ينعم وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي ببداية عام سعيدة بعودة زوجته سيسيليا الى المنزل الزوجي الذي هجرته على مدى الشهور الثمانية الماضية، مما يساعده على تركيز حيويته لانتزاع ترشيح اليمين الفرنسي له لانتخابات الرئاسة في ربيع 2007. لكن العام الجديد حلّ على الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض فرانسوا هولاند، بقدر من الاحراج والقلق، اذ ان خوضه للانتخابات الرئاسية المقبلة يضعه امام منافسة مباشرة من زوجته النائبة سيغولين رويال التي حققت شعبيتها قفزة كبيرة في اوساط الفرنسيين الذين يؤيدونها بنسبة 53 في المئة. راجع ص 8 وعلى غرار المسلسلات الاميركية العاطفية، آلت قصة خلاف الزوجين ساركوزي الى نهاية سعيدة، وبات الاضطراب من نصيب الزوجين اليساريين هولاند ورويال اللذين من المرتقب ان يكونا محط أنظار الفرنسيين في الفترة المقبلة. والمؤكد ان السأم والخيبة اللذين يغلبان على الفرنسيين حيال طبقتهم السياسية التي يقولون انها تفتقر للأفكار، هما اللذان دفعاهم الى الاهتمام على غير عادتهم بالحياة الشخصية لمسؤوليهم. وكان نبأ عودة سيسيليا للإقامة مع زوجها في مقر وزارة الداخلية تردد خلال الاستقبالات المختلفة التي تقام لمناسبة حلول العام الجديد. وتأكد ذلك، عبر اعلان النائب باتريك بلكاني القريب الى ساركوزي ان سيسيليا"حسمت خيارها"بعدما ادركت"مدى محبة زوجها لها"فعادت اليه. وبخلاف الفترة التي تعمد فيها ساركوزي تسليط الأضواء على حياته الشخصية بتعميم صورة زوجته وأولادهما على الصحف الفرنسية، فإنه بات الآن يرغب بالتكتم حولها واعتبارها شأناً لا يعني سواه. وينصب الاهتمام الآن على موعد ظهور سيسيليا رسمياً الى جانب زوجها، والدور الذي تعتزم لعبه في الفترة المقبلة، خصوصاً اذا تسنى له تحقيق حلمه الرئاسي. والمرجح ان يكون لدى سيسيليا تصور محدد لكل هذا، اذ انها مشغوفة بالسلطة والنفوذ، على رغم كونها لا تحتل أي منصب سياسي. في موازاة ذلك، قد لا يكون مثل هذا التصور في متناول زعيم الحزب الاشتراكي المعارض الذي عاش حتى الآن بطريقة هادئة، بعيداً عن أي صخب لولا الطموح الرئاسي المربك الذي أبدته زوجته في الصيف الماضي. وهولاند الذي جاهد لتكريس هيبته على رأس الحزب، ويعتبر نفسه بمثابة المرشح الطبيعي له للرئاسة، فوجئ مثله مثل المسؤولين الاشتراكيين، بهذا الموقف. ووسط الانتقادات القاسية التي انهالت على رويال من الاشتراكيين الطامحين بدورهم للرئاسة، لم يرَ هولاند من سبيل للتعامل مع الأمر إلا بتذكير الجميع بأن اختيار المرشح الرئاسي سيحسم من قبل القواعد الحزبية عبر انتخابات داخلية. اي ان على اعضاء الحزب ان يختاروا بينه وبين زوجته ومنافسين آخرين. اي ان معركة الترشيح الاشتراكي الى الرئاسة ستدور داخل المنزل الزوجي. وستكون الزوجة أشد المنافسين لزوجها، خصوصاً إذا ما استمر تأييد الفرنسيين لها، بصفة سياسية مثابرة وقريبة منهم ومن مشكلاتهم. وأقر هولاند في حديث الى إذاعة"مونتي كارلو"أنه"يناقش بالطبع"مع رويال موضوع خوضها المنافسة، لكن هذه النقاشات لم تسفر على ما يبدو عن أي نتيجة. فهي عازمة حتى الآن على المضي في ترشيحها وتأكيد استقلالها، بدليل أنها اختارت التوجه الى تشيلي لتأييد المرشحة اليسارية للرئاسة ميشال باشليه، فيما كانت الأسرة الاشتراكية بأكملها، وبما فيها هولاند، مجتمعة في بلدة جارناك لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الرئيس فرنسوا ميتران. وقد لا يكون في وسع هولاند سوى التصرف على غرار ساركوزي والاتصال بزوجته كل ساعة لكسبها الى جانبه ومنعها من تشكيل عقبة أمامه على الدرب الرئاسي.