. لكن الصحيفة أكدت أن"المحللين أشاروا إلى أن إسرائيل لا تعتزم شن تلك الضربات الجوية في هذه المرحلة التي تشهد تزايد الضغوط الديبلوماسية على طهران". ونسبت إلى إميلي لاندو مديرة مشروع ضبط التسلح في مركز يافا في تل أبيب:"لا رغبة لدى أي طرف من الأطراف المعنية للتعامل عسكرياً مع البرنامج النووي الإيراني، لأن الجميع يفضلون إحالة القضية إلى مجلس الأمن، وهو ما تأمله إسرائيل أيضاً".