أحدثت الاستقالة التي تقدم بها وزير الثقافة فاروق حسني إلى الرئيس حسني مبارك ضجة واسعة في مختلف الاوساط السياسية والثقافية في مصر، واشار عدد من المراقبين إلى أنها المرة الأولى التي يتقدم فيها وزير باستقالة من دون أن تُطلب منه. ونقلت مصادر مقربة من حسني ل"الحياة"أنه لم يعد يحتمل"الخداع الضاري"الذي يمارسه البعض"من أصحاب الاقلام ذوي الصوت العالي"في نقدهم لحال الثقافة المصرية، وتأكيده أنه ليس يائساً من الاصلاح، إنما إذا كانت استقالته التي دعا إليها هؤلاء خلال الايام القليلة الماضية عقب حادث قصر ثقافة بني سويف ستساهم في ايجاد اوضاع افضل للثقافة المصرية، فإنه وضع الاستقالة بتصرف الرئيس و"ينتظر قراره أياً كان". وقال حسني إنه كان يعمل على محاصرة انعكاسات حادث بني سويف لأنه"كارثة حقيقية"، وإنه شخصياً صاحب العزاء حيث راح ضحيته"شهداء للثقافة المصرية"، وشدد على أنه يتحمل المسؤولية بالكامل ولا يتهرب منها، وأكد حسني إنه أدى واجبه خلال 18 عامآً بكل امانة واخلاص، ووضع استراتيجية بعيدة المدى للثقافة في مصر، وانجز الكثير الذي سينصفه فيه التاريخ وغالبية المثقفين، ونفى أن تكون الرئاسة أو مجلس الوزراء طلبوا منه التقدم بالاستقالة. وعلمت"الحياة"أن خطاب الاستقالة الذي قدمه حسني والذي لم يبت فيه الرئيس مبارك بعد، تضمن التأكيد على أن حادث بني سويف"بالرغم من أنه مأساوي فقد تم استغلاله سياسياً على نحو يستهدف الادارة"و"يستغل تداعيات الانتخابات والمناخ العام"وأنه"من واجبي أن اضع استقالتي تحت تصرف الرئيس بهدف تخفيف هذه التوترات ومنع تصاعدها". وفي تحرك مضاد، جرت طوال يوم أمس تحركات من عدد من المثقفين لجمع تواقيع على بيان يطالبون فيه الوزير بسحب استقالته ويناشدون الرئيس مبارك عدم قبولها. وعلمت"الحياة"ان حسني كان طلب من رئيس هيئة قصور الثقافة الدكتور مصطفى علوي الاستقالة إلا أن الاخير رفض، ودعا إلى انتظار نتيجة التحقيقات التي تجريها النيابة العامة حول حادث حريق قصر ثقافة بني سويف الذي راح ضحيته 46 من رواد المسرح. واشارت بعض المصادر إلى أن لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم ساندت علوي وهو احد اعضائها البارزين وضحت بفاروق حسني الذي حمل حقيبة الثقافة منذ العام 87 من حكومة عاطف صدقي الثانية وحتى حكومة أحمد نظيف والتي من المفترض أن تتقدم باستقالتها عقب أداء الرئيس مبارك اليمين الدستورية في 27 ايلول سبتمبر الجاري. وكانت انباء ترددت عن أن حسني أحد اربعة وزراء رشحوا للخروج من الحكومة وهم وزير الطيران المدني أحمد شفيق ووزير التموين حسن خضر ووزير الاسكان ابراهيم سليمان، ويبدو أن حسني الذي وصل الى منصبه بضجة هائلة في الوسط الثقافي سيغادره ايضاً بضجة بسبب استقالته، ولكن سيحسب له أنه استجاب للرأي العام في كارثة قصر ثقافة بني سويف. وكان عدد من المثقفين بصدد ارسال برقية إلى الرئيس مبارك تدعوه لمحاكمة حسني وعلوي. ودعت حركة"أدباء وفنانين من اجل التغيير"إلى وقفة احتجاجية صامتة أمام مقر نقابة الصحافيين واشعلوا شموعاً قرابة الساعة ثم عقدوا مؤتمراً تحدثوا فيه عن محرقة بني سويف، واصدرت الحركة بياناً تحت عنوان"لا لاتهام الشموع ولا لتحويل الضحايا الى جناة". ووصف البيان الكارثة بأنها محصلة مباشرة ومنطقية لسياسة ثقافة الاستعراض والإبهار السطحي التي صارت تحكم العمل الثقافي الآن، وحمل البيان وزراء الثقافة والصحة والداخلية ورئيس هيئة قصور الثقافة مسؤولية ما حدث بسبب الاهمال الجسيم، وقررت الحركة تشكيل جماعة 5 ايلول سبتمبر للدفع نحو محاكمة المسؤولين عن الحادث.