تعهد ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية، بعبارات صريحة وواضحة، تسريع إجراء إصلاحات سياسية واسعة، وصولاً إلى أنظمة وقيم"الحكم الرشيد"بهدف إزالة حال الإحباط العامة. ولخص رئيس قمة مكة الاستثنائية الثالثة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز"القيمة العالية"لنتائج القمة، حين هنأ الزعماء المشاركين ورؤساء الوفود الذين يمثلون 57 دولة إسلامية:"على استجابتكم لنداء الأمة، وجاءت قراراتكم بداية صفحة مشرقة، جديدة في تاريخ الأمة". وأضاف في نهاية الجلسة الختامية بأنها:"صفحة من التسامح والمحبة والاتحاد، تفتح أبواب الأمل لكل مسلم ومسلمة في مشارق الأرض ومغاربها". ولم تترك القمة قضية أساسية كان"تجاهلها"سبباً في الوضع الذي يعيشه العالم الإسلامي في الداخل، أو اثار مشكلات مع الخارج، إلا وناقشتها واعتمدت التوصيات لعلاج مسبباتها. راجع ص 4 واعتمد الزعماء، بحسب البيان الختامي،"وثيقة مكة"التي تعد خطة عمل على مدى عشرة أعوام لإجراء إصلاحات واسعة وشاملة يواجه بها المسلمون تحديات القرن ال21 ومخاطره. وجرّم قادة العالم الاسلامي كل ممارسات الإرهاب وتمويله والتحريض عليه، ودعوا الى تطوير أنظمة وقوانين محكمة لمكافحته. وطالب القادة المسلمون الأسرة الدولية بتنسيق الجهود من خلال سرعة إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي أقره مؤتمر الرياض الدولي. وحصل العراق على الدعم الإسلامي الذي كان ينشده. وتجدد الموقف من إسرائيل ومطالبة المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حقيقية عليها لمنح الفلسطينيين حقوقهم كاملة، والانسحاب من الأراضي العربية، بما فيها مزارع شبعا اللبنانية. وظهرت النتائج باكرة على نجاح وصف ب"الاستثنائي"للقمة التاريخية التي دعا اليها الملك عبدالله لمواجهة التحديات وحال التشرذم الإسلامي، باعتماد القمة خطة العمل العشرية لإصلاح الدول الإسلامية في ثلاثة مسارات رئيسية تغطي كل مجالات الخلل والتخبط، وكذلك اعتماد مشروع إصلاح منظمة المؤتمر الإسلامي ومد أمينها العام بصلاحيات أوسع تتيح التمثيل الذي يتناسب مع المرتبة الثانية لكبرى المنظمات الدولية بعد الأممالمتحدة. وشارك الرئيس المصري محمد حسني مبارك في الجلسة الثالثة والختامية، بعدما غاب عن اليوم الأول بسبب الانتخابات في بلاده. وتبعاً لاعتماد"وثيقة مكة التاريخية"وهي خطة إصلاح شاملة لحكومات الدول الإسلامية، فإن البيان الختامي الذي تلاه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإٍسلامي تحدث عن إصلاحات رئيسية، ما يعد سابقة تاريخية يتعهد بموجبها زعماء العالم الإسلامي مجتمعين بتطبيقها وتطوير أنظمة وقوانين بلادهم بمقتضاها، وهي تشمل توسيع الحريات العامة وفي مقدمها حرية التعبير، وتعظيم قيمة الشفافية الحقيقية والمحاسبة، ومحاربة الفساد، وصولاً إلى تعميق القيم الإسلامية. ونددت القمة بالجرأة على الفتوى ممن ليس مؤهلاً لها، معولة على دور المجمع الفقهي الإسلامي"في تشكيله الجديد"لمعالجة ما ترسب من أخطاء متراكمة على مر السنوات. وفي الوقت الذي خصصت جلسات العمل الثلاثي للقمة للاستماع إلى كلمات الدول المشاركة التي أكدت تأييد دعوة الملك عبدالله الى الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف ونشر الوسطية المتميزة للإسلام، كانت ردهات القمة تشهد العديد من اللقاءات الجانبية بين قادة الوفود، ومنها لقاء للرئيس العراقي جلال طالباني مع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، قال وزير خارجية العراق هوشيار زيباري انه تناول القضايا العراقية العالقة مع سورية، ومنها تسلل إرهابيين إلى العراق عبر الحدود السورية. وأوضح الوزير العراقي"اننا لم نحصل على أي موقف سوري جديد بالنسبة إلى هذه القضايا". واللقاء الأهم الذي شهدته القمة كان لقاء خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الإيراني احمدي نجاد ليل أول من أمس، والذي استغرق نصف ساعة. وفي مؤتمر صحافي وصف الرئيس الإيراني اللقاء بأنه"إيجابي"وبأنه"لقاء بين أشقاء ودولتين مهمتين لهما دورهما إسلامياً ودولياً". واصطحب العاهل السعودي بعد اختتام القمة ضيوفه إلى الحرم المكي الشريف، حيث طاف معهم حول الكعبة المشرفة.