واصل"المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"، أمس، تثبيت سلطته في نواكشوط بعد الانقلاب الذي نفّذه ضد الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع الأربعاء الماضي. وأعلن المجلس تعيين السيد سيدي محمد ولد بوبكر رئيساً لحكومة انتقالية خلفاً لرئيس الوزراء الموريتاني السيد صغير ولد مبارك. وقالت مصادر المجلس العسكري ان الصغير قدم أمس الأحد استقالته واستقالة حكومته إثر لقاء مع رئيس المجلس العقيد أعلي ولد محمد فال. وولد بوبكر وزير وسفير سابق ومن اعمدة الحزب الجمهوري الحاكم. واعلن هذا الحزب بعد ظهر امس تأييده للمجلس العسكري. وكان المجلس العسكري الحاكم أعلن السبت قراراً مفاجئاً بتقليص مهمته إلى عام واحد يتم خلاله إعادة بناء المؤسسات الرسمية عن طريق"انتخابات عامة حرة ونزيهة"، على أن لا يترشح لها أعضاء المجلس العسكري. وكان المجلس أعلن يوم تنفيذه الانقلاب، الأربعاء الماضي، أنه منح نفسه مدة عامين حداً أقصى لإعادة بناء مؤسسات البلاد. وأعلن رئيس المجلس العسكري العقيد ولد محمد فال، خلال لقائه رؤساء الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات ورجال الأعمال، السبت، ثلاثة قرارات بارزة هي أن المجلس العسكري"قرر عدم اتخاذ أي قرار إلا بعد الرجوع إلى القوى السياسة في البلاد وبالتشاور معها"، وان المجلس"يعتقد أن سنتين فترة طويلة وبالتالي قرر إجراء انتخابات شفافة ونزيهة خلال عام واحد لا يكون المجلس العسكري طرفاً فيها"، وأخيراً قرر تشكيل"حكومة انتقالية"في أسرع وقت ممكن تتولى مقاليد الحكم. وحضر الاجتماع ممثلون عن أكثر من عشرين حزباً سياسياً كان من بينهم السيد أحمد ولد داداة رئيس حزب تكتل القوى الديموقراطية المعارض والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة عام 2003، والسيد محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض. وحضر عن الحزب الجمهوري الذي يقوده الرئيس المخلوع ولد الطايع كل من أمينه العام السيد بلاه ولد مكية ورئيس مجلس الشيوخ الذي حله المجلس العسكري قبل يومين السيد جينغ مامادو افاربا. وعبر العقيد ولد محمد فال في كلمته أمام الحضور عن شعور قادة الجيش والأمن بالخيبة خلال الفترة الماضية جراء استمرار الحكم الواحد"على رغم انتشار الديموقراطية في البلاد المجاورة"، لافتاً إلى أن"الديموقراطية التي بدأتها البلاد بداية التسعينات لم تكتمل نتيجة أن الحزب الجمهوري وهو كان أحد أعضائه في السابق انحرف بهذه الديموقراطية وأوصلها إلى طريق مسدود، وكان لوجود رئيس الدولة على رأس هذا الحزب دور كبير في القضاء على الديموقراطية التي كان الموريتانيون يحلمون بها". وتناول رئيس المجلس العسكري في كلمته التي لم تعقبها مناقشات بين قادة الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني ورجال الأعمال، الأوضاع في البلاد. وقال:"لقد وصلت الديموقراطية في موريتانيا نتيجة للظلم والاستبداد إلى طريق مسدود وسارت البلاد في السنوات الأخيرة نحو الهاوية". وأضاف:"ظهرت جماعات عسكرية تريد إسقاط الحكم وأصبحت البلاد تتجه في شكل سريع نحو الحرب الأهلية والصوملة الوضع في الصومال، فكان هناك خياران لا ثالث لهما: إما أن تسير موريتانيا إلى الهاوية وتتفكك الدولة وتتلاشى، أو يحدث تغيير وانقلاب وهو ما اختاره أعضاء المجلس العسكري"يوم 3 آب أغسطس 2005. وكشف أن أعضاء المجلس العسكري الحاكم"لن يسمح لهم بالترشح للرئاسة ولا لعضوية البرلمان"، لافتاً إلى أن المجلس سيعمل قريباً على تشكيل حكومة انتقالية هدفها إرساء"ديموقراطية حقيقية". وأصدر المجلس العسكري أيضاً ميثاقاً دستورياً يحدد تنظيم وسير عمل السلطات العمومية الدستورية طوال مدة الفترة الانتقالية، وتضمن تعهداً أمام الشعب الموريتاني"بخلق الظروف المواتية لديموقراطية نزيهة وشفافة وبإقامة مؤسسات ديموقراطية حقيقية بعد استكمال فترة انتقالية لا تتجاوز سنتين"، واحترام كل التعهدات الدولية المتخذة باسم الدولة، بما فيها انضمامها للمبادئ المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. الى ذلك، قرر المجلس العسكري، أمس، إطلاق سجناء إسلاميين، وهو أمر كان مرتقباً منذ أيام. ولاقى قرار الإفراج ترحيباً واسعاً داخل المجتمع الموريتاني. وكان مئات المواطنين من ذوي السجناء ومناصري التيار الإسلامي تجمهروا أمام السجن المركزي منذ صباح أمس متوقعين الإفراج عن السجناء. وخرجت دفعة أولى بلغت 12 شخصاً كان من بينهم السيد محمد الأمين ولد الحسن، قبل أن تعقبها دفعة ثانية كان من ضمنها الوجه الإسلامي المعروف الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي خرج من السجن المركزي وسط تدافع شديد من قبل مئات من أنصار التيار الإسلامي الذي توافدوا على السجن. وبمجرد الإفراج عنهم انتظمت مسيرة يتقدمها الشيخ ولد الددو وبقية المفرج عنهم وتضم آلاف المواطنين، وانطلقت من أمام السجن في اتجاه المطار. ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات عدة تطالب بالعدل والديموقراطية وتحيي"التغيير"الذي حصل في البلاد. وذكرت وكالة"الأخبار"المستقلة الموريتانية أن القيادي الإسلامي المعروف السيد محمد جميل ولد منصور أفرج عنه وأنه في طريقه إلى العاصمة نواكشوط. وكان ولد منصور محتجزاً في مدينة روصو منذ السبت بعد دخوله الأراضي الموريتانية آتياً من السنغال بعدما طارده النظام السابق طوال الشهور الثلاثة الماضية. وعلى رغم قرار إطلاق السجناء الاسلاميين، أفادت مصادر موريتانية أن المجلس العسكري قرر الإبقاء على 20 سجيناً من تيار"السلفية الجهادية"رهن الحبس الموقت في انتظار استكمال التحقيقات معهم حول مزاعم صلتهم ب"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية التي تبنت هجوماً على ثكنة لمغيطي شمال البلاد مطلع حزيران يونيو الماضي، ما أسفر عن مقتل وجرح عشرات العسكريين.