إن سوق الأوراق المالية هي شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري، ومن أهم الأسواق التي تعتمد التكتلات الاقتصادية عليها لتحقيق التكامل عبر التنسيق للتعاون معاً. تتزايد أهمية هذه السوق في الوقت الراهن نظراً للتطورات الهائلة التي أدت الى زيادة من التكامل بين السوق الإقليمية المالية والدولية. وتعتبر البورصة أحد مرتكزات النظام المالي، مهمتها تنظيم أساليب التمويل والاستثمار والتسويق، إما من خلال الأسهم والسندات، التي هي أهم أنواع الأوراق المالية المتداولة فيها، أو من خلال عقود مالية وتجارية متنوعة في مجال البيع والشراء، ما يمثل وثيقة ملكية تضم جزءاً من الشراكة بحسب قيمة الأسهم، فيصبح للمستثمر حق في صرف الأرباح والمشاركة في الجمعية العمومية والتصويت فيها وحقوق أخرى نص عليها القانون. وحتى عام 1989 لم يكن في الوطن العربي سوى 6 بورصات عربية هي: الأردن، الكويت، المغرب، لبنان، تونس، ومصر. واقع بورصة بيروت قام لبنان بإصلاحات مهمة من خلال تطوير وتحديث أسواق الموارد وتعزيز القدرات التنافسية وتطوير أسواق المال، لاجتذاب نسبة اكبر من الاستثمارات ولتشجيع بيئة اقتصادية خصبة وأكثر جاذبية، اتسمت بزيادة الثقة عبر حماية المتعاملين. ما ساعد بتحسن الأداء الاقتصادي ودفع الخليجيين والعرب الى العمل في أسواقنا المحلية سعياً وراء عوائد افضل. ويجب الإشارة هنا الى أن اكثر القطاعات تطوراً في لبنان هما القطاعان العقاري والمصرفي. أعيد في عام 1999 افتتاح بورصة بيروت التي كانت صغيرة الحجم قبل الحرب، واستطاعت إدارة البورصة تفعيل أدائها من خلال اتخاذ بعض الخطوات للتحديث وللتحول الى نظام تداول إلكتروني يساعد في قيام عمليات تداول سريعة عن بعد، ويوفر كل المعلومات والبيانات في شكل سريع لتزويد العملاء بالخدمات المطلوبة، وإعادة تنظيم مؤسسات السوق لتوفير المزيد من الحماية والثقة لتشجيع الشركات الصغيرة على إدراج أسهمها، عبر إدخال أنظمة التداول الإلكترونية بهدف توفير سهولة الاتصال التي تتم من خلال وحدات متخصصة لفتح المجال أمام نجاح التخصيص الذي يساعد في تحسين نشاط البورصة من خلال تشجيع الشركات المحلية والمستثمرين الأجانب على إدراج اسهم شركاتهم أو تداول الأسهم المدرجة في البورصة. وهناك تدابير عدة اتخذت في بورصة بيروت، فأعطت مردوداً جيداً منها عرض اسهم الشركات المدرجة وإرساء نظام التداول المستمر بدلاً من نظام التثبيت. وكانت شركة سوليدير العقارية اللبنانية احدث شركة تنضم الى بورصة الكويت، وطرحت أسهمها في سوق تشهد اتجاهاً صعودياً ولاقت نجاحاً كبيراً. وبناء للتقارير المتوافرة، فقد تبين أنه منذ عام 2000 حتى 2004. حدث تطور واضح في أعمال بورصة بيروت. فقد ارتفعت القيمة الرأسمالية لأسهم الشركات المدرجة من 1238 مليون دولار الى 1981 مليون دولار. ومن اللافت انه لم يلحظ في السوق طلب على اسهم المؤسسات التجارية والصناعية وبقي حجم التداول عليها ضعيفاً. اقتراحات شخصية لتنشيط بورصة بيروت من الواضح أن ما تحقق من عوامل إيجابية هو أقل بكثير من المطلوب. ومن ثم نؤكد أننا ما زلنا نحتاج إلى أدوات تكاملية عدة لضمان تحقيق الهدف: 1- تأمين فرصة تداول الوسطاء من مكاتبهم، ووجود شركات مساهمة عربية تساهم في تنويع الأوراق المالية في البورصة أمام المستثمر للتداول بها وتوظيفها، فهي المحرك الرئيس للسوق للدفع قدماً نحو تحقيق التقدم المنشود. 2- رقابة القطاع المصرفي والنقدي بمرونة بحيث يكون الهدف تسهيل الأمور لإشراك رجال الأعمال والمستثمرين في مختلف مجالات الأنشطة في إطار مخاطرة متزن وصحيح . 3- تشجيع تداول أدوات استثمارية جديدة في السوق المالية مثل صناديق الوحدات أو صناديق راس المال المغامر أو صناديق الاستثمار الجماعي. 4- اتخاذ الكثير من الإجراءات لإعطاء أسواق الأسهم السيولة المطلوبة لتلعب دوراً كبيراً في عملية التنمية الاقتصادية. وذلك لا يتم إلا من خلال وضع قوانين اكثر صرامة لتنظيم السوق وتطوريرها بما يمكنها من تحقيق الأمان في التعامل مع البورصة، وإرغام الشركات المدرجة في أسواق الأسهم على إصدار نتائجها بشفافية تامة في الوقت المحدد. ومن الجدير بالذكر، أن الاتحاد العربي للبورصات اتخذ قراراً بإنشاء أول شركة مقاصة عربية في بيروت برأسمال 10 ملايين دولار، وهي بمثابة نقلة نوعية في مجال توحيد البورصات. المزايا والفوائد 1 - تشجيع انتقال رؤوس الأموال العربية بين البورصات العربية بلا قيود، وضمان تسوية المتعاملين فيها وتبادل المعلومات المتعلقة بنشاطها لنشر الوعي بعمل البورصة بين المواطنين. 2- تسوية التعاملات بين البورصات العربية من جهة، وبينها بين البورصات العالمية من جهة أخرى. 3- تفعيل السوق المالية اكثر وأكثر لجذب المزيد من الشركات لتسجيل أسهمها فيها ما يوفر لها الكثيرمن المزايا والفرص، أهمها الوجود بين المؤسسات المالية والمصرفية المحلية والاقليمية والدولية، وسهولة الوصول والتعامل مع المستثمرين من خلال إصدار أنواع مختلفة من الأسهم مثل الأسهم العادية - الأسهم الممتازة - الأسهم التي لا تملك حق التصويت، واللجوء آلي إصدار زيادة رأس المال، إما من خلال طرح اسهم جديدة للاكتتاب العام أو إصدار سندات الدين بمختلف أشكالها. المعوقات وبناء على التجارب نلاحظ النواقص الآتية: 1- تركيز عمليات التداول على الاحتفاظ باسهم الشركات الواعدة وعدم الاهتمام بالأسهم الضعيفة. 2- كما ان عدم التنوع الكافي في الأسهم المطروحة وتخصيصها، يزيد حتماً درجة المخاطر على المستثمرين ويعرضهم لخسائر مرتفعة لعدم تنويع محافظهم المالية. 3- ما زال حجم رأس المال السوقي صغيراً، كما ان هناك نقصاً بالنسبة الى عدد الشركات المدرجة في البورصة، وضعفاً في حجم التبادلات لعدم توافر المعلومات الكافية لدى المستثمرين. يستنتج من ذلك، أنه من الواضح في عصر التكتلات الإقليمية، ضرورة تكثيف الجهود من اجل اقتصاد قوي ومتعاظم لاستقرار وتعزيز نمو رؤوس الأموال، لتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية خدمة للاقتصاد المحلي. ونأمل في المستقبل بدمج بورصات الأوراق المالية العربية في بورصة عربية واحدة وقوية. * رجل أعمال وخبير اقتصادي.