لن يوقف قرار الأعضاء المنتهية ولايتهم في المجلس الدستوري التوقف عن اداء مهماتهم وحث السلطات المختصة على تفادي الفراغ الدستوري وإبلاغ هذا القرار الى كل من رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، التوجه لدى الغالبية النيابية التي كانت تتشكل منها المعارضة قبل تشكيل الوزارة الجديدة ومن خلال النائبين بهيج طبارة وإدمون نعيم وآخرين لتحضير اقتراح قانون بصفة معجل مكرر يرمي الى تعديل قانون المجلس الدستوري وتعيين اعضائه وتحديد مهماتهم ومدة عملهم وكيفية تعاملهم مع المجلس النيابي. وكانت المعركة بين الغالبية النيابية والمجلس الدستوري بدأت على خلفية إبطال الأخير القانون الذي صدق عليه المجلس النيابي في جلسته السابقة والذي ينص على التريث في النظر في الطعون النيابية من جانب المجلس الدستوري الى حين استكمال عدد اعضائه بتعيين عضوين جديدين في مجلس الوزراء خلفاً للعضوين اللذين انتهت ولايتهما، رئيس المجلس القاضي أمين نصار والعضو القاضي سليم جريصاتي. وجاء إبطال القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية بحسب الأصول بعدما حمل تواقيع الرؤساء الثلاثة والوزراء المختصين، بناء لعريضة تقدم بها نواب في كتلة"الاصلاح والتغيير"برئاسة النائب العماد ميشال عون، وتبناها المجلس الدستوري في مطالعته التي أصدرها ليل السبت الماضي. وبحسب ما ورد في قرار الابطال، فإن المجلس الدستوري يجيز لنفسه النظر في الطعون النيابية من دون ان ينتظر استكمال عدد اعضائه لجهة تعيين عضوين جديدين من جانب الحكومة، لأن القانون الخاص بإنشاء المجلس يعطيه الحق في النظر في الطعون في ظل وجود أعضاء منتهية ولايتهم، أو في أي مسألة تحال اليه. وكانت لقرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الذي لا يسمح له النظر في الطعون إلا بعد استكمال عدد أعضائه ردود فعل سياسية، ترتب عليها اجتماع عاجل لكتلة"المستقبل"برئاسة النائب سعد الحريري، أعقبته مشاورات بين الأخير ونواب اللقاء النيابي الديموقراطي وتيار القوات اللبنانية ولقاء قرنة شهوان. وبنتيجة المشاورات تم التوافق على تكليف طبارة ونعيم وآخرين بالتقدم من المجلس النيابي بقانون معجل مكرر يقضي بإعادة النظر في تركيبة المجلس الدستوري وصولاً الى تعيين عشرة اعضاء جدد يختار منهم البرلمان خمسة، وتقوم الحكومة بتعيين الخمسة الآخرين. وفي محاولة لتطويق رد فعل الغالبية النيابية على إبطال المجلس الدستوري للقانون، بادر القاضي نصار الى تعميم القرار الذي ينص على التوقف عن ممارسة مهمات المجلس الى حين تعيين العضوين الجديدين معتبراً، بحسب ما ورد في القرار، ان المجلس كرس في قراره ابطال القانون كيانه واختصاصه كسلطة دستورية خاضعة كسواها من السلطات الدستورية ومنها على الأخص مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها والذي يقوم عليه نظام الدولة الدستوري والسياسي. ولفت نصار الى ان اعضاء المجلس الدستوري المؤتمنين على الدستور وأحكامه ومبادئه لاذوا بالصمت وبموجب التحفظ طوال ولايتهم وممارستهم لمهماتهم ونطقوا من خلال قرارات المجلس فقط وهم الحريصون، بل الاكثر حرصاً، على هذه السلطة العليا التي أعطوها حقها كاملاً في الريادة العلمية والحياد المطلق، مؤكداً باسم المجلس الدستوري اعتزازه بصدور قرار الإبطال، الذي لا يعفي مجلس الوزراء من المبادرة الى التعيين، ذلك ان الاعضاء المنتهية ولايتهم وعلى رأسهم رئيس المجلس يتمسكون أشد التمسك بالطابع المبدئي والعام للقرار ويرفضون المساس به والنيل من وهجه وتجييره لأهداف خاصة بعيدة كل البعد من مرتكزاته الدستورية. وأعلن نصار والأعضاء المنتهية ولايتهم في هيئة المجلس الحالية نائب الرئيس مصطفى العوجي وعضو المكتب حسين حمدان، وفوزي ابو مراد وسليم جريصاتي انهم سيوقفون اعتباراً من اليوم أمس عن أداء مهماتهم في المجلس حثاً منهم للسلطة على استكمال تعيين البدلاء من دون إبطاء منعاً لحدوث أي فراغ في هذه السلطة الدستورية. وفي أول رد فعل على القرار أشاد بري به، معتبراً ان القرار دليل احترام المجلس الدستوري للرغبة النيابية بإكمال المجلس وان هذا الأمر الأخير ارتأى عدم دستورية القانون 679. وأيد بري هذا المنحى مؤكداً على مجلس الوزراء ضرورة تعيين العضوين للمجلس الدستوري هذا الاسبوع. وقال:"ان محاولة الهروب الى الأمام بتطيير المجلس الدستوري أو القانون الذي نص على ايجاده أمر فيه خطورة كبيرة على ادعاء الركون الى دولة المؤسسات". من جهته، هنأ رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية روبير غانم القضاة المستقيلين وأعرب بعد اجتماع اللجنة، عن احترامه لقرار المجلس الذي أبطل القانون، لكنه رأى انه"يتطلب تمعناً في دراسته ولم يتسن لنا ذلك بعمق. لكن يمكن القول ان التمديد لمدة سنتين لخمسة أعضاء هو شيء يخل بصلاحيات المجلس الدستوري، لأن القرار الذي يصدر بالنيابة يكون بالأكثرية النسبية، يعني اذا اجتمع سبعة يمكن أربعة أن يقرروا صحة نيابة فلان أو عدم صحة نيابة فلان وهذا شيء فيه خلل". وأضاف:"تم تعيين البعض من المجلس النيابي لكنهم لم يباشروا لأنهم لم يحلفوا اليمين". وسأل النائب وليد عيدو:"هل يجب ان يبقى من في المجلس الدستوري وهم يمثلون فترة سياسية معينة؟"، مشيراً الى إبطال نيابة غبريال المر واعتبر ان قرار المجلس الدستوري يحمل نفساً استفزازياً وخصامياً مع المجلس النيابي. ولا بد من الاشارة في ضوء المواقف النيابية التي صدرت أمس حول المجلس الدستوري، الى ان هناك اختلافاً في وجهات النظر بين بري وبين الغالبية النيابية. وهناك من يعزو السبب الى ان الغالبية سارعت الى إعداد اقتراح قانون معجل مكرر من دون التشاور مع رئيس المجلس، الذي يبدو حتى إشعار آخر انه أقرب الى استكمال تعيين أعضاء المجلس من إعادة النظر في المجلس الدستوري ككل انتهاء بتعيين عشرة أعضاء جدد. وفي هذا السياق علمت"الحياة"ان الاتصالات تسارعت بين بري وبين النواب في الغالبية النيابية في محاولة لانقاذ الموقف من خلال التوافق على آلية تتعلق بالمجلس الدستوري، لا سيما ان اللقاء النيابي الديموقراطي كان وراء اقتراح القانون الذي أبطله المجلس قبل 48 ساعة من قراره بالتوقف عن ممارسة مهماته.