سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حركة "فرسان التغيير" غير ممثلة في الهيئة الحاكمة وضمانات لإسرائيل لتجنب ردود فعل دولية غاضبة نواكشوط : "المجلس العسكري" يثبت سلطته ومساع لتشكيل حكومة وفاقية
أفادت مصادر ديبلوماسية أن"المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"الذي نفّذ"انقلاباً أبيض"ضد الرئيس معاوية ولد الطايع أول من أمس، تمكن من كسب دعم قادة النواحي العسكرية في موريتانيا، في شكل يقلل من التكهنات بقدرة الرئيس المخلوع على الاستعانة بالقوات المسلحة الموالية له لإنهاء التمرد. وقال ديبلوماسي عربي في اتصال هاتفي مع"الحياة"من باريس، أمس، إن"قرار الانقلاب اتخذ على ما يبدو بإجماع"القادة العسكريين، مشيراً إلى أنهم يقولون انهم أطاحوا الرئيس معاوية ل"إقامة حكم ديموقراطي وإنهاء حال الفساد". ولفت المصدر إلى أن الوضع يبدو الآن تحت سيطرة الانقلابيين في شكل كامل في الولايات. واضاف أن العسكريين يحاولون تطبيع الوضع في شكل سريع، لافتاً إلى أنهم حرصوا على عدم اعلان حال الطوارئ في البلاد سواء في النهار أو الليل، وتجنبوا أيضاً نصب حواجز مراقبة للحركة وهي الإجراءات التي كانت تعتمد في السابق لمحاولة التحكم في الأوضاع. وأكد أن الرئيس الطايع لا يزال في نيامي، عاصمة النيجر، برفقة رئيس ديوانه الذي كان يقود في السابق هيئة أركان الجيش والذي فشل على الأرجح في إقناع قادة النواحي العسكرية بالتدخل لإعادة الشرعية في البلاد. وشهدت العاصمة نواكشوط منذ الساعات الأولى من الصباح حال الهدوء وكانت الحركة عادية بعد ليلة صاخبة خرج فيها آلاف المتظاهرين للتعبير عن فرحتهم بإنهاء حكم الرئيس معاوية. وجابت السيارات أبرز الشوارع وردد شبان هتافات ترحب بما سموه انتهاء"عهد الديكتاتورية". وطالب العديد من المتظاهرين بضرورة غلق مبنى السفارة الإسرائيلية الذي وضعت بجواره تعزيزات أمنية كبيرة لتجنب تعرضه لأي اعتداء. وبادر العسكريون الذين يسيطرون على الوضع إلى تخفيف القوات التي نُشرت الأربعاء أمام المؤسسات الاستراتيجية، مما شجع السكان على استعادة الحياة الطبيعية. وبدأت المحلات وحتى الإدارات الحكومية التي أغلقت بعد الانقلاب في النشاط في شكل تدريجي. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن مصادر استشفائية أنه لم تسجل أي أحداث عنف أو قتلى أو جرحى خلال"الانقلاب الأبيض". وقالت مراجع جزائرية ان الانقلابيين في نواكشوط يعملون حالياً على إشراك كل القوى في البلاد بما في ذلك الحزب الحاكم في المشاورات التي ستنطلق قريباً لتشكيل"حكومة وفاق وطني تتولى إدارة شؤون البلاد". وأكدت أن قيادة"المجلس العسكري"التي تسيطر على الوضع في شكل كامل، تحرص على تجنب ردود فعل دولية غاضبة. وفسّرت تعهد المجلس بالمحافظة على الاتفاقات والمواثيق الدولية التي وقعتها موريتانيا، بأنه يعني إبقاء العلاقات مع تل أبيب. ورجح ديبلوماسي جزائري أن يكون الانقلابيون أبلغوا سفير إسرائيل في نواكشوط بوعاز بيسموط حرصهم على الإبقاء على العلاقات مع تل أبيب. ولا يعرف إن كان ذلك مجرد مناورة أم هو توجه حقيقي، علماً أن حركة"فرسان التغيير"المعارضة، والتي تتشكل من ضباط في الجيش حاولوا تنفيذ أكثر من محاولة انقلاب في السنتين الماضيتين، تعترض أساساً على إقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل. ردود فعل موريتانية وقال رئيس الحزب الجمهوري الحاكم السيد بلاه ولد مكيه إن حزبه فوجئ بمحاولة الانقلاب على"الشرعية الدستورية"، وطالب كل القوى السياسية والأحزاب وهيئات المجتمع المدني"بالوقوف في وجه المحاولة ورفضها". وأكد تمسك حزبه بالرئيس ولد الطايع الذي قال إنه يمثل خيار الشعب. واعتبر"التجمع الموريتاني من أجل التغيير"المعارض ومقره في كندا أن الانقلاب"حقيقة يجب التعامل معها رغم اختلافها مع مبادئ التنظيم في الحرص على التغيير بوسائل سلمية". وهنأ الشعب الموريتاني على اطاحة نظام ولد الطايع وطالب التجمع قادة الانقلاب"بالوفاء بما تعهدوا به حول الديموقراطية في أسرع وقت وكذلك بإطلاق سراح السجناء ومحاكمة مرتكبي الجرائم الإنسانية". إلى ذلك أشارت مصادر إعلامية إلى تقدم المفاوضات مع الرائد صالح ولد حنينا، المتهم بتزعم محاولات انقلاب عامي 2003 و2004، بهدف إقناعه بجدوى دعم الحركة التي قام بها ضباط الجيش الموريتاني ودعم هذه الحركة داخلياً وفي الخارج. لكن المجلس العسكري الذي كُشف كامل أعضائه لم يشمل في النهاية ضباطاً محسوبين على حركة"فرسان التغيير"التي قامت بمحاولة انقلابية فاشلة في حزيران يونيو 2003. ويقضي الرائد صالح ولد حنينا عقوبة السجن المؤبد. وأشارت مصادر موريتانية الى أن غالبية الوزراء الذين كانوا يعملون في حكم الرئيس معاوية عادوا إلى مكاتبهم بطلب من قيادة"المجلس العسكري"، في خطوة تهدف إلى محاولة ترك الانطباع بأنها حريصة على ضمان التعايش بين مختلف مؤسسات البلاد بعد تنحية رئيس البلاد. وتجمع ظهر الخميس عشرات من أهالي السجناء أمام السجن المدني في نواكشوط ترقباً لإطلاقهم بعدما ترددت معلومات عن قرار وشيك من"المجلس العسكري"بالإفراج عن السجناء المدنيين والعسكريين. وكان مئات تجمعوا مساء الأربعاء أمام السجن على أمل الإفراج عنهم أيضاً. ونقلت وكالة"الأخبار"المستقلة الموريتانية عن مصادر عسكرية تأكيدها قرب إطلاق جميع السجناء وأن المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية الذي يحكم البلاد قرر الإفراج عنهم. ويوجد عشرات السجناء من أنصار التيار الإسلامي في السجن المركزي من أبرزهم العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو والعلامة الشيخ محمد الأمين ولد الحسن والسفير السابق الدكتور المختار ولد محمد موسى، كما يوجد في السجن نفسه عشرات العسكريين والمدنيين ممن حكمت عليهم المحكمة بالسجن لمشاركتهم في محاولات انقلابية سابقة وفي مقدمة هؤلاء الضابطان صالح ولد حنينا وعبدالرحمن ولد ميني.